في مثل هذا اليوم 13 يوليو 1854م..
كان عباس حلمي باشا الأول'> عباس حلمي باشا الأول (1 يوليو 1813 - 13 يوليو 1854)، في الحجاز عندما توفي عمه إبراهيم باشا فاستدعي إلى مصر ليخلفه على سدة الحكم تنفيذًا لنظام التوارث القديم الذي يجعل ولاية الحكم للأرشد فالأرشد من نسل محمد علي و تولى الحكم في 24 نوفمبر سنة 1848.

يختلف عهده عن عصر محمد علي فان حركة النهضة والتقدم والنشاط التي إمتاز بها هذا العصر قد تراجعت في عهده.

هناك ظاهرة أخرى للفرق بين العهدين إذ أن محمد علي كان يستعين بذوي العلم والخبرة من الفرنسيين في معظم مشاريع الإصلاح لكنه لكونه لم يفكر في تعهد هذه الإصلاحات قام بإقصاء معظم هؤلاء الخبراء وإستغني عنهم وقد تضائل النفوذ الفرنسي في عهده ولم يعد إلى الظهور إلا في عهد محمد سعيد باشا.

على العكس من انحسار النفوذ الفرنسي فقد بدأ النفوذ الإنجليزي في عهده علي يد القنصل البريطاني في مصر "مستر مري" حيث كان له تأثير كبير عليه وله عنده كلمة مسموعة.

لا يعرف السبب الحقيقي لهذه المنزلة سوي أنه نتيجة المصادفة إلا إنه قيل إنه كان يستعين به في السعي لدى الحكومة العثمانية بواسطة سفير إنجلترا لتغيير نظام وراثته العرش كي يؤول إلى ابنه "إلهامي" وفي رواية أخرى إنه كان يستعين به وبالحكومة الإنجليزية ليمنع تدخل الدولة العثمانية في شئون مصر إذ كانت تريد تطبيق القانون الأساسي المعروف بالتنظيمات على مصر.

هو ابن أحمد طوسون باشا بن محمد علي باشا. لم يرث عن جده مواهبه وعبقريته، ولم يشبه عمه إبراهيم في عظمته وبطولته، بل كان قبل ولايته الحكم وبعد أن تولاه خلوًا من المزايا والصفات التي تجعل منه ملكًا عظيمًا يضطلع بأعباء الحكم ويسلك البلاد سبيل التقدم والنهضة. ولد بمدينة جدة عام 1813 ثم انتقل لاحقًا إلى القاهرة، بذل جده محمد علي شيئا من العناية في تعويده ولاية الحكم إذ كان أكبر أفراد الأسرة العلوية سنًا وبالتالي أحقهم بولاية الحكم بعد عمه إبراهيم باشا، فعهد إليه بالمناصب الإدارية والحربية. فتقلد من المناصب الإدارية منصب مدير الغربية، ثم منصب الكتخدائية التي كانت بمنزلة رئاسة الناظر. ولم يكن في إدارته مثلًا للحاكم البار بل كان له من التصرفات ما ينم عن القسوة، وكان يبلغ جده نبأ بعض هذه التصرفات فينهاه عنها ويحذره من عواقبها ولكن طبيعته كانت تتغلب على نصائح جده وأوامره.

ومن الجهة الحربية اشترك مع عمه إبراهيم باشا في الحرب بالشام، وقاد فيها إحدى الفيالق، ولكنه لم يتميز فيها بعمل يدل على البطولة أو الكفاءة الممتازة. وبالتالي لم تكن له ميزة تلفت النظر، سوى أنه حفيد رجل أسس ملكًا كبيرًا فصار إليه هذا الملك، دون أن تؤول إليه مواهب مؤسسة، فكان شأنه شأن الوارث لتركة ضخمة جمعها مورثه بكفاءته وحسن تدبيره وتركها لمن يخلو من المواهب والمزايا. وكان عمه إبراهيم باشا لا يرضيه منه سلوكه وميله إلى القسوة، وكثيرًا ما نقم عليه نزعته إلى إرهاق الآهلين، حتى اضطره إلى الهجرة لمكان ولادته جدة وبقي هناك إلى أن داهم الموت عمه إبراهيم باشا.

