سليمان شفيق
د ايمن الرقب : تصريحات عباس دغدغة للمشاعر
بعد إعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أن السلطة "في حِلّ من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية"، تطرح أسئلة كثيرة نفسها ولعل أبرزها: ماذا يعني هذا الإعلان؟ ما هو الجديد في إعلان عباس الذي سبق وأعلن قطع العلاقات مع إسرائيل؟ وهل يمكن تصنيف هذه التصريحات في إطار التهديد أم أن السلطة ستبدأ فعلا التنفيذ؟

جاء ذلك ردا على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام، وعلى إعلان إسرائيل مخططات لضم أراض من الضفة الغربية، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية في رام الله، إنّ السلطة الفلسطينية أصبحت "في حِلّ من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية" ومن "جميع الالتزامات المترتبة على تلك التفاهمات والاتفاقات، بما فيها الأمنية"، معتبرا أن ضم أراض في الضفة الغربية يقوض فرص التوصل للسلام.

وتابع عباس "على سلطة الاحتلال الإسرائيلي ابتداء من الآن، أن تتحمل جمع المسؤوليات والالتزامات أمام المجتمع الدولي كقوة احتلال في أرض دولة فلسطين المحتلة، وبكل ما يترتب على ذلك من آثار وتبعات وتداعيات، استنادا إلى القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وبخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.

وكان عباس قد هدد مرارا بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وأعلن قطع "كل العلاقات" مع إسرائيل والولايات المتحدة عقب إعلان خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام.

في زيارة خاطفة هي الأولى له إلى الخارج منذ حوالي شهرين، وصل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى إسرائيل الأربعاء الماضي واجري محادثات حول مخطط إسرائيل المثير للجدل لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
 
والتقي وزير الخارجية الأمريكي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع في الحكومة الإسرائيلية المقبلة بيني غانتس

وناقش بومبيو مع المسؤولين الإسرائيليين خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط التي أعلن عنها أواخر يناير الماضي، وتقضي الخطة الأمريكية بأن تكون القدس العاصمة

"الموحدة وغير القابلة للتقسيم" للدولة العبرية، ما يقوض آمال الفلسطينيين الذين يعتبرون الجزء الشرقي من المدينة عاصمة لدولتهم المستقبلية، ودعمت خطة ترامب التي أعلن الفلسطينيون رفضهم التام لها، ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية، ومنحت الفلسطينيين الحق في دولة مستقلة منزوعة السلاح إلى جانب وعود باستثمارات كبيرة.

وبحسب صفقة نتانياهو-غانتس، يمكن أن تمضي الحكومة الإسرائيلية الجديدة قدما في عملية الضم اعتبارا من يوليو بشرط أخذ مشورة الولايات المتحدة التي أشارت إلى عدم وجود اعتراضات لديها.
 
ورفض الفلسطينيون خطة ترامب وقطعوا اتصالاتهم مع إدارة ترامب في 2017.

وقبل زيارة بومبيو، صرح أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات أن فريق بومبيو لم يتواصل مع الفلسطينيين قبل الزيارة. وقال إن "تعاون إدارة ترامب مع إسرائيل فيما يتعلق بخطة الضم الخاصة بها، يعد محاولة لدفن حقوق الشعب الفلسطينية وهجوم صارخ على نظام دولي قائم على قواعد".
 
ويعيش أكثر من 450 ألف مستوطن إسرائيلي في مئة مستوطنة مقامة على أراض للفلسطينيين في الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل في العام1967 .
وارتفع عدد المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة بنسبة 50 في المئة خلال العقد الماضي في عهد نتانياهو.

وقال دانيال شابيرو سفير الولايات المتحدة السابق في إسرائيل في عهد باراك أوباما، لوكالة الأنباء الفرنسية إنه يعتقد أن تصريحات بومبيو حول ترك قرارات الضم لإسرائيل "مخادعة".

ورأى شابيرو أن "إدارة ترامب غير معنية كثيرا على الأرجح بالحدود الدقيقة لكنها تسعى إلى تحقيق إنجاز  تضعه أمام القاعدة الإنجيلية المؤيدة لترامب والناخبين اليهود اليمنيين" قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة التي ستجرى في نوفمبر المقبل.

وتابع شابيرو أن نتانياهو قد بفطر في التحرك بسرعة لمساعدة حليفه ترامب في الفوز بولاية رئاسية ثانية وضمان تنفيذ خطة "الضم" قبل أي تغيير محتمل داخل البيت الأبيض.

لكنه رأى أن ذلك من شأنه أن يثير مخاطر كبيرة على المستوى الدولي وربما يسبب انقساما عميقا داخل ائتلاف نتانياهو.

ووعد نتانياهو بتطبيق السيادة الإسرائيلية على غور الأردن، المنطقة الاستراتيجية التي تشكل ثلاثين بالمئة من مساحة الضفة الغربية

ويشير خبراء إلى أن هذه الخطوة قد تدفع الأردن إلى التراجع عن اتفاقية السلام التي وقعتها مع إسرائيل في العام 1994 في حال أقدمت على ضم غور الأردن التي تتشارك معها الحدود.

