بقلم – روماني صبري 
 
منذ وطأت أقدامه عالم الإخراج السينمائي،  كشف فرانسيس فورد كوبولا  ذو الجذور الايطالية انه سيكون أحد عباقرة الإخراج في العالم، يعد من أفضل الكتاب الذين كتبوا للسينما،  امتلك ذكاء متقدا جعله يتربع على قائمة أعظم صناع السينما، لم يحب أسلوب لوي الذراع الذي انتهجه منتجي هوليوود وما زلوا ينتهجونه، ليحقق لهم الأفلام التي ترضيهم وتعتمد على التكنولوجيا والأسماء الكبيرة للفنانين، حصل  على جائزة الأوسكار خمس مرات، اشتهر بثلاثية الأب الروحي، والمحادثة، والقيامة الآن.

انتصرنا على منتجي أمريكا    
ويقول كوبولا :" عرف الناس أعمالي التي قدمتها في حقبة السبعينيات من القرن الماضي في مدة 5 سنوات، مثل الأب الروحي، المحادثة، والجزء الثاني من الأب الروحي،  والقيامة الآن بطولة مارلون براندون، في الحقيقة جيلنا كان يجري بسرعة شديدة حتى لم يكن بإمكان أي شخص إيقافنا، لم نطلب الإذن من احد لنخرج الأفلام التي نحبها، بل حدث العكس صنعنا أعمالنا وحين انتهينا منها أبصرونا.

الفيلم الآن يتحكم فيه المنتج 
واستكمل في حديث تلفزيوني :" لا اقصد أن أقول أنها كانت أفضل حقبة لي كمخرج سينمائي ولجيلي،  لكن هؤلاء المنتجين لم يكن لهم سلطة، لكن للأسف في الوقت الحالي لا يمكن الهروب منهم كما فعل جيلي، قوة كبيرة للغاية باتوا يمتلكونها للتحكم في الفيلم.
 
ماذا كان حلم كوبولا  ؟ 
كنت احلم بالعمل أن أكون مخرجا مؤلفا، اكتب السيناريو وأقوم بعدها بإخراجه، عندما تعرفت على المخرج مارتن سكورسيزي ونحن شباب كنت أريد العمل في الإخراج والكتابة أن اصنع ما يعرف بسينما المؤلف.
 
أحد رواد سينما المؤلف
لم أتوقع كل هذا النجاح للأب الروحي الجزء الأول، واعتبره نجاح مفاجئ غير حياتي المهنية، وبالطبع ثمة اختلاف في أفلامي عن بعضها ومرد ذلك أن هناك أفلاما فرضت علي، ومنها الأب الروحي لم أكن أريد إخراجه، حتى قررت استغلاله في التجريب، فكنت أقول لنفسي : استغل هذه الأفلام حتى تصنع فيما بعد أفلامك التي طالما حلمت بها.

متى انتهت حرية جيلك ؟ 
السينما فن جديد لم يستخرج منه غير 6% منها 4 % أيام السينما الصامتة، انقضت الكثير من السنوات على فيلم "بوابة الجنة"، الذي يمثل بالنسبة لي انتهاء فترة حريتنا في السينما كون المنتجين بعده تحكموا في العمل.
 
هل أفادت جيله التكنولوجيا ؟ 
 في شبابي أوليت اهتماما كبيرا  بالتكنولوجيا ورأيت أنها ستغير المجال السينمائي، تحمست لها في البداية كوني اعتبرتها ستجعلنا نحقق أمور كانت مستحيلة، قلت ستمنحنا التكنولوجيا دفعة لصناعة الأفلام، لم اعتقد أنها ستكون قيدا جديدا يخنق صناعة الأفلام التي نريدها، اعتقد أنها كانت ستفيد مخرج مثل ستانلي كوبريك، الذي كان يريد إخراج فيلم عن نابليون بونابرت، واعلم كل العلم انه تكبد الكثير من المعاناة وهو على عمل "سبارتاكوس." 

لو كانت التكنولوجيا الحديثة موجودة في الاستوديوهات لتمكن كوبريك وقتها من تحقيق فيلم نابليون دون الاستعانة بالديكور والكومبارس بكثرة.
 
أشعرتنا بغربة 
تم استخدام التكنولوجيا بكيفية خاطئة في الأفلام ما جعلني أنا وجيلي نشعر بغربة، فكل أسبوع كان يشهد الكثير من الأفلام بسببها وكأننا في سباق للخيول !، إلى جانب المنتجين الذين باتوا يتحكمون في كل شيء، فشعرت إنني منبوذ منهم فأجبرت على التفكير في إخراج فيلم تجاري كي يرضوا عني ويسمحوا لي بإخراج الأفلام التي أحبها.
 
ماذا سيجني من يدخل في عداوة مع هوليوود ؟ 
أسعى جاهدا لأظل اعمل في هذا المجال، حتى لا أصبح مثل المخرج "اورسن ويلز" – مخرج فيلم المواطن كين-، كان عدوا للسينما في هوليوود فطرد من العمل هناك وبقي سنوات عاجزا عن إخراج الأفلام التي يحبها.
 
نشروا ثقافة التلفاز
غسلوا أدمغة الجمهور بثقافة التلفاز والمسلسلات، ومن الواجب التعامل مع الأفلام كأداة لفهم العالم، فعندما تتحول الأفلام لمنتجات ربحية تقلد بعضها البعض، كيف سيستطيع كتاب المؤلفون والمخرجون والممثلون التعامل مع القضايا التي ترتبط بالحياة التي نعيشها ! .

  فيما يخص فيلم "تيتانيك"، بلغت تكلفة إنتاجه أكثر مما كشفت الشركة، وأنا أحب هذا الفيلم كونه كشف إصرار مخرجه – جيمس كاميرون-،  بان الأهم  في النهاية هو الفيلم وليس بطله، هذا الدرس المستفاد من التجربة لا انه كلف مئات الملايين.
 
لا أخشى منتجي هوليوود 
بالنظر إلى مسيرتي أرى  التحديات التي واجهتها في الكتابة أو الإخراج، أكدت لي أن كافة القرارات المثيرة للجدل التي اتخذتها باتت بعدها محل ترحيب، وهذا منطقيا جدا من الضروري التصدي للتقاليد في المجال السينمائي، فهم يقولون عليك أن تفعل كذا وكذا ما يجعل الأفلام نسخ كربونية من بعضها.
 
لذلك قررت إنني لن اخرج فيلما إلا لو كتبت له السيناريو، ومرد ذلك إنني اتخذت قرارا ألا أكون مخرجا تابعا لأي أستوديو في هوليوود، ولما احتاج لمنتجي هوليوود  وأنا امتلك تجارة نبيذ كبيرة ! .
 

يذكر أن كوبولا عرفه شلل الأطفال بعدما بلغ العاشرة من العمر، في الجانب الأيسر من جسمه، فبقي طريح الفراش لسنوات، وخلال فترة المرض أدرك حبه للسينما عبر جهاز صغير بدائي لعرض وتعديل الأفلام ابتكره بيده، وبعدما تماثل للشفاء استكمل دراسته وزاد شغفه بالسينما حتى نجح في تحقيق حلمه في النهاية بالعمل في الكتابة والإخراج السينمائي.