كتبت – أماني موسى
 
قال الكاتب والباحث إبراهيم عيسى، أن الجينات والبحث في أصل جماعة الإخوان وشخصية مؤسسها حسن البنا، ولذا قمت بالبحث والتقصي حول صناعة هذا الرجل، وكيف أنشأت وأسست هذه الجماعة ولماذا؟ وهو السؤال الأهم.
 
لماذا أسست إنجلترا هذه الجماعة؟
وأضاف عيسى في أولى حلقات برنامجه "أصل المسألة.. أصل الجماعة"، تأسست جماعة الإخوان على يد حسن البنا في مدينة الإسماعيلية عام 1928، ما أكثر سذاجة وهشاشة هذه الجملة، وما أقلها شأنًا وأسطحها عمقًا، فهذه الجماعة أبعد كثيرًا من أن يكون تكوينها مجرد سطر، فهي لم تأت من عدم ولا أظن أنها ستذهب إلى العدم مادام حالنا الآن كما هو، بل أن حالنا كما كان دومًا.
 
إنذارات للقصر والإنجليز دفعتهم لإنشاء جماعة الإخوان
وتابع، لماذا صنع حسن البنا جماعة الإخوان، وهو الشاب المتخرج حديثًا والذي تم تعيينه معلم خط لمدرسة إبتدائية في الإسماعيلية، وفي نفس الوقت كان وكيل لجمعية إسلامية تسمي جمعية "إخوان الحصافية" بمركز المحمودية بالبحيرة، وكان هناك عدة حوادث في ذلك الوقت كانت بمثابة إنذارات للقوى المتحكمة في مصر وهم الإنجليز والقصر الذي يحكم البلد.
 
تأسيس الجماعة لمواجهة التيارات الثورية والتحررية
حيث نبهت هذه الإنذارات الاحتلال الإنجليزي لضرورة خلق وتصنيع تيار جديد لا يستخدم قضية التحرر السياسي أو الاستقلال أو جلاء الاحتلال وسيلة للتغيير في مصر، وأول هذه الحوادث إلقاء القبض على عدد من عناصر الخلايا الشيوعية في عام 1923، وكان هذا تنبيه بأن هناك شرارة ثورية قاديمة قد تتحول نارًا تأكل الاستعمار وأعوانه، هذا بخلاف حزب الوفد الذي كان ينتمي إليه معظم الشعب في ذلك الوقت، وكان الوفد والتيار الاشتراكي اليساري بمثابة مشاكل أمام القصر والإنجليز، وهنا اتفق الجانبان على إطفاء هذه النيران فورًا.
 
مسلم ومسيحي ويهودي أسسوا الحزب الاشتراكي
مشيرًا إلى أن مؤسسي الحزب الاشتراكي في ذلك الوقت كان مصري مسلم وآخر مسيحي وثالث يهودي.
 
قرار بإلغاء منصب الخليفة
وفي عام 1924 صدر قرار بإلغاء منصب الخليفة والسلطة الدينية على المسلمين ووقتها كان الناس يملكون قلوبًا وعيونًا ترى وعقولاً تفكر، فلم يغضب المسلمين أو ينزعجوا لأنهم يدركون أن الخلافة العثمانية كانت عنوانًا للاحتلال والظلم، ولم يشعر أي أحد أن الإسلام في مهب الريح لسقوط الخلافة.
 
الإسلام وأصول الحكم.. كتاب عظيم لشيخ أزهري يكشف زيف الخلافة
وكان لدينا الشيخ الأزهري العظيم علي عبد الرازق الذي أحدث بكتابه "الإسلام وأصول الحكم" نقلة نوعية حيث أكد افيه انفصال النظم الحاكمة السياسية عن الإسلام، وهذا الكتاب أفسد رغبة اثنين من الحكام العرب في الحكم باسم الديني تحت اسم الخلافة، وهم الشريف حسين بالأردن، شريف مكة والحجاز الذي أعلن نفسه خليفة للمسلمين بعد قرار إنهاء الخلافة بيومين، والثاني هو الملك فؤاد بمصر الذي أمر بعقد مؤتمر لإعادة منصب الخلافة ويقام في الأزهر الشريف، واجتمع كبار العلماء في مايو 1926 واتضح إن إعادة الخلافة يكاد يكون مستحيلاً، حيث أن لخلاف بين المسلمين فقهيًا في هذا الشأن كان أكبر من رغبة البعض في استعادة الخلافة المتوهمة، ومعظم المجتمعين في هذا المؤتمر اختلفوا، لارتباط مفهوم الخلافة باستبداد وطغيان الدولة العثمانية التركية، وظلمها للعرب باسم الدين، ومن ثم فشل المؤتمر في إعادة فكرة الخلافة أو الترويج لها.
 
