بقلم وفاء هندى
هل نتجت منطقة مشتركة للعالم الإنسانى من جائحة كورونا؟ 
    لانستطيع ان ننكر انه بدت هناك وحدة واضحة وتقارب فى التفكير وردود الأفعال للعالم الإنسانى ، فمع انتشار الفيروس و حيث يتصارع العالم مع جائحة الفيروس التاجي بدأ يظهر على السطح أحد التعبيرات التي تم الاستشهاد بها كثيرًا  الا وهو "نحن جميعًا في هذا معًا"، ولكن تزامن أيضًا شعوراً باليأس بشأن "الوضع الجديد" كيف ومتى يمكننا "فتح الاقتصاد" والعودة الى الحياة التى اعتدناها من قبل؟؟ 
 
  على السطح قد يبدو اننا تتجاهل هذه الوحدة ولكن قد يدفعنا مايحدث ان نركز على  الصورة الأوسع نطاقاً وهى إساءة الإنسانية للأرض والبيئة المحيطة والأهم العلاقات الإنسانية التى باتت مهددِة للبشر لما يقترفوه فى حق أنفسهم وحق الآخرين. علينا ان نضع قاعدة ننطلق منها الا وهى أننا جميعنا بنى البشر فى كل بقاع الأرض أغصانٌ لشجرةٍ واحدة وان هذا العالم هو وطننا الذى يجب ان نسعى جاهدين للحفاظ عليه وصيانته. نلاحظ مدى الإساءة فى  التعامل مع الأرض ففي سبتمبر 2019 ألقت الناشطة البيئية -جريتا ثونبرج- خطابًا أمام الأمم المتحدة حيث عرضت بعبارات صارخة حزينة ما هي العواقب على جيلها من إساءتنا للأرض ومن عليها بهذا الشكل السافر.   
 
   قالت جريتا: "لقد سٌرقت أحلامي وطفولتي فالناس يعانون... الناس يموتون... النظم البيئية بأكملها تنهار... نحن في بداية الأنقراض الجماعي وكل ما يمكننا التحدث عنه هو المال والحكايات الوهمية للنمو الاقتصادي الأبدي."
                 
كذلك ظهرت الكثير من الأصوات العاقلة التى تحدثت عن جائحة الفيروس التاجي بأنه واحد من ردة الفعل للطبيعة تجاه البشر الذين يتجاهلون الأزمة البيئية وأشاروا الى عدم استجابتنا للكوارث البيئية فالأمثلة عديدة بدءاً من الحرائق في الغابات بأستراليا وأمريكا أو ذوبان الجليد فى القطب الشمالى او تلك الفيضانات التى تهدد بلداناً بأكملها ومن يعيش فيها!                                                                                                                   
 نتسآل إذا كانت هذه الظواهر انتقاماً من الطبيعة أم عقاباً من الله سبحانه وتعالى؟ 
 إننا نتناسى إنها بالتأكيد ردود الطبيعة على اساءة البشر فى التعامل معها كما هو ملاحظ فنحن نعمل فى كل بقاع الأرض بجد لإيجاد الطرق للتغلب على الفيروس التاجي الذي يهاجم البشر ولكننا نفشل في العمل معاً بجد لإيقاف تصرفاتنا وأعمالنا التي تهاجم وتدمر الأرض والبيئة المحيطة والتى نعيش فيها وتُعَد إرثاً لأبناءنا وأحفادنا فهى وديعة وأمانة بين ايدينا فهل نحن مؤتمنون عليها؟ 
 
عندما نفكر فى  المشكلة لا نعرف كيف نتغير  أو ربما لا نرغب في التغيير   وإذا استمر النهج بهذا النمط السلوكى فلا محيص من تفكك المجتمعات ولكننا نأمل أن يتم إعادة تشكيل مجتمعاتنا بطرق جديدة نابضة بالحياة حتى يعكس الجمال المذهل الذى من الممكن أن ينجلى ويظهر لنا كما تُظهِرِ الطبيعة جمالها وبريقها فى فصل الربيع ، ويبقى السؤال الهام ونحن نفكر في بيئة نظيفة ومجتمع إنسانى راقى وحضارة عالمية تستوعب الجميع كيف إذاً يمكننا تخطى أزماتنا نحو الأنتصارات الإنسانية التى نتمناها ونسعى إليها لشفاء الأرض وشفاء أنفسنا ؟  
 
                                                                                                                                                                        أعتقد انه علينا أن نسعى لطلب المغفرة عملياً من كل عناصر البيئة المحيطة بنا ، وكذلك من أولئك الذين عانوا  ومازلوا يعانون على مر العصور نتيجة الظلم والإجحاف الذى تعرضوا إليه ،علينا ان نُشفَى من تلك الأمراض التى تتغلغل بداخلنا مثل الجشع والمادية والأنقسام والعنصرية وحب السيطرة والتنافس المحموم، علينا ان نعى ان أهدافنا ستفشل إذا لم ندرك اننا جميعاً بنى البشر قطرات لبحر واحد وأوراق لشجرةٍ واحدةٍ هى الشجرة الإنسانية علينا ان نختار السلام كحل حتمى وأختيار ضرورى لتخطى أزماتنا المحيطة بنا. 
 
  والآن ونحن نعيش فجر عصر جديد من التقارب بين الشعوب وأهل العالم أما آن لنسر البشرية أن يحلّق في فضاء العزة الإنسانية ليحلّق بجناحى العلم والدين معاً إلى آفاق عليا نحو المحبة الحقيقية والوحدة والاتحاد فنتخلص إلى غير رجعة من قيود الأنانية والمادية البغيضة ومن سلاسل التعصبات والتقاليد والأوهام الموروثة نحو المحبة الحقيقية. والإزدهارالمرجو  إن مفهومنا للوحدة في ظل التنوع والتعدد هو مفهوم يختلف عن التطابق والتماثل والوصول إلى هذه الوحدة لا يأتي عن طريق إزالة الفروقات وإنمَّا عن طريق الإدراك المتزايد والأحترام للقيمة الجوهرية لتنوع الحضارات والثقافات لكل فرد فى هذا الكون. علينا ان نعى أن التنوع والأختلاف نفسه ليس سبباً في النزاع والصراع وإنما نظرتنا غير الناضجة نحوه وعدم تسامحنا وحميّتنا وتنافسنا وليس تكاملنا تلك هي الأسباب  التي تسبب الصراع فتأخذنا نحو نفق مظلم لاخروج منه إلا بتغيير أنفسنا وتبّنى أنماطاً سلوكية تأخذ البشرية الى حضارة جديدة تسع العالم كله فى ظل تنوعه ومن ثم يُمكِننا إيجاد حلول عالمية لكل المشاكل التى تحيط بنا والتى سوف تظهر لاحقاً.