كتب : مدحت بشاي
medhatbe@gmail.com
في مقال رائع وهام للكاتب م . ثروت صموئيل " تناول فيها ظاهرة انتشارملصقات ولوحات إعلانية بالحجم الكبير في شوارع القاهرة المحروسة كريهة تقول "استر بنتك خلينا نعرف نصوم"، "استر بنتك خلينا نعرف نصلي "  و كان المقصود بهذه العبارات التي انتشرت مع بداية شهر رمضان الماضي، نقد ملابس الفتيات والمرأة المصرية على اعتبار أن ملابس المرأة تفسد الصلاة والصوم.وانتشرت أيضًا عبارة "قطعة الحلوى المغطاة لا تجذب الذباب"، مشبهين المرأة بقطعة الحلوى التي تجذب الذباب "الرجال"، عندما تكون سافرة أي غير منتقبة أو على الأقل غير محجبة وترتدي ملابس غير لائقة من وجهة نظرهم.
 
"    و علق كاتبنا " الحقيقة إن هذه العبارات لا تصدر إلا عن أشخاص ناقصي العقل والأهلية.. " 
وّ إذ يدهشنا إهانة المرأة والرجل أيضًا الذي بات كالذباب ، يدهشنا أكثر أنه لا عقاب ولا حساب ولا متابعات تعيد للمرأة حقوقها وترد عنها الإهانات !!
 إنها المرأة التي شاركت بقوة وحماس وفعالية في كل انتفاضات الوطن وثوراته ، وهي أيضاً التي تحملت بصبر وأناة كل حملات التخلف والرجعية الفكرية ، وللأسف من جانب بنت جنسها ( حملات انتقاد وتسفيه لدور النساء المشاركات في ثورة 25 يناير وسألوها " إيه اللي وداكي " ..
 
وبالمناسبة  ، لا يمكن نسيان كشف مباحث المنيا غموض مذبحة الشقيقات الثلاث، اللاتي عثر عليهن جثثا هامدة على فراشهن بمركز بني مزار منذ سنوات .. لتزيح الستار عن واحدة من أغرب جرائم القتل، بطلها الأب أمين شرطة الذي دفعته عقدة كراهية البنات إلى التخلص منهن دفعة واحدة بسم الثعبان.
 
وتحالف مع الشيطان في شراء ثعبانين سامين كوبرا، وتدرب على كيفية استخدامهما، ثم أطلقهما على بناته الثلاث صابرين ـ3 سنوات ـ وفاطمة 5 سنوات وهند7 سنوات، لتموت كل منهن بلدغة ثعبان سام ثم أبلغ الشرطة بعثوره عليهن قتلى.. وقرر والدهن حمدي محمد فؤاد33 سنة أمين الشرطة، أن الوفاة جاءت بسبب لدغة ثعبان. الشقيقات لقين مصرعهن متأثرات بلدغة ثعبانين قام الأب بشرائهما من السوق بمنطقة السيدة عائشة بالقاهرة، حيث تدرب الأب على يد حاوي على استخدام ثعبان الكوبرا ثم طلب من الحاوي القيام بمهمة التخلص من بناته بلدغة الثعبان مقابل مبلغ مالي، ولكن الحاوي رفض فكرة الأب القاتلة، فقرر الأب التخلص من بناته بنفسه، وترك الثعابين تلدغ الشقيقات أثناء نومهن ثم تخلص من الثعابين بحرقهما وإلقائهما في مجرى مائي. كما توصلت التحريات إلى أن قرار الأب بقتل بناته كانت فكرة قديمة راودته منذ أكثر من عام بعد طلاق أم البنات، وتجددت الفكرة بعد أن أنجبت له الزوجة الجديدة الولد !!
 
ويبقى السؤال: هل تكرار وقوع مثل تلك الحوادث بات يمثل ظاهرة، تبدأ بممارسة العنف ضد المرأة ونبذها وإهمالها إلى حد نفيها من الوجود الإنساني والاجتماعي والسياسي؟... نعم الظاهرة موجودة قبل ثورة يناير 2011، نعم كان لدينا ظاهرة المرأة المعيلة في غياب دور الزوج المسئول عن الأسرة، نعم ظاهرة الرجل الشرقي المستبد لازالت تسكن بيوتنا، ولكن الأمر قد اختلف بعد ثورة يناير وفتح البلاد وحدودها لعودة أعداد كبيرة من رموز الإسلام السياسي من غربتهم ومنفاهم، والإفراج عن بعضهم في احتفاليات إعلامية، ثم الذهاب للموافقة على تشكيل أحزاب بمرجعية دينية وتعديلات دستورية عبر لجان بنفس المرجعية ، والآن نعيش المحصلة السلبية لأخطاء تتابع حدوثها نعلمها جميعاً ، والتي كانت المرأة أبرز ضحاياها.. لقد توسطت المرأة كل مشاهد وفعاليات جماعات الرفض قبل ثورة 25 يناير ، ثم دورها العظيم والعبقري في مواجهة حكم الإخوان ودعم جركة " تمرد " وتأييد الرئيس السيسي وثورة 30 يونيو المجيدة  .. 
 
في 2010 كانت الدعوة السلفية قد أصدرت فتوى "بعدم جواز ترشح المرأة في المجالس النيابية" وفي 2011 عادت وأجازت المشاركة مع أنها كانت ترى أن الأصل (عدم الجواز) لضعف المصلحة وما قد يترتب عليه من تنازلات شرعية ، ولكنها عادت وأكدت بعدم وجود ما يمنع من ترشح امرأة على القوائم للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، ومنها: "حزب النور" وبررت ذلك بضرورة درء مفسدة ترك البرلمان لليبراليين والعلمانيين يسنون دستوراً يحارب الإسلام، ويقيد الدعوة، بل ويمنعها ويعاقب عليها!
 
وكان عقد حزب "النور" مؤتمره "النسائي الأول" تحت عنوان: "دور المرأة المصرية في العمل السياسي" عصر السبت الموافق 15/10/2011 بالإسكندرية..المؤتمر بشكل عام (كما وصفه الإعلام المصري والعربي) محاولة سلفية لمحو الصورة الذهنية عن السلفيين بأنهم ينظرون نظرة دونية للمرأة، وظهر ذلك في الحضور الكثيف من النساء كمحاولة لبعث رسالة طمأنة للمجتمع المحلي والخارجي بأن الإسلاميين لا يمانعون في المشاركة السياسية للمرأة، كما أنهم أكدوا أن مشاركة المرأة السياسية هي أقل مفسدة، لكن هذا لا يمنع من تغيير موقفهم التقليدي من عدم جواز مشاركتها على اعتبار أن المجالس النيابية من الولايات العامة. في بداية المؤتمر سأل بعض الحضور عن سر غياب المرأة عن المنصة، وكان الجواب بأن المؤتمر هذه المرة موجه للمرأة والدعوات كانت بأسماء السادة الشيوخ!
 
يقول الكاتب رضا عبد الرحمن "الفكر السلفي الوهابي يُحرم الاختلاط بين الرجال والنساء في العمل والدراسة، ويُحرم جلوس البنت بجوار الولد في مدرج الدراسة أو على سلم الكلية، ويُحرم أي نوع من العلاقات الإنسانية البريئة والشريفة بين الذكر والأنثى، الوهابية تحرم النظر للمرأة وسفر المرأة بدون محرم، الوهابية تحرم الخلوة بين رجل وامرأة لأن الشيطان سيكون ثالثهما..
لماذا كل تلك الكراهية للمرأة نصف الدنيا ومربية وراعية النصف الأخر ؟!!