كمال زاخر موسى
 
23 اصنعوا هذا لذكري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مازلنا نقترب من كلمات الرب "وقت العشاء"، ومازلنا نتلمس استيعاباً لما وراء الكلمات، والكاتب يقترب بنا من أجواء العشاء وقتها، ويرسم بقلمه المشهد، دعونا نتابع سطوره "فالرب وقت العشاء، كان يتكلم فى جو فصحى. وأورشليم كلها كانت فى الخارج تعجُّ بمئات الألوف من الحجاج الآتين من كل أنحاء العالم، من كل شعب ولسان وأمة على وجه الأرض، من يهود ودخلاء وزائرين، وذبح الخروف لم يتبق عليه إلا ساعات، والرب عالم أن ساعته قد جاءت ومنظر الصليب أمام عينيه، الرب كان يتكلم بإحساس "حمل الله" الوديع الذى يسوقه أبوه إلى الجلجثة من أجل خلاص كل هذه الشعوب "الكثيرة": الخروف الذى سيُذبح مرة واحدة لأجل العالم كله فيتوقف فصح مصر إلى الأبد ويُنسى دكر مصر وخروفها كما تُنسى قصص الطفولة".
 
ويواصل الكاتب
ـ "الرب قدم جسده ليؤكل كفصح حقيقى، ودمه ليُشرب لعهد خلاص أبدى، لا يُطلب عليه مزيد، ولن يتوقف تذكاره إلى الأبد".
 
ـ "الرب يقول "اصنعوا هذا كلما شربتم لذكرى" (1كو 11 : 25)، إنه "ذكر" فصح المسيح الحى والقائم مذبوحاً دائماً أمام الله، الذى فيه نتلاقى معه كلما أكلنا من جسده ونتلاقى معه على عهد أمانة كلما شربنا من دمه الثمين؛ نتلاقى معه فى موت وفى قيامة، فى خلاص مجدَّد ومستمر، أكمله بالدم على الصليب مرة واحدة، ودخل به إلى الآب فوجد لنا فداءً وخلاصاً أبدياً. لكنه خلاص يتحقق وفداء يتجدد بمجيئه لنا على المائدة كل يوم لنأكله وكأنه ذُبح اليوم لساعته، نتلاقى معه بالكلمة وبالكرازة إلى أقصى الأرض، وفى رؤية مجيئه الثانى الذى نتوقعه بالصبر "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء." (اكو 11 : 26)"
 
ويوضح الكاتب فهم الكنيسة منذ تأسست لهذا النطق الإلهى "إصنعوا هذا لذكرى" بكلمات محددة :
"لا نرى أنها قيلت على مستوى الرجاء، أو هى وصية من هو ذاهب ليموت، ولكن الرب قالها فكانت، والسماء والأرض تزولان و"ذكر" المسيح الرب بالأفخارستيا لن يزول.
 
وما هو ذكر المسيح بالإفخارستيا ؟
ـ "ذكر" المسيح هو صلاحية بها نتقدم وندخل بجراءة إلى الآب، وذلك باستحقاق المسيح الذبيحة القائمة، ومصالحته الدائمة لنا مع الآب بوقوفه أمام وجه الله يشفع بدمه عن كل خطايانا، "المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيدٍ أشباه الحقيقية، بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا، فمن ثمَّ يقدر أن يُخلِّص إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله، إذ هو حىٌّ فى كل حين ليشفع فيهم" (عب24:9 ؛25:7)
 
إذاً، فكل ذكر للمسيح بالإفخارستيا هو دخول إلى الله بواستطه وتراءٍ أمام وجهه للخلاص.
 
ـ "ذكر" المسيح بالإفخارستيا، هو بمثابة وضع يد الخاطئ على ذبيحة المسيح الكفارية، ورفع العين إلى الآب السماوى ليذكر الله الآب عهده الجديد بمقتضى ما صنعه المسيح فى نفسه، إذ قدم نفسه ذبيحة إثم عن الخاطئ وسكب إلى الموت نفسه. من أجل هذا التذكار يسمع الخاطئ من فم الآب: "أصفَح عن إثمهم ولا أذكر خطيتهم بعد" (إر 31 :34).
 
إذاً، فكل ذكر للمسيح بالإفخارستيا يقابله عدم ذكر لخطايانا، وصفح "مؤكد" عن كل آثامنا من قِبَل الله.
 
ـ "ذكر" المسيح بالإفخارستيا، هو دخول فى قوة العهد الجديد حسب الوعد: عهد أمانة من جهتى وعهد دم من جهته، لنوال قوة العهد الجديد وختمه للتطهير والتقديس: "دم المسيح الذى بروح أزلى قدَّم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحى" (عب 14:9).
 
إذاً، فكل ذكر للمسيح بالإفخارستيا هو تطهير للضمير المثقَّل بالخطية ونوال قوة واستحقاق لخدمة الله.
 
ـ "ذكر" المسيح بالإفخارستيا، هو رؤيا لتجلِّى المسيح له المجد وسط تسبيح وشكر وتهليل القديسين، لأن كأس الإفخارستيا ثمن حريتنا ووثيقة عتقنا، وقراءة مستمرة لصك الشراء الذى اشترانا به المسيح من كل لسان وشعب وأمة.
 
إذاً، فكل ذكر للمسيح بالإفخارستيا هو ليتورجيا شكر واعتراف ونهليل وشركة مع القديسين.
ـ "ذكر" المسيح بالإفخارستيا، هو انتظار حار ملتهب بالصبر لمجئ الرب حسب وعده، ليكمل الخلاص الذى بدأ.
 
إذاً، فكل ذكر للمسيح بالإفخارستيا هو قوة للرجاء وعمل للصبر يتناسب مع طول أناة الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومازال الكلام متصلاً لم ينته بعد فى:
ـ معنى "اصنعوا هذا" ...
ـ ماذا عن تكرار الطقس وقانونيته،
 
ـ وكيف نخبر بموت الرب فى كل مرة نأكل فيها الخبز ونشرب من الكأس؟ بحسب القديس بولس ""فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء." (اكو 11 : 26)".
يتبع