ارفعوا أيديكم عن قداسة البابا  ( 4 ) 

 بقلم : د . مجدى شحاته
بعد تفشى وباء فيروس كورونا فى كافة أنحاء العالم وحصد أرواح مئات الآلاف وأصاب الملايين ، صرح قداسة البابا تواضروس الثانى خلال احدى اللقاءآت الصحفية  بخصوص استخدام ( الماستير ) الملعقة الصغيرة التى تستخدم فى التناول : " الغاء الماستير قد يحدث ، لكننا لم نتباحث حوله خلال إجتماعات اللجنة الدائمة للمجمع المقدس" وكان قداسته قد أعطى تفويضا صريحا لكل اسقف فى اوبرشيته التصرف فى الامر .
 
وهنا يؤكد قداسة البابا ، كما عودنا  منذ تواليه المسؤولية ان الكنيسة القبطية الارثوذكسية ، كنيسة مجمعية لا يوجد بها قرارات منفردة  للبابا ، وان المجمع المقدس هو صاحب القرار الاول والاخير .   
 
فالمستير هو طقس ، والطقس كلمة يونانية taksis  تعنى ترتيب او نظام ، وليس له علاقة بالايمان او العقيدة او التسليم  . وليس له أى تأثيرعلى فعالية السر المقدس . أما الجسد والدم ( التناول ) عقيدة او ايمان  أى ثوابت راسخة لا تتغير او تتبدل حتى الازل . ونصلى ونقول فى القداس الالاهى " يُعطى لغفران الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه " .
 
هذه النعمة والوعد الالهى يرقى ويسمو الى المنتهى عن نعمة الشفاء من أمراض الجسد ، الذى يفنى ويعود الى التراب ان عاجلا او آجلا . المعروف ان التناول المقدس له أكثر من طريقة منصوص  عليها  فى الخلاجى  خاصة فى حالة المرض . والسؤال للمعاندين المتشددين : لماذا نقبل تغيير الطقس عند تناول المرضى ، ونرفض تغيير الطقس فى حالة تفشى الوباء ؟ الكنيسة لا تعرف الجمود والتكلس التشدد والتزمت فى تطبيق الطقس القابل للتطويروالنمو دون المساس بثوابت العقيدة . اما تطبيق الطقس بحرفية فريسية متشددة ، والتمسك بالشكليات على حساب الوفاء بالروح ، يصبح الطقس هو الاساس ويتراجع المفهوم والهدف الروحى العقائدى الكتابى والمسلم من الرسل والآباء .
 
لقد حطم السيد المسيح اصنام الطقس وأسقطه الى الابد ، عندما تصدى لليهود الذين هاجموا التلاميذ بعد ان قطفوا بعض سنابل القمح ويأكلونها ( كان مسموحا للجائعين أن يقطفوا بعض السنابل ويفركونها بأيديهم ، ويأكلونها لسد جوعهم ) حدث ذلك يوم سبت ، فقد فعلوا " ما لا يحل فعله " وقال لهم يسوع : " أما قرأتم ما فعله داود حين جاع هو والذين معه ؟ كيف دخل بيت الله وأكل خبز التقدمة الذى لم يحل أكله له والذين معه ، بل للكهنة فقط ؟ " ( مت 12 : 3 ) كانت مواجه قوية صريحة واضحة غلبت فيها الروح قصور طقس السبت ،  وتهاوت وتحطمت قيود التشدد  المظهرى وانكسرت  قيود التزمت الشكلى ، وقال يسوع مقولته الخالدة معلما البشر  " ههنا أعظم من الهيكل ، فلو علمتم ما هو، لما حكمتم على الابرياء ، انى اريد رحمة لا ذبيحة " ( مت 12 : 6 ) . الطقس مهما عظمت قوته فهو فى النهاية لأجل الانسان .. لا الانسان لأجل الطقس ، ولا ينبغى ان نجعل الطقس أداة او وسيلة للسيطرة على عقول البسطاء .                       
                                                               
   على سبيل المثال وليس الحصر ، اذكر بعض االحالات التى طورت اوعدلت فيها الكنيسة الطقس وفقا لبعض المتغيرات المحيطة . وكلها تطورات او تعديلات فى ترتيب وتنظيم الصلوات والطقوس دون المساس او تغيير فى المفهوم الايمانى او العقائدى فهى ثوابت .  
 
