سليمان شفيق
علي مرمي بصر من الصراع التركي علي مناطق في ليبيا علي الحدود التونسية ، يحتدم الصراع السياسي التونسي بين قوي مدنية تحاول الاطاحة ديمقراطيا برئيس البرلمان الغنوشي وتمتلك 73 صوتا وتفتقر الي 36 صوتا للوصول الي 109 صوتا لتتمكن من ذلك .

استقال رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ من مهامه  اول امس الأربعاء، ليفتح المجال أمام رئيس الجمهورية قيس سعيد لاختيار من يحل محله، وكانت حركة النهضة، التي دخلت في حرب سياسية مع الفخفاخ، بصدد جمع توقيعات النواب لتقديم لائحة سحب الثقة منه، خطوة الفخفاخ "سحبت العشب من تحت أقدام الحركة"، حسب المحلل السياسي باسل ترجمان، ومنحت رئيس الجمهورية قيس سعيد موقعا قويا في اختيار الشخصية المناسبة للمرحلة المقبلة، لتفتح المجال لسيناريوهات كثيرة لمستقبل العمل السياسي في تونس ؟

هكذا مازالت فصول الأزمة السياسية التي تشهدها تونس تتوالى، إذ قررت حركة النهضة الاربعاء 15 يوليو سحب الثقة من رئيس الحكومة التونسية، إلياس الفخفاخ، حسبما نقلت وكالة رويترز للانباء، وذلك بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من إعلان نيته إجراء تعديل وزاري.

وتحقق لجنة برلمانية في شبهات تضارب مصالح، متهم فيها الفخفاخ، لعدم تخليه عن حصص يمتلكها في شركة متخصصة في تدوير النفايات تمكنت من الفوز بمناقصات حكومية. وبدأ الموضوع يحظى باهتمام واسع لدى الرأي العام في تونس منذ أن صرح الفخفاخ منتصف يونيو أنه يملك أسهما في هذه الشركة وأنه بصدد التخلي عن حصصه فيها

السيناريوهات الممكنة:
استقالة الفخفاخ تضع  الرئيس التونسي قيس سعيد في الصدارة من جديد، بل في موقع قوي بحكم أنه ستكون له الكلمة الفصل في تحديد الشخصية التي ستقود الحكومة المقبلة، وأكدت الرئاسة التونسية أن الدستور للعام 2014 يخول سعيد تقديم مرشح لرئاسة الحكومة خلال مهلة زمنية تنتهي بعد 10 أيّام، كان رئيس الجمهورية قيس بن سعيد حتي اول امس الاربعاء يوبخ بشكل غير مباشر "النهضة" على تحركاتها من أجل الإطاحة بالفخفاخ، عاد ليوضح أن "حرصه هو عدم الدخول في صدام مع أي كان"، مشددا على "ضرورة حل المشاكل وفق ما ينص عليه الدستور"، وذلك قبل أن يفتح أبواب قصر قرطاج لاستقبال مقترحات القوى السياسية بخصوص الشخصية التي ستوكل لها مهام قيادة الحكومة المقبلة.

وسيكون على الشخصية المختارة أن تشكل حكومة جديدة في ظرف شهر واحد، فيما يستبعد الجميع إجراء انتخابات في حال فشل الأطراف السياسية في التوصل لحكومة ائتلافية للمرحلة المقبلة.

ومن بين الأسباب الرئيسية التي تبعد فرضية إجراء انتخابات جديدة، أن حركة النهضة غير مستعدة لاستحقاقات مبكرة، على الأقل في الوقت الحالي، بسبب تدهور شعبيتها، وكونها لم تخرج بعد من صدمة الانتخابات الأخيرة التي حصلت فيها على خمسين مقعدا فقط، وهي أضعف نتيجة لها منذ دخولها معترك الساحة السياسية بعد الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي. ويمكن تنظيم انتخابات مبكرة لو رفض البرلمان تشكيلة حكومة جديدة الامر الذي سيدفع بالرئيس حل البرلمان ودعوة المواطنين إلى صناديق الاقتراع مرة أخرى.

المحلل السياسي باسل ترجمان يعتبر، في حديث لفرانس24، أن الشخصية المختارة يجب أن تكون "توافقية، شعارها محاربة الفساد، وقادرة على إخراج تونس من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية"، ولا يمكن برأيه "أن تكون هذه الشخصية من النهضة، لأنها لا تتوفر في الظرف الحالي على شخصية تحظى بإجماع وطني.

