د. مينا ملاك عازر

كلما سمعت كلمة القبائل، مرتكزاً على الخبرة التي استقيتها في القراءة والبحث في التاريخ الحديث والمعاصر بحكم دراستي والتخصص الذي تخصصته، أتحسس مسدسي، وبرغم أنني لا أميل للعنف الجسدي إلا أنني أجد المسدس الأنسب للتعامل مع القبائل، لا أميل للتعميم بل أجرمه، لكنني لا أستطيع أن أغض البصر عن خبرات سيئة قضيناها مع قبائل اليمن مثلاً وبعض قبائل سيناء الذين كان ولاءهم لمن يدفع أكثر وقت صراعنا مع الأعداء، لا أدين القبائل بوجه عام، هذا أكرره وبوضوح لكن أقلق من أي صراع وحرب ندخلها أو سندخلها أو دخلناها يكون للقبائل دور فيها، ولو بالوقوف على الحياد، ربما هذا كما قلت لخبرات سيئة تجرعناها ودرستها، لكن لا أتمنى أن نكرر تلك الخبرات مع القبائل الليبية. 
 
لكنني وأقولها بالخط العريض أي الفم المليان ومع متابعتي لبعض التصريحات من بعض ما ادعوا أنهم قبائل ليبية ترفض تدخل الجيش المصري في الشأن الليبي، أتفهم تماماً أن الولاءات تعمل لها دور، والحسابات تختلف بين القبائل، لذا لا أتوقع أرض ممهدة في الحرب المقبلة إن لا قدر الله دخلناها في ليبيا، وإن كنت أكاد أثق في جنون أردوغان، ما يجعلني واثق في أننا منجرفين لها في وقت تهددنا أثيوبيا العدو المائي العتيد بغلق محبس الماء، وها هي تلعب والسودان لعبتها مع إثيوبيا وتضغط على أعصابنا حتى نتشتت بين المعركتين. 
 
السؤال هنا وبوضوح، إذا كانت المسافة بين السلوم وسرت ألف كيلو أي تقريباً نفس طول المسافة بين الإسكندرية والحدود مع السودان، فهل نحن قادرين على تأمين تواجدنا العسكري طوال تلك المسافة؟ والتي لها عمق يوازي نفس المسافة، أي نحن بصدد تأمين مليون كيلو متر آخرين، لا غنى لنا عن القبائل فيها، فهل ولاءهم لنا أم سنشتريه ويشترونه، ونفعل ما فعله ناصر مع القبائل اليمنية ونزايد على السعودية، فيخرج الكل خاسر، أتفهم أن تقنيات الحرب الجديدة لا تتطلب تواجد كامل في كل نقطة ولا تتطلب إلا أجهزة مراقبة جيدة وأقمار صناعية، وخاصة أن الأرض في ليبيا تكاد أن تكون أكثر انبسطًاً بالمقارنة بنظيرتها في اليمن، لكن مرة أخرى أتحسس مسدسي ما دام ذكر القبائل بالرغم من تفهمي التام من أن لنا رفقاء عسكريون على نفس الأرض، الأهم هنا السؤال الأكثر حتمية، هل مجال تلك المنطقة المقدرة بحوالي مليون كيلو متر تقريباً مؤمناً ضد غارات متوقعة من أعداء، وإن كنت أستبعد قدرات جوية مناهضة لنا بكفاءة عالية قادرة على مواجهة وتنفيذ ضربات محكمة، لكن السؤال واجب التفكير فيه، وإن كنت عزيزي القارئ لست عسكري، فكل ما سبق وإن كان ليس بيدك شيء تفعله فليكن، لكن لتعلم أن الأمر ليس يسير، ولا اتوقع انتصار سهل، فلو كان الأمر هكذا، لفعلها الجيش الليبي الذي يحارب على أرضه وبين قبائله، ومسلح بتقنيات روسية عالية، طبعاً الفارق شاسع بين الجيشين الجيش الليبي والمصري، لكن مهما كان عامل الجغرافيا والكره والرغبة في الشهادة، والتباعد المكاني والتنافس المحموم على النفط والثروة وحبال الانتقام الذي يغذي الأتراك يجعل الأمر ليس هيناً فهي المواجهة الأولى لهم مع الجيش المصري منذ زمن بعيد، منذ قرابة مئتين عام، حين كانوا يتجرعون الهزيمة تلوى الأخرى، لكن هذه المرة عوامل كثيرة متداخلة تزكي نار الصراع وتؤججه وربنا يستر.
 
المختصر المفيد أدعم الجيش المصري.