هاني لبيب
ما حدث يوم الثلاثاء 4 أغسطس الجارى فى بيروت'> بيروت أعاد إلى الأذهان ذكرى تفجير برجى التجارة فى الولايات المتحدة الأمريكية فى 11 سبتمبر 2001، تفجير وتدمير وخراب وقتلى ومفقودون وجرحى بالآلاف، مع عدم القدرة على حصر عدد الضحايا المتزايد.

انتفض العالم فى ظل معلومات متضاربة وغير مؤكدة عما حدث، ولكن المعلومات المؤكدة أن بيروت'> بيروت التى تصل مساحتها لحوالى 85 كيلومترا مربعا قد شهدت تفجير مخزن بمرفئها يحتوى على 2750 طناً من نترات الأمونيوم شديدة الانفجار، وهو ما تسبب فى تدمير متدرج لحوالى 15 كلم من مركز الانفجار، وللأسف شرد التفجير أكثر من 300 ألف مواطن إلى الآن بعد أن أصبحت مساكنهم أنقاضاً، كما تسبب فى خسائر تتجاوز المليارات من الدولارات تضيف إلى لبنان تحدياً ضخماً ضمن مشاكلها الاقتصادية المتفاقمة خلال السنوات الأخيرة.. فضلا عن فقدانها مخزونها الاستراتيجى من القمح.

ظلت لبنان لنصف قرن مضى مسرح المواجهات الحقيقية على الأرض لعمليات عسكرية سواء لحرب أهلية بين فصائل وجماعات وميليشيات داخلية، أو لصدامات مباشرة لسياسات خارجية بين إسرائيل وإيران من خلال ممثلها الرسمى حزب الله على أرض لبنان. وكانت النتيجة فى كل الأحوال دماراً وخراباً. ظلت لبنان طيلة النصف قرن الماضى فى موقف محرج لا تملك قرارها السيادى الحقيقى بسبب التدخلات التى تدعم سياسات دول أخرى، وهو الأمر الذى أدى إلى فقدان الثقة فى نظام الحكم وصعوبات تشكيل حكومات توافقية للعمل من أجل لبنان.

لا أحد يعلم إلى الآن تحديداً هل تفجير مرفأ بيروت'> بيروت حدث بسبب الإهمال والفساد أو بسبب تفجير متعمد بشكل مباشر، خاصة أن مخزن نترات الأمونيوم موجود منذ عام 2014، وهو ما يعنى أن ما حدث سيخضع لتحقيقات دولية بإشراك أجهزة أمنية لدول صديقة للبنان، للتأكد مما إذا كان ما حدث بسبب اعتداء مدبر أو غير ذلك، مثلما ننتظر الآن التحقيقات الدولية للكشف عن حقيقة اغتيال رفيق الحريرى «رئيس وزراء لبنان الأسبق» فى 14 فبراير 2005.

يحاول البعض ربط تفجير مرفأ بيروت'> بيروت بقرب صدور الحكم على المتهمين فى قضية اغتيال رفيق الحريرى بعد سنوات من الاستماع إلى آلاف التحقيقات والشهادات والتسجيلات والوثائق السرية، وهو سيناريو لا يفترض حسن النية بقدر ما يوحى بتوجيه ما حدث ربما بعيداً عن اتهام أطراف محددة.

وضع مُزرٍ تحولت فيه العاصمة اللبنانية إلى ركام، ليس بسبب الحادث فقط، ولكن لوجود تقاعس شديد فى تحديث وتطوير البنية الأساسية اللبنانية، ولحسن الحظ أن الرئيس الفرنسى ماكرون كان أول من يزور بيروت'> بيروت لتقديم الدعم والمساندة والتضامن، وربما تكون زيارته بداية لتوجهات سياسية جديدة لإنقاذ لبنان للخروج من أزمته.

نقطة ومن أول السطر..
استعادة قوة الدولة اللبنانية واستقلالها السياسى الحقيقى هو السبيل للاستقرار بعد 50 سنة من الطائفية الدينية والمذهبية البغيضة، ومن التبعية السياسية لهويات غير لبنانية.
نقلا عن المصرى اليوم