ولكي لا تفهم استقالته على أنها انتصار لـ"النهضة"، أكد الفخفاخ أنه "اعتبارا للمصلحة الوطنية... وحتى نجنب البلاد صراع المؤسسات، قدم السيد رئيس الحكومة" استقالته "حتى يفسح لرئيس الجمهورية طريقا جديدة للخروج من الأزمة.

وسحبت استقالة الفخاخ السجادة من تحت أرجل حركة النهضة، حتى لا يسمح لها بفرض مرشحها لرئاسة الحكومة جديدة، وخسرت بذلك رهانها في حربها مع رئيس الوزراء المستقيل. فهذه الاستقالة، بالنسبة لا تعني انتصار النهضة، بل لم تمنح السبق لأي طرف وثبتت موقف كل جهة من الوضع

وكانت "النهضة" على مرمى حجر من جمع العدد الكافي من التوقيعات للتصويت بسحب الثقة من رئيس الحكومة التونسية المستقيل إلياس الفخفاخ. وحظيت في ذلك بدعم الكتلة النيابية ائتلاف الكرامة ومعها "قلب تونس"، حيث جمعت 105 توقيعات من بين الـ109 المطلوبة. وهذه المعركة التي تقودها ضد الفخفاخ والائتلاف الحكومي لاتزال في بدايتها. ويحاول اليوم حلفاء الأمس رد الصفعة لها بتقديم 73 نائبا الخميس لائحة لسحب الثقة عن رئيس البرلمان راشد الغنوشي الذي يتزعمها.

 ودخلت "النهضة" في تحالف مع خصمها السياسي السابق حزب "قلب تونس" الذي خسر مرشحه بالانتخابات الرئاسية أمام الرئيس الحالي قيس سعيد، علما أنها ظلت تؤكد قبل الانتخابات أنها لا تقيم معه أي ائتلاف، إلا أنها "وجدت فيه اليوم ذلك الحزب الذي ينصت لإملاءاتها، وتحالفت معه"،

هاجم الفخفاخ في بيان له ، حركة النهضة قائلا إن "الدعوة لتشكيل مشهد حكومي جديد، يعتبر انتهاكا صارخا للعقد السياسي الذي يجمعها مع الأطراف الأخرى، ومع رئيس الحكومة، واستخفافا بالاستقرار الحيوي لمؤسسات الدولة واقتصاد البلاد المنهك جراء فيروس كورونا، ومن تفاقم أزماته الهيكلية".

وكان الفخفاخ قد اتهم في منتصف يونيو الماضي، بحصول شركات يملك فيها حصصا من الأسهم، على عقود مع الدولة، بما يؤدي إلى حالة من تضارب المصالح، في ظل شغله لمنصب رئيس الحكومة، ونفى الفخفاخ هذه التهم، مؤكدا أنه تخلى بشكل طوعي عن أسهمه بهذه الشركات، وأن الصفقات التي أبرمتها كانت سابقة لتوليه رئاسة الحكومة التونسية، في وقت تجري فيه السلطات القضائية تحقيقا بشأن الموضوع

غير بعيد عن الصراع المحتدم، بين كل من رئيس الحكومة من جانب، وحركة النهضة من جانب آخر، أطلقت أربعة أحزاب تونسية، دعوات لسحب الثقة من الغنوشي كرئيس للبرلمان، في خطوة قد تضيف مزيدا من التعقيد لمشهد معقد بالفعل، وقد جمعت تلك الأحزاب حتى الآن 73 توقيعا، لكنها ماتزال بعيدة عن الحد المطلوب لسحب الثقة، والذي يتطلب 109 توقيعا

وتقود عبير موسي، رئيس الحزب الدستوري الحر، وهي شخصية مثيرة للجدل في تونس، وتعرف بأنها كانت من أنصار الرئيس السابق زين العابدين بن علي، جهود سحب الثقة من الغنوشي، متهمة إياه بأنه يخدم أجندة قوى خارجية، على رأسها تركيا وقطر.

ولازالت حركة النهضة في صراع غير مباشر مع الرئيس قيس واتحاد العمال من جهة ومع القوي المدنية من جهة اخري .‬‬‬