سليمان شفيق
أديب يريد حكومة اختصاصيين وحزب الله يضع عراقيل
في تطور مفاجئ حدث ان انتقد البطريرك الماروني بشارة الراعي الأحد مطلب الثنائي الشيعي، متسائلا "بأي صفة تطالب طائفة بوزارة معينة كأنها ملك لها، وتعطل تأليف الحكومة، حتى الحصول على مبتغاها".

فكان رد الشيعة،ان استنكر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، المرجعية الشيعية الأعلى في لبنان: "ما صدر عن مرجعية دينية كبيرة بحق الطائفة الإسلامية الشيعية"، وأسف "لما انحدر إليه الخطاب من تحريض طائفي يثير النعرات"، في إشارة ضمنية إلى موقف البطريرك.
هكذا تحول الصراع اللبناني من الخلاف السياسي الي خلاف ديني .

من جهة اخري قال الرئيس اللبناني ميشال عون امس الاثنين في خطاب تلفزيوني إن بلاده تواجه أزمة في تشكيل الحكومة، موضحا أنه "مع تصلب المواقف لا يبدو في الأفق أي حل قريب". واقترح عون إلغاء نظام المحاصصة الطائفية في الوزارات الرئيسية، وأضاف: "مع تصلب المواقف لا يبدو في الأفق أي حل قريب وحذر الرئيس اللبناني من أن البلاد تتجه نحو "جهنم" في حال عدم توافق القوى السياسية على تشكيل الحكومة

وخلال مؤتمر صحفي بعد الظهر، قال عون، الذي يُعد أحد أبرز حلفاء حزب الله السياسيين: "نحن اليوم أمام أزمة تشكيل حكومة، لم يكن مفترضا أن تحصل لأن الاستحقاقات التي تنتظر لبنان لا تسمح بهدر أي دقيقة".

وردا على سؤال عما ستؤول إليه الأمور في حال عدم التوافق، أجاب عون "طبعا إلى جهنم". وشدد على أن "التصلب في الموقفين لن يوصلنا إلى أي نتيجة، سوى المزيد من التأزيم". وعرض حلا يتمثل بـ"إلغاء التوزيع الطائفي للوزارات ’السيادية".‘
 
حزب الله وحركة أمل مصران على التمسك بحقيبة المال
لكن مساعي التشكيل تراوح مكانها مع إصرار الثنائي الشيعي ممثلا بحزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، وحليفته حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبية بري بوزارة المالية، الامر الذي تختلف علية كل القوي اللبنانية الاخري خاصة زعيم تيار المستقبل سعد الحريري للمرة الاولي منذ سنوات يتم خلاف سني شيعي .  

ومنذ تكليفه بتشكيل الحكومة نهاية الشهر الماضي، عشية زيارة ماكرون للبنان، زار مصطفى أديب رئيس الجمهورية أربع مرات من دون عرض أي تشكيلة حكومية.

وطالما شكل التوافق بين المكونات الأساسية شرطا لتشكيل الحكومات في لبنان، الذي يقوم على المحاصصة الطائفية، في مهمة صعبة تستغرق عدة أسابيع أو حتى أشهر.

وكتبت صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله  امس الاثنين أن الأزمة دخلت "مرحلة مراوحة بعدَ توقف الاتصالات في اليومين الماضيين بينَ الأطراف السياسية".

من جهتة قال رئيس الوزراء اللبناني المكلف، مصطفى أديب،أمس الاثنين، إن بلاده "لا تملك ترف إهدار الوقت وسط كم الأزمات غير المسبوقة"، مطالبا بالإسراع في تشكيل حكومة جديدة، تضطلع بمهمة إخراج البلاد من أسوأ أزمة تعيشها منذ نهاية الحرب الأهلية.

وقال أديب: "إن أوجاع اللبنانيين التي يتردد صداها على امتداد الوطن وعبر رحلات الموت في البحر، تستوجب تعاون جميع الأطراف من أجل تسهيل تشكيل حكومة مهمة محددة البرنامج".

وأكد أنه لن يألو جهدا من أجل "تحقيق هذا الهدف بالتعاون مع رئيس الجمهورية ميشال عون"، متمنيا على الجميع "العمل على إنجاح المبادرة الفرنسية فورا ومن دون إبطاء".

