كتبت - أماني موسى
بتنطلق من خلال تعزيز غريزة اللوم، بمعنى إلقاء اللوم على من حولك في أنهم السبب في كل شيء سيء حصل أو بيحصل في حياتك، اتجوزت إنسان مش مرتاحة معاه، الأسهل بدل ما أقول أنه اختياري وقراري ألقي باللوم على حد وأشيله هو الشيله وأنه السبب في معاناتي، زي أن أمي السبب أو أيًا ما كان الشخص، أو ربما الظروف والأحداث، راجل بيخون مراته بدل ما يبحث عن الأسباب الحقيقية، الأسهل والمريح له من إحساس الذنب أن هي السبب وهي مقصرة وهي وهي ويشيلها كل الليلة والأسباب ويعفي نفسه تمامًا من المسؤولية.
 
عقلية الضحية بيميل إلى أنه دايمًا يلوم الآخرين، ينسب ليهم صفات سلبية ونوايا سيئة، وبيكون دفاعي في مناقشاته ويؤكد سوء نوايا الآخرين، وكأنه دخل وقراها وعرفها، بيميل للحديث عن المشكلات والهجوم عالآخرين ولا يميل إلى إيجاد حلول، لأن إيجاد حلول بينهي حالة الضحية اللي مستمتع بتواجده فيها، بيرفض تحمل المسؤولية ويفضل الاستمرار في تبرير أي فشل أو سقوط وينسبه لآخرين، وأخيرًا الدنيا عنده أبيض وأسود، ناس أشرار بكاملهم وناس طيبين بكاملهم ومفيش ألوان ودرجات بالنص، ودة غير حقيقي وغير منطقي، محدش ملاك كامل ولا شيطان خالص.
 
مش مرتاح في شغلي أو في علاقة ما ألقي باللوم عالظروف والدنيا والناس وأختار واحد ألبسه السبب وأخلع عن نفسي أي مسؤولية وأبص كدة وأبقى مرتاح، حصل حدث وحش بالحياة ومحدش كان سبب فيه بشكل مباشر ألقي باللوم على عيون الحساد وأن الحسد هو سبب اللي حصل وبيحصل، عقلية الضحية لازم تخلق شخص أو حدث تلبسه السبب عشان تبقى مرتاحة ومعندهاش شعور بالذنب أو المسؤولية عن اللي حصل، غريزة اللوم هي غريزة إيجاد سبب واضح بسيط ورا كل أمر سيء.
 
عشرين كبش فدا ولا واحد منهم يستحق اللوم، محدش اتسبب في اللي حصلك ولا حد اتعمد يأذيك، أنت اللي أذيت نفسك لأن مثلا مكنش عندك الصبر الكافي لاختيار شريك حياة يشبه روحك، وهكذا بأي أمر.
 
إيجاد كبش فدا موجود في جوهر الطبيعة البشرية، بتبدأ من مرحلة الطفولة وخوف الطفل لما يعمل أي خطأ فيبدأ بإلقاء الذنب على آخرين وأنهم هم اللي تسببوا في كسر اللعبة أو الإزاز أو فعل هذا الخطأ، وهنا دور الآباء لتعزيز فكرة مسؤولية الطفل عن أفعاله واختياراته وقراراته، أو أنهم ينموا جواه غريزة اللوم ويبقى شخص متقن لدور الضحية بالحياة.
 
فكرة كبش الفدا سهلة ومريحة للدماغ، بتعفيك من أي مسؤولية، بتريحك من الإحساس بالذنب، بتكسبك تعاطف الآخرين لأنك ضحية لأفعال البعض الأشرار، فلما الأمور تمشي بشكل سيء أو غلط، فدة حتمًا ولا بد بسبب شخص سيء عنده نوايا سيئة وهو السبب، ودة بيخلينا نبالغ في شيطنة أفراد أو مجموعات محددة، وبيخلينا نبحث عن طرف مذنب نشيله الليلة، ومشكلة التفكير بالشكل دة أنه بيضعف قدرتنا على التفكير بشكل منطقي وقدرتنا على التفكير في حل المشكلات ونمنعها من أنها تحصل من تاني، ونكرر الأخطاء ونلقي باللوم على آخرين، إحنا خلاص لقينا السبب فـ ليه ندور على تفسيرات تانية بقى ونوجع دماغنا؟
 
وبالتالي بيبقى شكل العالم جوة دماغنا مشوّه.. هو في شوية أشرار عاملين كل المصايب والمشكلات في الدنيا، عشان كدة مهم أن الواحد يعي لطريقة تفكيره وهل هو بيحب يلعب لعبة توجيه الاتهام لحفنة من الأشرار الكاذبين، والاستمرار بالأخطاء وتكرارها دون إحساس بالمسؤولية أو الشعور بالذنب؟
 
وأخيرًا لو عايز تغير عالمك لازم تفهم إن إتباع غريزة اللوم مش هيفيدك بحاجة لأن إلقاء اللوم على أفراد أو شخص أو مؤسسات هيحرف تركيزك عن حلول ممكنة تانية وهيحجم قدرتك على منع مشاكل مماثلة في المستقبل، عشان كدة أبحث عن الأسباب مش الأوغاد، لما الأمور تمشي بشكل غلط متدورش على أشخاص أو مجموعة تلومها وتقبل أن الأمور السيئة عادي بتحصل وأنك بتقع عليك جزء من المسؤولية وربما كلها حسب الموقف.