في مثل هذا اليوم 17 سبتمبر1171م..
العاضد لدين الله أبو محمد عبد الله بن يوسف بن الحافظ لدين الله ولد حسب رواية المقريزي يوم الثلاثاء لعشر من المحرم سنة 546 هجريا وبويع لثلاث عشرة من رجب سنة 555 هجريا وعمره يومئذ تسع سنين.

كان الخليفة العاضد لدين الله صغير السن أثناء فترة حكمه، بالإضافة إلي ضعف الدولة الفاطمية في أوآخر عهدها حتي وصلت إليه، مما أدى إلي تنازع الوزراء من حوله علي وزارة الدولة وهو لا يحرق ساكناً، فتنازع علي الوازة كلا من شاور وضرغام، أستعان شاور بملك الشام "نور الدين محمود" وأستعان ضرغام بملك بيت المقدس الإفرنجي، فقام نور الدين بإرسال حملة من الشام لنصرة شاور، كان علي رأسها أسد الدين شيركوه وأبن أخيه صلاح الدين يوسف الإيوبي، أثناء تلك الحملة وقعت مصر موقعاً كبيرا في نفس أسد الدين، وبعد أن عاد إلى الشام ظل يحلم بها وبوحدتها مع دمشق وحلب، لتحرير بيت المقدس، فعزم مع نور الدين محمود علي الخروج بحملة ثانية إلي مصر، فجرت الأمور في صالحهم عندما زحفت جيوش ملك القدس نحو مصر، وما كان من العاضد إلا أن بعث إلي نور الدين محمود، يستنجد به علي ملك الإفرج، فإرسل نور الدين حملة كبيرة بقيادة أسد الدين شيركوه، فقام الأخير بإصطحاب ابن اخيه صلاح الدين معه، وما أن أستدب الأمر في مصر، حتي عمل الوزير شاور علي إخراج الجيش الشامي من مصر، فقتلوه بإمر من الخليفة العباسى ، والذي كام ناقماً عليه من سوء سياسته، وقام العاضد بتعيين أسد الدين في وزارة جديدة، فثبت بذلك أقدام بني أيوب في مصر، وهذا ما مهدا الطريق أمام صلاح الدين لحكم مصر فيما بعد.

في عام 567 هجريا خطب باسم الخليفة المستضيء بأمر الله العباسي وقطعت الخطبة للعاضد لدين الله فانقطعت ولم تعد بعدها.

وذلك أنه لما ثبتت قدم صلاح الدين بمصر وأزال المخالفين له وضعف أمر الخليفة العاضد بقتل رجاله وذهاب أمواله وصار الحكم على قصره قراقوش طواشي أسد الدين نيابة عن صلاح الدين وتمكنت عساكر نور الدين من مصر طمع في أخذها.

كتب إلى صلاح الدين وفي ظنه وظن جميع عساكره أن صلاح الدين إنما هو نائب عنه في مصر متى أراد سحبه بإذنه لا يمتنع عليه يأمره بقطع خطبة العاضد وإقامتها للمستضيء العباسي.

فاعتذر بالخوف من قيام المصريين عليه وعلى من معه لميلهم كان إلى الفاطميين ولأنه خاف من قطع خطبة العاضد وإقامة الخطبة للمستضيء أن يسير نور الدين إلى مصر وينزعه منها.

فلم يقبل منه نور الدين وألح عليه وألزمه إلزاماً لم يجد مندوحة عن مخالفته وساعدته الأقدار بمرض العاضد المرض الذي غلب على الظن أنه لا يعيش منه.
فجمع صلاح الدين أصحابه إليه واستشارهم في ذلك فاختلفوا فمنهم من أشار بقطع خطبة العاضد ومنهم لم يشر بها.

فتقدم إلى جميع الخطباء بأن يخطبوا في الجمعة الآتية للمستضيء وكتب بذلك إلى سائر أعمال مصر.

في يوم الاثنين لإحدى عشرة خلت من المحرم عشية يوم عاشوراء مات العاضد لدين الله وقامت عليه الواعبة وعظمت ضوضاء الأصوات النادبة حتى كأن القيامة قد قامت.

وكتب صلاح الدين إلى نور الدين بموت العاضد وإقامة الخطبة للمستضيء كما أشار به مع ابن أبي عصرون.

وكانت النفوس متطلعةً إلى إقامة خليفة بعد العاضد من أهله يشار إليه بالأمر فلم يرض ذلك صلاح الدين.

ومات العاضد وعمره إحدى وعشرون سنة. وكان كما يروي المقريزي كريماً سمحاً لطيفاً لين الجانب يغلب عليه الخير وينقاد إليه. وكان متغالياً في مذهبه شديدا على من خالفه.

لما استولى صلاح الدين وعزم على القبض على العاضد واستفتى الفقهاء أفتوه بجواز ذلك لمخالفتهم له، وكان أكثرهم مبالغة في الفتيا الصوفي المقيم في المسجد وهو نجم الدين الخبوشاني فإنه عدد مساوئ القوم وسلب عنهم الإيمان وأطال الكلام في ذلك فصحت بذلك رؤيا العاضد.

صلاح الدين الأيوبي:
ولما مات العاضد وجد صلاح الدين من الأعلاق النفيسة والأشياء الغريبة ما تخلو الدنيا من مثله ومن الجواهر ما لا يوجد عند غيرهم مثله.
ونقل أهل العاضد وأقاربه إلى مكان بالقصر ووكل بهم من يحفظهم.

وأخرج سائر ما في القصر من العبيد والإماء فباع بعضهم وأعتق بعضهم ووهب منهم.

وخلا القصر من ساكنه كأن لم يغن بالأمس...!!