كمال زاخر
 
تعريف مبسط للاهوت التجسد
اللاهوت فى العموم هو العلم الذى يبحث فى الله، ومن ثم فلاهوت التجسد هو الفرع الذى يدرس كل ما يتعلق بتجسد الرب يسوع، والمقصود هنا اننا لا نستطيع فهم قضية الشفاعة بغير ان ندرك النتائج التى جنيناها من تجسد الرب الذى نقلنا من دائرة العبيد الى مقام الأبناء وصرنا اعضاء فى جسده ومن ثم فنحن اعضاء حية، فى علاقتنا ببعضنا وعلاقتنا بالمسيح نفسه
 
عن الشفاعة
مفهوم الجسد الواحد الذى هو جسد المسيح، وكوننا أعضاء فيه، وعلاقتنا ببعضنا فيه، تناولها القديس بولس الرسول فى العديد من رسائله، ونقرأ منها هذه النصوص :
ـ هكذا نحن الكثيرين: جسد واحد في المسيح، واعضاء بعضا لبعض، كل واحد للاخر. 6 ولكن لنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا (رومية 12 : 5)
ـ لانه كما ان الجسد هو واحد وله اعضاء كثيرة، وكل اعضاء الجسد الواحد اذا كانت كثيرة هي جسد واحد، كذلك المسيح ايضا. 13 لاننا جميعنا بروح واحد ايضا اعتمدنا الى جسد واحد (1 كورنثوس الأولى 12 : 12)
 
ـ لكي لا يكون انشقاق في الجسد، بل تهتم الاعضاء اهتماما واحدا بعضها لبعض، فان كان عضو واحد يتالم، فجميع الاعضاء تتالم معه. وان كان عضو واحد يكرم، فجميع الاعضاء تفرح معه، واما انتم فجسد المسيح، واعضاؤه افرادا. (كورنثوس الأولى 12 : 25 ـ 27)
 
ـ فالان اعضاء كثيرة، ولكن جسد واحد. (1 كو12 : 20)
وبناء عليه يكون السؤال هل تنتهى عضويتنا بجسد المسيح بموتنا أو مفارقتنا للحياة هنا على الأرض؟، بالطبع لا، بل على العكس نكون اكثر قرباً والتصاقاً به.
وهل تنقطع الصلة بين الأعضاء وبعضها بالموت أو الإنتقال على هذا النحو؟، بالطبع لا فالجسد بحسب بولس حى.
 
فلذلك يصلى المنتقلون ويسألون الرب عنا ليعيننا كما اعانهم، والحوار بين ارواح المنتقلين والله ذكر سفر الرؤيا طيف منها:
 
(ولما فتح الختم الخامس، رايت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من اجل كلمة الله، ومن اجل الشهادة التي كانت عندهم، وصرخوا بصوت عظيم قائلين:«حتى متى ايها السيد القدوس والحق، لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الارض؟» فاعطوا كل واحد ثيابا بيضا، وقيل لهم ان يستريحوا زمانا يسيرا ايضا حتى يكمل العبيد رفقاؤهم، واخوتهم ايضا، العتيدون ان يقتلوا مثلهم.) (رؤ 6 : 9 ـ 11).
 
وقد ترجمت الكنيسة العلاقة (السوية) بين الكنيسة هنا على الأرض والكنيسة هناك فى السماء وكلاهما جسد المسيح فى صلواتها (فى صلاة المجمع فى القداس)، فتطلب من أجل راحتهم ثم تسأله أن يقبل صلواتهم عنا،
 
فتقول فى صلاة المجمع (مجمع القديسين) فى القداس الكيرلسى:
 
ـ “ أباؤنا وأخوتنا الذين رقدوا إذ قبضت نفوسهم نيحهم ذاكرًا أيضًا جميع القديسين الذين أرضوك منذ البدء ...."
 
ـ "إننا يا سيدنا لسنا أهلًا أن نتشفع في طوباوية اولئك القديسين بل هم القيام أمام منبر إبنك الوحيد ليكونوا هم عوضًا عنا يتشفعون في مسكنتنا وضعفنا (يصرخ هنا ويقول) كن غافرًا لخطايانا تاركًا لآثامنا من أجل طلباتهم المقدسة ومن أجل إسمك العظيم المبارك الذي دعي علينا."
 
لعلى اكون قد اوضحت المعنى فى ايجاز.
 
ويبقى السؤال هل يمكن فهم الشفاعة بحسب المنظور الأرثوذكسى بعيداً عن استيعاب وفهم لاهوت التجسد؟!
 
هذا الطرح ليس للجدل العقائدى وإنما لتوضيح رؤية الكنيسة لقضية التجسد والشفاعة، ومن ثم فلا محل للدخول فى دائرة الخلاف بين الكنيسة والطوائف الأخرى. فحرية الاعتقاد مكفولة لكل أحد.