وانقضت في 15 سبتمبر الجاري مهلة تم الاتفاق بشأنها مع فرنسا لتشكيل حكومة جديدة في لبنان، وطلب أديب تمديد هذه المهلة. وقد أعربت باريس عن أسفها من عدم الإلتزام بهذا الموعد.

 وتقود باريس جهود إنقاذ لبنان من الانهيار الاقتصادي، وعبرت عن غضبها مما يجري في البلاد، ونصحت بيروت بالتحرك "من دون تأخير".
ويصر الثنائي الشيعي ممثلا بحزب الله وحليفته حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، على تسمية وزرائهم والتمسك بحقيبة المالية.

ويعرض أديب هذا الأمر، ويصر على تشكيل حكومة اختصاصيين بمهمة محددة، بناء على ما التزمت به القوى السياسية أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ورغم الحديث عن وصول التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي إلى توافق بشأن منصب وزارة المالية، فإن أي تطور بشأن قرب الانتهاء من تشكيل الحكومة لم يحدث بعد.

هكذا فشلت المشاورات التي أجراها الرئيس اللبناني خلال الأيام الماضية في تحقيق أى تقدم فى مجال حل العقبات الثلاث الأساسية، والتي تتعلق بحجم الحكومة الجديدة، حيث يرغب "أديب" بتأليف حكومة مصغرة من 14 وزيرا في مقابل إصرار قوى السلطة على توسيع العدد لتوزير المحسوبين عليهم، وعملية اختيار أسماء الوزراء في ظل رغبة رئيس الوزراء المكلف باختيار فريقه الوزاري بينما يريد فريق السلطة المشاركة في اختيار الأسماء، إلى جانب العقدة المتعلقة بوزارة المالية والوزراء من الطائفة الشيعية.

ويسعى مصطفى أديب لتشكيل حكومة تكنوقراط من المستقلين غير منتمين للقوى والتيارات والأحزاب السياسية، باعتبار أن حكومته هي حكومة إنقاذ كما أنه في نفس الوقت لا يريد معركة مع أحد أو اشتباكا سياسيا مع ثنائي حزب الله وحركة أمل، ولا يريد السير بوجه طائفة أو أي طرف.

بدوره، قال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري، إن وزارة المالية وغيرها من الحقائب الوزارية ليست حقاً حصرياً لأي طائفة في البلاد، في إشارة إلى قضية تمثل جوهر خلاف حول تشكيل الحكومة الجديدة.

وذكر الحريري على "تويتر" أن رفض فكرة تداول السيطرة على الوزارات يحبط "الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان واللبنانيين"، في إشارة إلى مساعٍ فرنسية لحمل الزعماء اللبنانيين على تشكيل حكومة جديدة وتبنّي إصلاحات

وكشفت تقارير صحفية أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أوعز إلى الجهات المعنية بتأليفها بأنه يرغب في تمديد المهلة التي كان قد حددها

من جانبه، أكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط أن الجهود التي تقودها فرنسا لإخراج لبنان من الأزمة هي الفرصة الأخيرة لإنقاذ البلاد، فيما بدا تحذيرا للرئيس ميشال عون وحليفيه حزب الله وحركة أمل من أن القادم أسوأ في حال تم عرقلة المبادرة الفرنسية

وكتب جنبلاط على موقعه على تويتر "يبدو أن البعض لم يفهم أو لا يريد أن يفهم بأن المبادرة الفرنسية هي آخر فرصة لإنقاذ لبنان ومنع زواله كما قال وزير خارجيتها (جان إيف لودريان) بكل وضوح.".

 ولفت الزعيم الدرزي إلى عودة "كبار الفرقاء إلى لعبة المحاصصة مع إدخال أعراف جديدة دون الاتصال بأحد يقودها هواة جدد على الساحة. وشكرا للسيد بومبيو على لزوم ما لا يلزم"، في غمز إلى تصريح لوزير الخارجية الأمريكية حذر فيها باريس من أن حزب الله سينسف جهودها في لبنان.