يا سادة انتبهوا ..

ماجدة سيدهم

كل الحالات اللي تعرضت وتتعرض  لها النساء  والصغار  في  شوارع  المحروسة   للإنتهاك والاستغلال الجسدي  والنفسي  من تعذيب  وتحرش واغتصاب   حتى داخل البيوت ..كل الحالات دي  (اغلبنا تقريبا )  مهزومة من جواها  ومستحيل تشفى من الداخل بالصلوات والرقوات والبسملات  أو بالتزامها  لموروث  الخرس المتعارف عليه   خشية  نظرة وكلام الناس اللي هم  أصلا  كمان موجوعين أوي من جوه  وبرضه بسبب نفس الانتهاكات ..
 
مستحيل البشر   المتألمة  دي   تكون سوية  ومتزنة   من الداخل   بسبب الصدمة المحزنة  اللي بتصيبهم  في مقتلد خصوصا وأنهم مابيلاقوا  قانون ينصفهم ولا أخلاق مجتمعية  تحترمهم ولا  ثقافة إنسانية تدعمهم   ،  
 
فطبيعي  بعيشوا بعد مرارة التجربة  حالة  من الخوف والصراع والعداء المستمر .. بيعيشوا كأموات في  توابيت  من الشرخ اللي بينمو  كل يوم  للداخل ..بيغرز في خلايا الروح  شوك الهزيمةوالغضب 
 
وبيطبع ندوب واضحة  من الشرود والحزن  الواضح في العيون  مهما أدعوا  أنهم بخير.. 
 
الناس   الموجوعة دي  بيفقدوا  فيما بعد  القدرة  على تكوين علاقات  صحية  مع الآخرين  ..  دا بالعكس بيخسروا كتير من علاقاتهم الحالية حتى داخل  أسرهم  وبيخسروا علاقتهم بأنفسهم  بسبب فقدان الثقة  وفقدان القدرة على البوح    رغم  احتياجهم  الشديد  للأحتواء والتفهم  والمساندة   واللي بيصل لدرجة الاستغاثة رغم  الصمت 
.
علشان كدا مافيش حاجة  اسمها  حاتقدر لوحدك تتجاوز..
ومافيش حاجة اسمها إلجأ  لربنا  وصوم وصلي واستغفر   أو أحكي للشيخ فلان أو مع ابونا علان ..
 
..فالسواد الأعظم من رجال الدين بالمحروسة  بلا ثقافة أو  دراسة نفسية  على الإطلاق  لحتى يتفهموا طبيعة نوعية تلك  المشكلات المؤلمة  وإزاي يقدموا المساعدة الحقيقية   للضحايا   والخروج من الأزمة بشكل صحي  وإيجابي وناجح .. 
 
ودا مش اتهام لرجال الدين  .ف دي قدراتهم ..لكن  لأنهم  من نفس  المجتمع المقهور ومن نفس ثقافته السطحية المتخلفة اللي بتدعم السكات   وبتدعم الاستغفار عشروميت  مرة (ليه )  وبتدعم الاحتمال و انتظار المعجزة الإلهية (اللي هي إزاي )  .. 
للأسف كل  دا  مش أكتر  جلد للذات والحكاية مش ناقصة خالص..
 
فكل الحلول الدينية هنا عاجزة  و فاشلة باقتدار وبسببها  ناس كتير ضاعت  واتدمرت وانتحرت وعملت اسقاط بالاعتداء على آخرين . بالعكس دي كمان بتصنع ازمة حقيقية مع الله .. لأن الله في  الحالة دي هو إله  أخرس وجلاد   ومنتقم  من المجني عليه او عليها  لذا  لا مفر من الالتزام بمشقة العبادات  ..بينما هو    نفس الإله الغفور للجاني  اللي مجرد لو اعترف أو بسمل بركعتين يبقى كدا  خلاص   تمام ..ولا من شاف ولا من دري  ..دا قمة القهر والاستعباط ..
 
فياجميع المعنيين بالأمر إن كان هناك معنيين بالأمر 
 
كفاية جهل ودروشة  واستهتار  ..
أولا :  فيه حاجة  اسمها   القانون اللي لازم يبقى صارم  .. لو ماعندناش يبقى لازم  نسنه  وفورا للقضاء على  كل مهازل العنف والاعتداء  الجسدي و لاسترجاع الحق بالكامل للضحايا   وبلا مماطلة  أو تغافل  مهما كان  عمر الجاني أو  مكانته  ونفوذه
 
ثانيا:   فيه حاجة مهمة جدا  اسمها العلاج النفسي  و التأهيل النفسي ..يعني المفروض يكون عندنا مؤسسات متخصصة لتأهيل  كل اللي تعرضوا للانتهاكات الجسدية   تأهيل نفسي وذهني  زي  كل بلاد  العالم  الانساني  المتحضر اللي بيدعم ضحايا الاغتصاب والتحرش لحتى يتخطوا  الأزمة بثقة وشجاعة وتعافي من دون أثر نفسي  مدمر  ..وبالتالي  بيكون دا دفع للانخراط في المحتمع من جديد و بشكل ايجابي ومثمر ..
 
ياسادة الأمر  فعلا  خطير  ويحتاج للانتباه وللقرار ..لأن الأعداد المكسورة  والمشوشة من جوا مخيفة  ..
القانون والتأهيل النفسي هما الملاذ للقضاء على تصاعد فوضى الانتهاكات  الجسدية  وإنقاذ  ملايين  من  المهزومات من موت بطيء