مدحت بشاي
منذ أكثر من 70 سنة طالع القارئ لجريدة الأهرام الخبر التالي "  أوفد غبطة بطريرك الأقباط الأرثوذكس نيافة الأنبا يؤانس مطران الجيزة والقليوبية لمقابلة معالي الأستاذ أحمد مرسي بدر وزير المعارف وإبلاغه رغبات غبطته بشأن تعليم الدين المسيحي للطلبة المسيحيين في المدارس الأميرية وجعل هذا الدين مادة أساسية فيسيرون في ذلك جنبًا إلى جنب مع ثقافة مواطنيهم الدينية الذين تقرر تعليمهم الدين الإسلامي الحنيف فيث كل مراحل التعليم .
 
وقد قابل نيافته معالي الوزير وتحدث إليه فيما تقدم وسلم إليه رسالة من البطريرك شرح فيها ما سبق أن وعدت الوزارة بتحقيقه في هذا الصدد .
 
فأبدى معاليه اهتمامًا ملحوظًا وقال أنه يهمه أن يتساوى المصريون في جميع الحقوق والواجبات ، وأن يكون الطلبة المسيحيون بالمدارس الأميرية مثقفين دينيًا ، وأمر بتشكيل لجنة برياسة صاحب العزة عبد السلام الكرداني بك وكيل الوزارة وشفيق غبريال بك وتوفيق سيدهم بك واسكندر إبراهيم بك وبعض كبار رجال التعليم الأقباط لوضع برنامج لتعليم الدين المسيحي في جميع مراحل التعليم وعرضه علىغبطة البطريرك تمهيدًا لتقرير الكتب الدينية اللازمة .والمفهوم أنه سيعهد في الوقت الحاضر بتدريس مواد الدين التي يستقر الرأي على تدريسها إلى المدارس الأميرية ريثما يتفق فيما بعد على تعيين مدرسين أخصائيين للدين .. " ..
 
وفي تعليق لمجلة " مدارس الأحد " الأرثوذكسية العتيدة ، كتب المحرر بعدد أكتوبر 1949 " ..هذا هو النبأ السار الذي أوردته جريدة الأهرام الغراء في عددها الصادر الأحد 11 سبتمبر 1949أثبتناه هنا بنصه .. كذلك لا نشك مطلقًا في أن معالي الوزير سوف تملي عليه وطنيته أن يسوي بين الطلبة المسيحيين والمسلمين في حق تلقي العلم الديني على يد مدرسين أخصائيين ومن لغو الكلام أن نحاول هنا إثبات أهمية إسناد تدريس مادة للمختصين المتفقهين فيها والذين تسمح لهم طبيعة تفرغهم لها وعلمهم بها أن يصلوا إلى الغرض منها .. قإذا تلقى المسلمون دينهم على يد مدرسين مختصين في الدين الإسلامي من رجال الأزهر ، ألا يكون منطقيًا أن يقوم بتدريس الدين المسيحي خريجو الكلية الإكليريكية المؤهلون لهذه المهمة بطبيعة تخصصهم ودراستهم ؟!..
 
وللموضوع بقية ولكن أتوقف عند هذا الحد عزيزي القارئ لموضوعات موقعنا " الأقباط متحدون " لأطرح بعض الخواطر وعلامات الاستفهام وأتمنى أن تشاركنا الحوار :
 
•مع كل التقدير والامتنان لدور كنيستنا العتيدة وغيرتها على دعم التعليم الديني وتحقيق المواطنة والمساوة بين كل المصريين ، لكن لماذا لم تكن المطالبة عبر الأحزاب السياسية أو عبر نواب البرلمان أو من خلال أنشطة المجتمع المدني أو عبر الصحافة والإذاعة .. وكل تلك كانت منابر فاعلة في تلك الفترة ؟
هل كان ذلك الجهد وتقديم المبادرات من جانب الكنيسة وعلى صفحات " مدارس الأحد " بداية مبكرة للقيام بتمثيل الأقباط اجتماعيًا وسياسيًا والحديث عن حقوقهم في مواطنة كاملة ؟ .. و لم تكن البداية في عصر الساذات وما مارسه من ضغوط على الكنيسة ؟
لماذا تعليم الأديان في المدارس وليس في المساجد والكنائس .. أما كان ينبغي الاكتفاء بكتب في القيم والأخلاق والوطنية والسلام الاجتماعي ؟
في المقال القادم بعمود " بشائيات " نستكمل استعراض جوانب أخرى من جهود كنيستنا وتعليق " مدارس الأحد " لنناقش معًا جذور قضايا لازالت لم تحل للأسف !!!