سر العماد كان يتم فى الانهار أو المياه الجارية ،  كما تعمد السيد المسيح فى نهر الاردن  . 
 
  وحدث تطور فى الطقس ، الى ان استقر على ما هو عليه فى وقتنا الحالى . وأصبح التعميد يتم فى جرن المعمودية المبنى داخل الكنيسة . وكان يتم السرعلى أيدى الآباء الاساقفة  فقط ، وبمرور الوقت تغير الترتيب والطقس ويتم العماد على أيدى الاباء الكهنة . فى سر العماد يتم رشم  الطفل الذى يتم تعميده  بزيت الميرون المقدس 36  رشما . لكن فى حالات خاصة  تختلف وتتفاوت عدد الرشومات بالميرون وفقا لعمر من يعتمد وظروفه ، فاذا كانت امرأة بالغة لا يمكن رشم كافة مفاصل الجسم .   
 
   سر الزيجة كان يتم اثناء القداس اللالهى صباح الاحد . وبسبب تعذر حضور كثير من أهل وأصدقاء العروسين صباحا ، تغير الترتيب وأصبح سر الزيجة يتم فى المساء خارج القداس اللالهى . فى زمن قداسة البابا المتنيح كيرلس السادس ، كان من الممكن صلاة سرالزيجة فى المنازل ، اما الان تغير الوضع وأصبحت سر الزيجة يتم فى الكنيسة مع ضرورة سجود العروسين أمام المذبح المقدس كواحدة من طقوس صلاة الاكليل المضافة .             الكنيسة تستخدم المذبح الحجرى المدشن بزيت الميرون المقدس .
 
ولكن فى حالات ضرورية يمكن استخدام مائدة خشبية عليها اللوح المقدس المدشن بالميرون . مثال آخر على تغيير الطقس . ففى القرون الثلاثة الاولى ، لم يكن هناك قداس الاهى ، ولا صلوات مكتوبة . بل كان يتم كسر الخبز بعد صلاة شكر ، ثم صلاة استدعاء الروح القدس لتقديس القرابين والخمر  والان اصبح لدينا ثلاث قداسات . فى الزمن القديم كانت كل صلوات الكنيسة عبارة عن مخطوطات مكتوبة بأيدى الآباء والرهبان ، حتى  ادخل البابا كيرلس الرابع المطبعة بعدها اختفت كافة المخطوطات ، وواجه القديس كيرلس الرابع فى ذالك الوقت معارضة شديدة لأستبدال  طقس المخطوطات بالمطبوعات . والان نستخدم الكومبيوتر والموبايل والشاشات التلفزيونية داخل الكنيسة والهيكل .
 
اذن التطويرفى ترتيب او نظام الصلوات اى الطقس ، كثيرا ما حدث  ، وامر وارد ان يحدث وفقا لمتغيرات كثيرة تتعلق بالظروف المحطة ومتغيرات العصر وحالة المجتمع الكنسى  ، وهذا لايفير ولا يؤثر مطلقا على فعالية أسرار الكنيسة المقدسة بشرط ان يكون هذا التطوير طقسيا ولا يمس الايمان والعقائد الكتابية المنصوص عليها او الموحى بها فى الكتاب المقدس او المسلمة من الآباء القديسين .    
 
أعداء الحق بل أعداء الكنيسة ، هاجموا وبشدة  قداسة البابا توضروس الثانى ، بعد ان قام قداسته بافتتاح المكتبة البابوية المركزية بمركز ( لوجوس ) بالمقر البابوى بدير القديس الانبا بيشوى بوادى النطرون . الافتتاح الذى شارك فيه أعضاء المجمع المقدس الذين حضروا سمينار المجمع المقدس . ولم يعرف اى انسان ماهو الأمر المعيب او الخطأ فى افتتاح مكتبة قبطية ارثوذكسية فى أحد اديرتنا العامرة لنشر واتاحة مزيد من المعرفة والثقافة الروحية القبطية الارثوذكسية ؟؟؟  فالمكتبة مساحة أكاديمية رائعة للباحثين فى القبطيات ، تعمل على رفع الوعى الثقافى والروحى فى المجتمع الكنسى ، وتكثيف البحث القبطى والروحى ، وحفظ الانتاج المعرفى وتبادل المعرفة مما يعود بالنفع على الكنيسة والمجتمع المحيط .  ( للموضوع بقية  .... والى لقاء مع المقال الخامس ان شاء الله )