سحر الجعارة
1 - «المشهد الأول»: مكتب مديرة قناة «آرتينز» الأستاذة «ليالى بدر»، فى مبنى قنوات Art، يدخل «عمرو خالد» مصطحباً فى يده الفنان «أحمد الفيشاوى» ليقول للشباب المجتمعين -بسماجته المعهودة- «أحمد لم يتحجب».. ثم يبدأ النقاش بين شباب برنامج «اسمعونا» -الذى كنت مستشاراً صحفياً له- وبين الداعية الذى أصبح المستشار الدينى للقنوات أو للشيخ «صالح كامل» لا فرق. «عمرو» ضيف الحلقة القادمة، والشباب يحاصرونه بالأسئلة تحضيراً للحلقة، انتهى الاجتماع وهمست لصديقتى «ليالى»: «سوف أجهز ضيفاً آخر، فعمرو لن يأتى، لقد اعتاد على جمهور يبكى خلفه (فاقد الوعى)، أما هؤلاء الشباب فسوف يكشفون حقيقته على الشاشة ويتعرى أمام جمهوره».. استنكرت السيدة المديرة بحكم أنها تتعامل مع «مسئول فى إدارة المحطة».. وفى الصباح كنت أشرب معها القهوة.. هى تتعجب وتستنكر، وأنا أضحك من ضآلة حجمه وجبنه أمام مجموعة شباب فى الجامعة!

2 - «الولد للفراش»: المشهد السابق كان تمهيداً لكشف علاقة الفيشاوى بخالد أثناء أزمته الشهيرة ورفضه لنسب ابنته من «هند الحناوى».. ولم يكن «عمرو» وحده من حرّض «الفيشاوى» على رمى لحمه وعرضه وشرفه فى الشارع.. لقد أفتى «صفوت حجازى» لأحمد بإجهاض وقتل ابنته والتى كانت جنيناً وقتها مقابل إعطائه ثمن 60 ناقة ليوزعه بنفسه على الفقراء كى يكفّر عن معصيته، حسبما أكده والده فاروق الفيشاوى خلال حواره على فضائية «القاهرة والناس» (!!).

كنت -آنذك- متعاطفة مع «هند» وأسرتها، وحضرت سبوع «لينا»، كنت أكتب عن القضية وأنا مصدومة فى مجتمع يتآمر بأكمله على طفلة لا تعرف إلا دقات قلب أمها، وفوجئت بأحمد يظهر فى برنامج «البيت بيتك» ليعترف فجأة بأنه أقام علاقة «زنا» مع «هند» لكنه لم يتزوجها عرفياً.. لماذا؟.. لأن «الزنا لا يثبت النسب» كما نصحوه!!.

تداولت المحاكم القضية الشهيرة ورفض الأب القيام بتحليل DNA، وحكمت المحكمة بصحة الزواج العرفى وبالتالى نسب لينا لأبيها.. وكانت المرة الأولى التى نسمع فيها الحديث الشريف «الولد للفراش وللعاهر الحجر».

3 - «الولد لتحليل الـDNA»: لم تكن قضية «الفيشاوى» هى الأولى أو الأخيرة فى قضايا إثبات النسب، لقد تجاوز الواقع الخيال السينمائى حين وقف «العلم» فى مواجهة «الشرع»!.. كيف توفق بين الحديث الشريف ومصلحة الطفل؟.

بحسب الدكتور «على جمعة» فإنه لا يجوز إثبات النسب من الزنا حتى لا تشيع الفاحشة، فإن ادعى الزانى أو ادعت الزانية أنهما تزوجا فقد يقبل القاضى بهذا الادعاء ويثبته «شرعاً وقانوناً»!. أما دار الإفتاء المصرية فتفسر نفس الحديث الشريف فى الفتوى رقم 3060 بتاريخ 30 /4/ 2009، بأن «الفقهاء اتفقوا على أن ولد الزنا يثبت نسبه من أمه التى ولدته، وذلك لأن الأمومة علاقة طَبَعِيَّة، بخلاف الأبوة فهى علاقة شرعية، فلا تثبت أبوة الزانى لمن تَخَلَّق مِن ماء زناه».. وهنا يصطدم الشرع بالقانون الوضعى الذى لا يسمح بتسجيل الطفل باسم أمه.

4 - «قضية شرف»: فى القضية رقم 38590 اتهم «محمد» زوجته بـ«الزنا»، علاوة على قضية أخرى فى محكمة الأسرة لرفع اسمه من الأوراق الشخصية الخاصة بأطفاله الثلاثة، مستبعداً تطليقها قبل الحصول على حقه القانونى منها، حتى لا يتعرض للاتهام بالتشهير.. لقد تأكد الزوج المخدوع من خيانة زوجته، وأجرى تحليل الـDNA فى معامل وزارة الصحة، وكانت صدمته مروعة حين علم أن الثلاثة أبناء ليسوا من صلبه.

حاولت الزوجة المناورة برفع قضية خلع بعد علمها بحصولها على أوراق رسمية تثبت نسب أبنائه، حتى أُصدر حكم تاريخ 22/9/2019 بـ3 سنوات سجن وكفالة 20 ألف جنيه، ما تسبب فى اختفائها تماماً عن الأنظار، دون تطبيق الحكم ضدها. يقول الزوج إن المحكمة حكمت على الزوجة الخائنة هى وعشيقها بالسجن 3 سنوات فى تهمة الزنا، بينما ما زالت قضية إنكار النسب قائمة، والتى صدر فيها حكم أول درجة، والذى حكم بأن طفل الفراش لأبيه، موضحاً أن حديث طفل الفراش له ظروفه وملابساته وواقعته، أما حالته فلا ينطبق عليها حالة طفل الفراش، حيث إن هناك تقريرين طبيين يثبتان أن الأبناء ليسوا أبناءه، بالإضافة إلى أن هناك شخصاً اعترف بجريمة الزنا مع الزوجة الخائنة، ما يؤكد عدم نسب هؤلاء إليه (!!).

5 - «سوق البورنو»: فى الجاهلية مارس العرب ما يشبه حفلات الجنس الجماعى، وهو ما يُعرف لدى رواة التاريخ بنكاح الرهط، ويُقصد به أن يجتمع عدد من الرجال لا يزيدون على الـ9، ويكون بينهم اتفاق على الاتصال جنسياً بامرأة واحدة، ويتناوبون على المرأة، والغريب فى الأمر أن المرأة الموطوءة كانت إذا حملت وأنجبت اختارت من تراه مناسباً لأبوة ولدها دون أن يكون له حق فى الرفض.. فهل المفروض أن تكون هذه طريقة إثبات النسب الآن؟!. إننا نتعامل مع إثبات النسب كمن يشق بطن الحامل ليعرف نوع الجنين ولا يعترف بوجود السونار!. نتعامل مع الطفل وهو «الضحية» وكأنه فضيحة تسير على قدمين، مفروض عليه أن يسدد ثمن خطيئة أمه مدى الحياة.. نتعامل مع العلم والقانون وكأنهما بدعة من عمل الشيطان.. أنا -فقط- أريد ممن يطالب بحجية هذا الحديث الشريف «وحده» فى إثبات النسب أن يعيش فى خيمة ويقضى حاجته فى الخلاء ويتداوى ببول الإبل.. وأن يتزوج بابنته «من الزنا» على مذهب «الشافعية».
نقلا عن الوطن