د. مينا ملاك عازر
بينما الصراع في شرق المتوسط على أشده بين دول تعقد اتفاقيات رسمية ومعتمدة ومستندة على القانون الدولي وقانون أعالي البحار، ودول تحاول فرض سيطرتها بالعافية وبالأمر الواقع، وأخرى تتحام بجاراتها واتحاد قاري تنتمي له، تهاوت دولة لبنان على إثر إهمال أو تدبير أو سوء حظ أو أي شيء، لكن الواقع أن الدولة تتهاوى تحت وطأة انفجار مرفأ بيروت، لم يهدمها الانفجار نفسه ولكن تبعاته، وما كشف عنه من إهمال حكومات متعاقبة، وتهاون وسيطرة ليد حزب الله من أسفل المنضدة، ما أسفر عن تزايد الغضب الشعبي والثورة في الشارع اللبناني، ما نجم عنه استقالة حكومة وتمسك نواب لبنانيين بكراسيهم لأنهم وببساطة ممثلي لطوائفهم في الكعكة التي قسمتها الطائفية، وآخر أمل لكل حزب في البقاء في بؤرة الأضواء وفي قلب الأحداث ومحركا لها أو مرغوب في مراضاته، لا أعرف إن كان التماس الذي يلم بمجلس النواب اللبناني سيبقى قائماً وسيبقى نوابه متمسكين بكراسيهم وأنصبتهم التي قدمها لهم الشعب يوماً ما أم لا، لكن ما اعلمه أنه حتى  كتابة تلك السطور كل أو معظم النواب اللبنانيين يحافظون على ما قدمته له طائفته من كرسي في مجلس النواب ما بين تمسك بالسلطة وما بين حفاظ على ما قدمته له الطائفة أو حب في السلطة ورغبة في البقاء في بؤرة الأحداث وحتى ولو كانت الأحداث هذه صراعات. 
 
المهم أنه ودول شرق المتوسط تبحث عن تحالفات تحميها أو صفقات سلاح تقويها أو اتفاقيات دولية ترسخ حقها، ولبنان ينهار وسط كل هذا، كان من الضروري أن يهتبل الفرقاء والمتنافسين والمتناحرين في شرق المتوسط الفرصة، ويحاولوا مد أو بسط سيادتهم على لبنان خاصة وأنه مؤهل لهذا البسط، ومجهز لفكرة التدخل الخارجي من كل الجيران، وحتى الغير جيران، ولا أستطيع أبداً اعتبار أن بسط النفوذ ومد أو بسط السيادة الدولية التي تحدث على لبنان صاحب حكومة تصريف الأعمال القائمة، الحكومة الهاشة التي العالم كله اعتبرها حكومة فاسدة ولم يأتمنها على حزمة مساعداته المالية المقدمة للبنان، أقول لا أستطيع أن أعتبر دفقات مد النفوذ الدولي قائم على أساس طائفي لبناني فحسب، ولا حتى هشاشة الدولة فقط، ولا رغبة في التواجد العالمي فحسب، ولكن الأهم من هذا كله أن لبنان دولة من بين دول شرق البحر المتوسط التي تطل على أكبر خزان غاز في العالم مكتشف حديثاً ما يعني أن له ولو نصيب بسيط من ذلك الخزان.
 
هنا صديقي القارئ، وأمام تلك الحقيقة التي نحن بصددها نتوقف لنستأنف المقال القادم تساؤلنا حول ماهية لبنان؟ هل هو برميل بارود أم خزان غاز أو ربما يكون كليهما؟
 
المختصر المفيد لا يحدث شيء في السياسة على سبيل الصدفة وإن حدث فأستطيع أن أجزم لك أنه مخطط له