بقلم : جمال رشدي
الحرب الالكترونية الشعواء التي تشن ضد قداسة البابا تواضروس الثاني منذ جلوسه علي كرسي مار مرقس، هي داخل مضمون الحرب الالكترونية المنظمة التي تشنها الصهيونية العالمية ضد الدولة المصرية والتي تهدف إلي حلحلة تركيبة وتماسك المجتمع عن طريق هدم القيمة وتقزيم القامة، فالمخطط الصهيوني الهدف الأكبر له هو إقامة إسرائيل الكبري من النيل إلي الفرات، وكل الأحداث التي  واجهتها المنطقة منذ 25 يناير إلي الان هو لب المخطط لتخريب وتقسيم المنطقة وتدمير الجيوش، وقد نجحوا في ذلك في معظم دول الخريف العربي لكن كانت المفاجأة الصادمة لهم وهو انتصار حورس المصري بقيادة القوات المسلحة الذي استطاع تطويق وتركيع المخطط وإدخاله داخل أشبار قليله للقضاء عليه.
 
لكن تبقي الكنيسة المصرية هي العدو اللدود الأول للصهيونية العالمية لعدة أسباب، وهي من وجهة نظرهم الوريث الشرعي لدولة وحضارة حورس التاريخية بكل الجوانب الثقافية والاجتماعية والتاريخية، ووجود ركائز قوية لحضارة حورس ( كما يطلقون عليها في الدوائر الصهيونية ) يمنع حلم الوصول إلي إقامة إسرائيل الكبري التي تعتمد علي تهيئة الملك للمسيح المزعوم لمملكتهم ( المسيح الدجال )، وبما إن الكنيسة المصرية لديها كل الأدلة الروحية والتاريخية علي كذبة هذا المسيح الدجال وتستطيع قيادة حرب روحية ضد هذا الهدف، فكان لابد إن تكون هناك حرب كبيرة ضد الكنيسة من الصهيونية العالمية متمثلًه في رأسها وهو قداسة البابا تواضروس الثاني، ولا ننسي موقف قداسة البابا شنودة الثالث الراحل واعتراضه علي معاهدة كامب ديفيد،  كل ذلك خلق عداء مستحكم بين الكنيسة المصرية والصهيونية العالمية.
 
فقد نجحت الصهيونية العالمية من تفريغ بعض دول المنطقة العربية من المسيحيين، وقد حدث ذلك في العراق وسوريا من حرب شرسة ضد الوجود المسيحي وتراثه، وفي مصر وما حدث أبان ثورة 30 يونيو من هجوم مسلح من الجماعات الإرهابية علي الكنائس وبعض الممتلكات المسيحية في مصر وسط صمت من كل الدول والدوائر الغربية كمباركة لهذا الفعل الارهابي.
 
لكن كان رد قداسة البابا كبير جدًا ويعبر عن مدي إدراكه لخطورة المخطط وأهدافه، عندما قال وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن، وكانت المفاجأة الصادمة للمخطط عندما تحرك الشعب المصري في كل منطقة للدفاع عن الكنائس وحمايتها. 
 
وفي مواقع التواصل الاجتماعي يشن من اختطفهم الفكر الصهيوني، بسبب عدم انتماؤهم الوطني أو عدم إدراكهم الثقافي حرب ضد قداسة البابا، وهولاء هم أدوات المنطقة الظلامية التي يستقطبهم المخطط سواء بعلم بعضهم أو بعدم علم معظمهم، ووصل الامر إلي التطاول والتجريح والطعن الذي يحاسب عليه القانون، وفي كل هذا صمت قداسة البابا صمت المحبة والتسامح مرددًا إنهم أولادي الذي أصلي من اجلهم.
 
وصل الامر إلي  تصيد الكلمات واختطافها من المضمون والتنمر والتحفيل علي مواقع التواصل، في حين عبرت النخبة القبطية من كتاب ومثقفين وقادة عمل اجتماعي وسياسي مع رجال الدين المسيحي عن استنكارهم وغضبهم لما يحدث ضد قداسة البابا، وطالب الكثيرين بان تتخذ الكنيسة موقف قانوني رادع ضد هولاء حفاظًا علي الوطن والكنيسة.
 
وان كنت أري إن ما تعرض له قداسة البابا لم يتعرض له احد من البطاركة عبر تاريخ الكنيسة سابقًا، لكن نجح الرجل بكل حكمة  وحنكة في الصمود الصامت، لأنه يعلم أبعاد المؤامرة ويعلم إن معظم من يحاربونه هم ضحايا ومختطفين ذهنيًا من الحرب الالكترونية التي جندتهم بدون مقابل معتمده علي ضعف انتمائهم الوطني أو عدم إدراكهم الثقافي والمعرفي .
 
وفي كل هذا استطاع قداسة البابا إن يكون عظة تجسد معني الاحتمال والتسامح والمحبة للجميع، وان يجعل معظم الشعب المصري يلتف حول شخصه لما يمثله من ثقل وطني كركيزة، بجانب آخيه فضيلة الشيخ الدكتور احمد الطيب يرتكز عليهما الوطن في تلك المرحلة الصعبة من تاريخه .
 
وأخيرًا أعلن تضامني مع قداسة البابا وأقول لمن يهاجموه، إن لم يغيرك صمت وتسامح ومحبة قداسة البابا الغير محدودة فأنت في الطريق الخطأ، وعليك مراجعة نفسك قبل فوات الأوان،  لن أطالب الكنيسة إن تلجأ إلي القضاء ضد هؤلاء لان ما فعله قداسة البابا من تسامح غير محدود هو اقوي تأثيرًا من أي قانون ارضي، فنصلي من قلوبنا إن يحفظ الله مصر وقائدها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجيشها وشرطتها وكنيستها وازهرها الشريف  من كل سوء وشر.