د. مينا ملاك عازر

سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تحية طيبة وبعد
 
أرسل لسيادتكم هذا الخطاب العلني لأني لا أستطيع أن أرسله لسيادتك مباشرة، ولا أثق في كوني سأنجح في إيصاله لك، لذا ولثقتي في أنك مهموم بالشأن العام ومتابع جيد لما يخص سيادتك ويمس البلد، فأتجرأ وأكتب لك في ذكرى البيان الذي أصدرته بشخصك وصفتك منذ أكثر من سبع سنوات منهياً عاماً كئيباً ضالاً من تاريخ مصر، حكم فيه الإرهابيون البلاد وتحكموا فيه في مصير العباد، انتهكوا فيه الدستور وفصلوه على مقاسهم، ضربوا بالقانون عرض الحائط، وارتكبوا من الجرائم ما يشيب لها شعر الوليد. 
 
أكتب لك سيادة الرئيس أشكرك على موقفك البطولي، إذ استجبت وقتها وأنت وزير للدفاع لنداءات شعب مصر الذي أنت منه، مثلك في هذا مثل باقي رجال جيشنا البواسل، ظنوا في  سيادتك الإخوان أنك منهم، وشككوا جموع الشعب في انتماءك الوطني، وأن أولويتك قد تكون للجماعة، لكن مواقفك تركتها تتحدث عنك، ففعلتها، وإن حاولت أن تجمع المعارضة والإخوان على مائدة حوار هادئ وطني واعي، إلا أنه بصلفهم وغرورهم رفضوا مدي اليد الذي استمرت ممدودة لهم حتى بعد نزول الشعب في الثلاثين من يونيو، وأمهلتهم ثلاث أيام، لم يحسنوا فهم الرسالة، ولم يستفيدوا -والحمد لله- بالمهلة الممنوحة لهم.
أكتب لك سيادة الرئيس لا لكي أهنئك فقط بنجاحك في الإطاحة بالإخوان، وكسر شوكتهم واجتساس شرهم، بل لأنك لم تزل تواجههم في الخارج بأخطار يحيكوها محدقة بنا وببلادنا العزيزة مصر. 
 
سيادة الرئيس، إن ظنهم فيك بأنك منهم ظن الجاهل منهم بدينه، فظنوا أن مواظبتك على الفروض والصلاة نوع من التشدد الممقوت، والتطرف البغيض الذي ينتهجونه، لم يعرفوا أن ما تدين به سيادتك هو الإسلام السمح الذي يسمح ببناء الكنائس، بل يبنيها بنفسه، يساوي بين الجميع في كل الأديان أمام الدولة ولا يفرق، يحنو على شعبه بالعمل وليس بالطبطبة. 
 
سيادة الرئيس، إن كنت لم تفعل لمصر -وهذا غير صحيح- غير أنك تصدرت المشهد وجمعت عقلاء الشعب في الثلاثين من يونيو، والثالث من يوليو، لتنفذوا رغبة الشعب بإنهاء حكم الإرهابيين، فهذا يكفيك لتبقى مخلد الاسم بين سطور التاريخ، كواحد من منقذي هذا البلد، والشهادة لله أنه وأن نادى الشعب طويلاً بعزلهم، واجتمعت كل القوى السياسية والمدنية والحزبية والمنظمات والكنيسة والأزهر ولم تكن معهم تؤمنهم، وتضمن لهم الأمن، لما كانت حركات الشعب الثائرة المنتفضة لأجل الوطن لتنجح.
 
أخيراً سيادة الرئيس، أتمنى أن يكون خطابي هذا أول الخطابات، ما يعني ألا يضيق صدر سيادتك بالمزيد منه -بإذن الله- فأنت كما كنت أملنا وقتها، وننتظر منك الأمل والطمأنينة والاستجابة، فأنت لم تزل هكذا، ملاذنا الأخير وقت أن تضيق بنا السبل، ويفيض بنا الكيل من أفعال بعض المسؤولين الغير مسؤولة للأسف التي نظن جميعاً أنك تراها وترصدها، وتنتظر وقت الحساب.