سحر الجعارة
1 - «الحاخام والقس والشيخ»:
الحمد لله الذى خلقنا إناثاً.. نحمل سر الحياة بداخلنا.. نتعرض للوأد، نُذبح قرباناً للهوس الدينى.. لكننا لا نفنى!.. لم تحرمنا السماء من بركاتها، ولا لاحقتنا بلعناتها.. لكن «كهنة المعبد» فعلوها.. فى كل الحضارات.

كلنا «عروس النيل».. نغرق ظلماً ليفيض النهر!.

نرتدى «حزام العفة» الفرعونى.. أو نُحرق فى طقس هندى لنُدفن مع الزوج!.

نحن «عار» فى اليهودية، «عورة» فى الإسلام، و«ملكية خاصة» فى المسيحية.

الرسائل السماوية لا تظلم، لكن رجال الدين يتقنون توظيف «المقدس» لقهر المرأة.. وسلب السلطة.. قطعاً لم يخلقنا «البارئ» لنصادق الشيطان، ونشيع الفاحشة، ونفسد جنة الرجل على الأرض.

لم يخلقنا الله كائناً أدنى، يُضرب ويُظلم.. ويباع فى أسواق النخاسة عبر كل العصور!.. لكنهم قرروا مصيرنا فى حكم غريزى: «ملك يمين».. لأى رجل كسل، أكول، نهم لافتراس «تاء التأنيث»!.

لم نعد ورثة «سارة» و«هاجر».. «الحكماء» حددوا سجلنا من «التلمود»: (ثرثارات، طماعات، كسولات، غيورات.. يتجسسن على الأسرار).. ثم جندوا بعضنا فى جيش الدولة العبرية!

لم نعد فى طهارة «العذراء».. فليس أمامنا إلا «الزنا» للحصول على الطلاق.. فإما «التبتل» أو الحرمان من بركة «الكنيسة» وسلطتها!.

لم نعد فى علم «عائشة»، وليس لنا حقوق «فاطمة».. صرنا محاصرات بـ«محرم» يقيد حركتنا.. نرضخ لتعدد الزوجات.. لا نناقش «الميراث».. لا نصلح لإمامة الصلاة.. ثم نتغنى بإنصاف الإسلام للمرأة!.

2 - «يسألونك عن الاستبداد!»:
قل إننى تمردت آلاف المرات، وعشت مئات الحيوات، من تلك الصبية التى يخنقها الصمت وتأسرها «العادات والتقاليد»، وتزفها إلى فراش الزوجية حيث تُذبح قرباً للحرية، وتخرج من ضلعه الأعوج بعودها المستقيم وفى يدها «عصمتها» لتبدأ حياة جديدة.

على أعتاب «العاصمة المتوحشة» تتمهل، تنتظر أن تبدأ «رقصة الحياة»: ما العاصمة إلا «معتقل كبير»!.. كان لا بد أن تعشق لتبرأ من لعنة «الموتة الأولى»، أن تحول قضبان سجنها لقصة حب تسطر اسمها فى أساطير العاشقين.. كان لا بد أن تركع فى محرابه، أن تصلى خلفه، أن تمنحه حق «القوامة» المطلق، أن تغلف أحلامها الكبيرة بأوراق الورد وتمنحه الوصاية عليها.. أن تستسلم فى حضرة «المستبد العادل».. وتنتظر لتأتيها الإجابة: «المساواة فى الظلم عدل»!.

نظرت فى المرآة: ملامحها تغيرت، اكتست عيناها ببريق الحزن، استبدلت الجمال بعنفوان القوة، حتى صوتها أصبح غاضباً حائراً.. أدركت أخيراً أنها قبلت «الاستبداد» طواعية لتفك شفرة الحب وطلاسمه.. تُرى هل كفرت به؟.

3 - «الاستبداد الدينى»:
ازدحم دفترها بالأسماء، أصبحت حياتها صاخبة، تتنقل من نجاح إلى آخر دونما تخطيط.. لا تزال قيمها المفضلة «الحرية والمساواة».. كلما تحققت تكتشف أن أسر الزوج أهون من قبضة المجتمع، واستبداد العشق أروع ما فيه.. لقد تحررت من «مستبد» واحد لتواجه مجتمعاً بأكمله يكرس الاستبداد ويرسخ قيم نفى المرأة ومصادرة وجودها وعبوديتها للرجل و«كسر ضلعها» دون أن ينبت فى جناحيها 24 عوضاً عنه!

«المرأة تقود العالم».. وزيرة، قاضية، محافظة.. كل هذا على «المنصة»، أما فى أرجاء المجتمع فيهلل الغوغاء للمتحرش ويصفقون للمغتصب لأنه اقتص لإله «غير الذى نعبده».. إله كتب العهر على جبين المرأة ووشم كفيها بخاتم الفسق والانحلال!.

أصبحت مهمومة، الأجندة النسوية مكتظة: (ختان الإناث، مفاخذة الصغيرة، زواج القاصرات، نكاح المتوفاة، أسواق النخاسة العصرية).. وهى تعيش موتهن وتصرخ نيابة عن آلاف الضحايا: «المرأة صوت المقهورين».. إنها يوماً «جانا» طفلة البامبرز التى اغتصبوها.. وفى يوم آخر «لمياء حجى بشار»، الفتاة الأيزيدية صاحبة الـ19 عاماً «دون ربيع»!.

«لمياء» نادت بصوت جريح شيخ الأزهر الدكتور «أحمد الطيب» عله يكفّر «داعش».. أو على الأقل يجرّده من عباءة الإسلام.. لكن كيف يكفّر «داعش» وعلماؤه يحللون سبى النساء (سعاد صالح، عبدالمنعم فؤاد)؟!

تخيلت أن صرختها ضد «الفاشية الدينية» للإخوان ستكون الأخيرة، فإذا بالمشانق معلقة فى كل الزوايا: (فى كلمة ثائرة، على باب المشيخة، فى فتوى طائشة).. ثقافة «داعش» تحكم الوطن من الباطن.. هكذا تخيل الكهنة أنهم يُحكمون سطوتهم على الوطن.. بطعنه فى «عورته».. بنزع عفته وشرفه لتحتكر العمائم «الفضيلة» وتوزع صكوك الغفران كيفما تشاء!

أصبح موتها البطىء يتقدم على دقات طبول الحرب الدينية، رأت كائنات غريبة، وغلاماً ذليلاً لا يصلح إلا قواداً يتبع الكاهن الأول كظله.. رأت المجتمع يتحول إلى فيلم رعب يعرض على اليوتيوب.. مشاهد الاستبداد الدينى مرعبة: هتك الأعراض، اغتيال الجنود البواسل والقساوسة، تفجير مسجد «الروضة» أسوة بتفجير الكنائس.. و«القواد» يتقاضى أجره من تدنيس أعراضنا!

أصبح العالم الرحب بحجم قبر.. فسكن القلم انتظاراً لطلة «بهية» فى حياة أخرى قادمة.
نقلا عن الوطن