ومن جانبه، قال شابيرو إنه على إسرائيل التفكير بـ"العواقب الدبلوماسية" الإقليمية، داعيا إلى أن تؤخذ في الاعتبار جهة نظر المرشح الرئاسي الأمريكي الديمقراطي جو بايدن الذي يعتبر الضم من جانب واحد قرارا "غير حكيم".

من جهتة انتقد الاتحاد الاوربي خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحل النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني وقال إنه "قلق بشكل خاص" من نية إسرائيل ضم غور الأردن، واكدوا علي ان المبادرة الأمريكية تبتعد عن المعايير المتفق عليها على المستوى الدولي" ،معبرا عن قلقه بشكل خاص من نية إسرائيل ضم غور الأردن. وأعاد الاتحاد تشديد التزامه بحل "يقوم على تعايش دولتين على أساس حدود عام 1967.
 
والأحد الماضي وافق البرلمان الإسرائيلي على حكومة الوحدة الجديدة بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ومنافسه السابق بيني غانتس

وبموجب اتفاق بين الرجلين، تستمر حكومة الوحدة لمدة ثلاث سنوات، بحيث يتقاسم نتانياهو، الذي يحكم منذ 2009، وغانتس رئاسة الوزراء مناصفة يبدأها الأول لمدة ثمانية عشر شهرا

وجدد نتانياهو في خطاب أمام الكنيست عزمه المضي قدما في مخطط لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، ووفقا للصفقة الموقعة، يمكن للحكومة الجديدة البدء اعتبارا من الأول من يوليو بتطبيق خطوة الضم.
 
تصريحات عباس دغدغة للمشاعر:
وجول تصريحات الرئيس محمود عبا س ، قال د. ايمن الرقب ، القيادي في حركة فتح واستاذ العلوم السياسية في تصريحات صحفية حول خطاب رئيس السلطة محمود عباس واعلانه عن حل كافة الاتفاقيات الموقعة مع دولة الاحتلال ، ان خطاب الرئيس حمل في طياته تصريحات نارية تتماشى مع مزاج الشعب الفلسطيني الحُر و مطالبه، ولكن تصريحات اليوم لا تختلف عن التصريحات السابقة حيث دغدغة مشاعر الشعب الفلسطيني خاصة بعد التصريحات التي أعلنها ملك الأردن الملك عبد الله والذي اعتبر اي خطوة من قبل الاحتلال ستضطر الأردن للتصدي لها مما يعني انتهاء اتفاق السلام بين البلدين ولا يعني دخول الأردن في حرب مع الاحتلال الإسرائيلي.
 
واوضح “الرقب” إن تصريحات رئيس السلطة ينظر لها البعض بعين التفائل من جانب وعين الريبة من جانب آخر ، لأن نفس هذه التصريحات سمعها الجميع عدة مرات في سنوات سابقة.
 
وأضاف : تفعيل قرارت المجلس المركزي وتنفيذ تصريحات الرئيس تحتاج اليوم لقرارات جادة وتعليمات للأجهزة الأمنية لوقف اي اتصال مع الجانب الأمريكي والجانب الإسرائيلي و منع جيش الاحتلال من دخول مناطق ( أ) أقل تقدير مهما كان الثمن.
 
واشار إلى أن تصريحات رئيس السلطة لا تعني حل السلطة وانا مع هذا الرأي ولكن ان تتحول لسلطة ندية ضد الاحتلال، وتحويل هذه التصريحات لأفعال تحتاج بصراحة فدائية قادرون على تحمل تبعية ذلك من حصار و اعتقال وقد يكون استشهاد وللأسف أبو مازن ومن حوله غير جاهزون لهذا الثمن.
 
وأكد ” الرقب ” أن تغيير استراتيجية التعامل مع الاحتلال تحتاج تغيير عقيدة الأجهزة الأمنية الفلسطينية وتغيير مزاج الشارع الفلسطيني؛ حيث كان الأجدر في الرئيس ترتيب البيت الفتحاوي والفلسطيني قبل فتح مواجهة مع الاحتلال، فتفعيل اتفاق القاهرة في مارس ٢٠٠٥ و ترتيب منظمة التحرير الفلسطينية وتشكيل الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية كان أولوية قبل الحديث عن اجتماع في رام الله تعلن فيه إنهاء العلاقة مع الاحتلال و هو يدرك أن الاحتلال لو يعلم جدية هذه التصريحات كان سيمنع رئيس السلطة من عقد هذا الاجتماع ويمنعه المغادرة من المقاطعة كرئيس بل كمواطن حيث يستبيح الاحتلال الضفة منذ فترة طويلة ويدخل اي مدينة ويقف على بعد أمتار من مقر إقامة الرئيس.
 
واختتم ” الرقب” تصريحاته الصحفية قائلا : بكل الصور سننتظر عدة أيام ، ونحكم على ما سيحدث على الأرض ولو كان الرئيس جادا سيجد الجميع خلفه حتى الفصائل التي لم تشارك في هذا الاجتماع وإن غدا لناطره لقريب.