إحياء الفكرة الإسلامية السياسية بديلاً عن التيارات التحررية والثورية
ومن ثم لم يكن أمام هذه الأطراف إلا البحث عن وسيلة تفرغ بها طاقة الشعب، وتصرف توجهاته التحررية الثورية، حيث أنه في هذه الفترة شهدت مصر أكثر من 80 إضراب عمالي، وعليه كان لابد من إحياء الفكرة الإسلامية السياسية بديلاً عن التيارات التحررية والثورية، ولمواجهتها أصلاً، ولذا لو لم يكن حسن البنا موجودًا لاخترعوا آخر للقيام بالمهمة.
 
حسن البنا كان فاشلاً وتمكن أن يخرب علينا حياتنا 
وتحدث عيسى عن طفولة البنا، قائلاً: كان فاشلاً وتمكن أن يخرب علينا حياتنا، مشيرًا إلى أنه كان ما يشبه مجهول النسب، وكان البنا يحاول رسم صورة ذهنية في مذكراته عن والده بأنه كان رجل دين، ولكن لم ترد أي إشارة تؤكد هذا الإدعاء، بل أن والده لم يذهب يومًا إلى المدرسة أو يتلقى أي علم، وكان البنا يريد إقناع من حوله بأنه نشأ في أسرة علم، وكان يعيش البنا حياة اقتصادية ضيقة وشديدة البؤس، وشكلت هذه البيئة رغبة لدى البنا بالظهور والنجاح والتميز.
 
أدعى أن والده رجل دين ونشأ في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة
وأردف، البنا عاش حياة اجتماعية عانى منها، لا عم ولا خال ولا عائلة، ونشأ حسن الساعاتي في ظروف اقتصادية اجتماعية صعبة، وصار يبحث عن انتماء يحقق له ما يفتقده، ووجد ضالته في شخص شاب يكبره ومن عائلة ميسورة يدعى أحمد أفندي السكري، وتصادق معه، وكان يبيت في بيته كثيرًا، ودفعه والده للتعلم بالكتاتيب ليلحق بأي منصب أزهري.
 
فشل في حفظ القرآن الكريم وأسس جمعية لمعاقبة الطلاب زملاءه
ولكن الصبي حسن البنا، خيّب أمل والده، ولم يتمكن من حفظ القرآن الكريم، وضاع حلم الترقي الديني والشعبوي، وعرض البنا على والده التعلم بالمدارس العامة، وهناك تعرف لأول مرة على الجمعيات، وألتحق بها لعله يجد الانتماء فيها، وأسس البنا مع زملائه جمعية الأخلاق الدينية بالمدرسة لمراقبة ومعاقبة الطلاب، القيام بتغريمهم نظير أي عمل لا أخلاقي مثل الشتيمة أو غيرها.
وقال عيسى أن السبب وراء إنشاء هذه الجمعية هو رغبته في أن يكون قيم على تصرفات وسلوكيات الآخرين وأن يتمكن من معاقبتهم وتغريمهم لمن يراه مخطئًا.
 
 
التدين الظاهري لدى هذه الجماعة
وتناول عيسى أطروحة التدين الظاهري لدي هذه الجماعة ومؤسسها، قائلاً: كان البنا منفصلا تمامًا عن وطنه وحبه، وكأنه ليس بوطنه، وبعد أن انتهت مرحلة الجمعيات الصغيرة بالمدارس لمعاقبة الناس والتي لم تشبع جوع حسن الساعاتي، وبدأ في الرغبة في الانتماء لكيان كبير يعوضه غياب العائلة، وكان الهدف السيطرة على خلق الله وإفزاعهم لدرجة أنه قام بإرسال خطابات تهديد لمعلميه.
وألتحق بمدرسة المعلمين بدمنهور ووجد في جمعية إخوان الحصافية دفء العائلة المفقود وانتشى بالحضرة واللقاءات الأسبوعية لهذه الحركة الصوفية، لدرجة أنه أدعى أن الإخوان جماعة صوفية.