ماجد الراهب
" وكان تعليمهم بأمثال " 
عندما نشات مدرسة الاسكندرية اللاهوتيه بعد ظهور المسيحية فى مصر كانت تعج بالمدارس الفلسفية والعلوم الانسانية وكانت منارة للعالم أجمع ظهر بها أساطين  الفلسفة فى العالم وكانت اللغة اليونانية هى لغة المثقفين .
 
ويبزغ نجم اوريجانوس وبالرغم من صغر سنه الا أنه أستطاع أن يهضم كل الافكار الفلسفية وعندما تعمق فى العلوم اللاهوتية أستطاع أن يصالح بين علوم اللاهوت والعلوم الفلسفية ولجا الى المدرسة الرمزية والتى أكتملت على يد تلميذه اكليمنضس وفيها تم إخضاع الفلسفة للتطبيقات اللاهوتية ( الفلسفة خادمة للاهوت ) حسب أقوال اكليمنضس .
 
واصبحت الرمزية هى اهم مدارس تفسير الكتاب المقدس خلال الخمس قرون الاولى من عمر المسيحية . 
 
وقد تأثر كل الآباء الذين أتوا بعد أوريجانوس وأكيمندس بكتابتهم وافكارهم ولم تخلوا أقوال أو كتابات كل الآباء حتى المعاصرين من اقتناسات  من تفسير اوريجانوس ومدرسته الرمزية فى تفسير الكتاب المقدس ، وكان الاحتياج للمدرسة الرمزية فى تفسير الكتاب المقدس خاصه فى أسفار العهد القديم والا لكانت كلها عبارة عن قصص تاريخية وأساطير خيالية 
 
وفى العهد الجديد كان السيد المسيح هو المربى الذى تحدث عنه اكليمندس فى كتابه الهام المربى ويوضح فيه أن السيد المسيح لجأ الى الامثال والتفسير الرمزى فى كثير من أحاديثة وخاصة عندما كان يتحدث عن العهد القديم ويشرح نظرية  التكوين وليس التلقين وتبدأ اشكاليات التفسير الرمزى بدء من الاصحاح الاول لسفر التكوين وايام الخلق السبعة ثم قصة السقوط وفى تتبع لسير الانبياء نجد أن كل قصص الانبياء هى اسقاطات لحياة السيد المسيح وخطته الخلاصية للبشر ونعطى الامثله لذلك : 
-ادم الاول وادم الثانى .
- ذبح إسحق وقصة الفداء . 
-فلك نوح ورمزية الكنيسة .
-يونان والحوت والموت والقيامة .
ولو أخذنا كل تلك الامثله بدون الرمزية لا صبحت عبارة عن قصص تاريخية ولا أبالغ لو قلنا  قصص خيالية .
 
وفى العهد الجديد سأكتفى بحادثة  واحدة وهى أول معجزة يصنعها السيد المسيح  وهى تحويل الماء الى خمر فى عرس قانا الجليل وسوف أعرضها فى عدة نقاط 
 
-دعوة السيد المسيح وأمه لحضور عرس قانا الجليل . 
-مظاهر العرس ومنها شرب الخمر . 
-أجران الماء المعدة للتطهير لأهل البيت صاحب العرس .
طلب العذراء من السيد المسيح أن يتصرف فى موضوع .
-أن الخمر قد نفذت قبل انتهاء حفل العرس . 
 
ونلاحظ حضور السيد المسيح لعرس قانا الجليل هو اشارة واضحة لمباركة السيد المسيح  لسر الزيجة وهو من اهم أسرار الكنيسة  حيث يؤسس العريس والعروسة كنيسة جديدة تشهد للمسيح وفى اتحادهم جسديا يشاركا الله فى عملية الخلق ( حسب أقوال الآباء ) 
 
إستجابة السيد المسيح لأمه العذراء فى التصرف لتحويل الخمر يشير الى مكانة العذراء ومكانه الأم بشكل عام وهى دعوة صريحة لعودة مكانة المرأة وكرامتها بعد السقوط حيث حواء الأولى وحواء الثانية .
تحويل أجران الماء المخصصة للتطهير إشارة واضحة لانتهاء التطهير بالماء واصبح دم السيد المسيح المشار اليه بالخمر هو الذى يطهر من كل خطية .
 
والخمر الذى صنعه وحوله السيد المسيح من ماء لخمر كان خمر للافاقة من غفلة الخطية . 
 
لذا نرى أنه لولا التفسير الرمزى لهذه المعجزة لكانت مرت مرور الكرام ولم نستوعب أهميتها وكانت مجرد حادثة عابرة فى حياة السيد المسيح .
 
واخيرا الهجوم الضارى الذى يتعرض له قداسة البابا مؤخرا لدرجة اتهامه بالهرطقة لامر مؤسف حقا يوضح ما وصلنا اليه من جمود فكرى وضحالة  فى علوم تفسير الكتاب المقدس ورفض كل محاولة للنمو الذهنى مقابل التسليم الحرفى والسماعى الذى يدفعنا للتجمد والتحجر . 
 
أحبائى كنيستنا يجب أن تظل ديناميكية متجددة تقبل كل فكر وتناقشه وتبحث فيه طالما يخدم خطه الخلاص ولا يخرج عن ايماننا المستقيم المسلم لنا .