د. مينا ملاك عازر

السؤال الذي اخترته عنوان للمقال، يجب علينا التفكير فيه ملياً، فالمسألة ليست هينة، ولكل واحدة منها لها ظروفها وتقاليدها ومسانديها وداعميها، وهنا علينا أن نفهم جيداً أن الحرب لها ظروفها، ولها تقاليدها وأوضاعها التي تناسب كل طرف، وعلينا أن نفهم أن أي صراع في ليبيا بالجو محسوم لمصر، فهي الأقرب لتزويد طائراتها بالوقود، والأقرب في خطوط الطيران القصيرة، ما يقلل فرص اقتناص الطائرة من الأعداء، أما الصراع البحري فهو أمر خطير، وتكاد الرؤوس تتساوى، بيد أن عامل القرب والتمركز السليم بالموانئ المصرية وقربها من نظيرتها الليبية بعكس العدو التركي أمر يصب في مصلحة الجيش المصري، وهو ما ينخلع بالضرورة على الحرب براً، وإن كنت أميل لاستبعادها، فنحن لسنا بحاجة لهذا، نحن فقط بحاجة لكبح جماح الوفاق جواً وتحييدهم بحراً، ليقوم حفتر ورجاله من الليبيين رجال الجيش الليبي الوطني بدورهم الفعال وتحييد الأتراك، أمر هام ولا ريب في أنه ضروري، وهنا تكمن المسألة،
 
هل نحن سنحارب الناتو؟
أعتقد لا، وخاصة بعد انسحاب الفرنسيين من المناورات الأخيرة، ما يؤكد ما ذهبت إليه سلفا في مقالي المعنون "اختبار للناتو" أن ثمة شقاقاً وفراق وفجوة كبرى تقطع أواصل أعضاء الحلف بين الأتراك من  ناحية والفرنسيين والألمان والإيطاليين واليونانيين من ناحية أخرى، والصراع الاقتصادي والكرامة والحيثية لهم مكانتها، كما أن للاقتصاد والقدرات الاقتصادية التي تمر بها تركيا في الآونة الأخيرة دور في حسم الموقف في مصلحة مصر، وعلينا أن ننتبه هنا لأمر هام، وهو وإن كنا نعاني بسبب الاقتصاد وكورونا فمعانتنا أقل وطأة من الأتراك. 
 
وأحتاج هنا لبداية فقرة جديدة لأضع فكرتي القادمة بشكل بارز وواضح للجميع، اختيار الرئيس السيسي هذا التوقيت لافتتاح عدد من المشروعات التنموية ومنها الاسمارات 3 وهو أكبر المشاريع التي تقوم بها الدولة، يؤكد على أمرين أولهما أن يد تبني ويد تحارب، وهو نص أخذناه في حالة المقاومة للإرهابيين، والآن نأخذه حرفياً مع الوضع في ليبيا إذا ما اندلعت الحرب ضد تركيا على الأراضي لليبية، الأمر الثاني، الرئيس السيسي يريد طمأنة الشعب على متانة البنية الداخلية وقوة اللحمة الشعبية، وأن الاقتصاد المصري بخير، وإرسال تهديد باستعراض العضلات الاقتصادية أمام العالم كله بمدى قوتنا ومدى
 
 تخطيطنا للمستقبل وتفكيرنا في أن الأمور مستقرة، وغير قلقين، وكأننا نموه قبل ضرب ضربتنا القاسمة لمليشيات الوفاق والمرتزقة الأتراك.
المختصر المفيد المهم أيها السادة، ألا نجر ونزج بأنفسنا في عدة معارك قد نخرج منها منهكين.