ولايته الحكم:
تولى الحكم لمدة خمس سنوات ونصفًا، وكان يبدو خلالها غريب الأطوار، شاذًا في حياته، كثير التطير، فيه ميل إلي القسوة، سيئ الظن بالناس، ولهذا كان كثيراً ما يأوي إلى العزلة، ويحتجب بين جدران قصوره. وكان يتخير لبنائها الجهات الموغلة في الصحراء أو البعيدة عن الأنس، ففيما عدا سراي الخرنفش وسراي الحلمية بالقاهرة، حيث بنى قصرًا بصحراء الريدانية التي تحولت إلى العباسية أحد أشهر أحياء القاهرة والتي سميت من ذلك الحين باسمه، وكانت في ذلك الوقت في جوف الصحراء، وقد شاهد الميسو فرديناند دي لسبس هذا القصر سنة 1855 فراعته ضخامته وذكر أن نوافذه بلغت 2000 نافذة، وهذا وحده يعطي فكرة عن عظمة القصر واتساعه، فكأنه بنى لنفسه مدينة في الصحراء، كما بنى قصرًا آخر نائيًا في الدار البيضاء الواقعة بالجبل على طريق السويس ولا تزال آثاره باقية إلى اليوم. وقصر بالعطف ، كما بنى قصرًا في بنها على ضفاف النيل بعيدا عن المدينة، وهو القصر الذي قتل فيه.

وقد أساء الظن بأفراد أسرته وبكثير من رجالات محمد علي باشا وإبراهيم باشا وخيل له الوهم أنهم يتآمرون عليه فأساء معاملتهم وخشي الكثير منهم على حياتهم فرحل بعضهم إلى الأستانة والبعض إلى أوروبا خوفًا من بطشه، واشتد العداء بين الفريقين طول مدة حكمه. وبلغ به حقده على من يستهدفون غضبه أنه حاول قتل عمته "الأميرة نازلي هانم"، واشتدت العداوة بينهما حتى هاجرت إلى الأستانة خوفًا من بطشه. وقد سعى إلى أن يغير نظام وراثة العرش ليجعل ابنه إبراهيم إلهامي باشا خليفته في الحكم بدلًا من عمه محمد سعيد باشا ولكنه لم يفلح في مسعاه ونقم على عمه سعيد الذي كان بحكم سنه وليًا للعهد واتهمه بالتآمر عليه، واشتدت بينهم العداوة حتى اضطره أن يلزم الإسكندرية وأقام هناك بسراي القباري.

وانتشرت الجاسوسية في عهده انتشارًا مخيفًا، فصار الرجل لا يأمن على نفسه من صاحبه وصديقه، وكان من يغضب عليه ينفيه إلى السودان ويصادر أملاكه. وكان ينفي المغضوب عليهم إلى أقصى السودان من الأمور المألوفة في ذلك العصر. وكان مولعًا بركوب الخيل والهجن، ويقطع بها المسافات البعيدة في الصحراء، وله ولع شديد باقتناء الجياد الكريمة حيث كان يجلبها من مختلف البلاد ويعني بتربيتها عناية كبرى، وبنى لها الإصطبلات الضخمة وأنفق عليها بسخاء شأنه شأن هواة الخيل.

علاقاته بالمنهج السلفي في الجزيرة العربية:
كان مؤيدًا للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وقام بتهريب أحد أبنائه أثناء وجوده في السجون المصرية بعد أسره في المعركة التي خاضها إبراهيم باشا ضد الدولة السعودية الأولى. كما قام بإحياء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مصر.

وفاته
كانت وفاته اغتيالاً وذلك في قصره في بنها وخلفه عمه محمد سعيد باشا.
كان مصرعه اغتيالاً على يد اثنين من عبيده في قصره في بنها. وقد خلفه عمه سعيد باشا الذي كان أصغر سناً منه...
وقالت الدكتورة عفاف لطفي السيد-مارسو - جريدة الأخبار 23/12/2008م السنة 57 العدد 17685 عن خبر بعنوان نظرة إلي المستقبل ويسألونك عن التخلف‮: ‬مصر وأسرة محمد علي‮ :

"لم يكن إسماعيل وحده السفاح‮. ‬ظهر سفاح آخر في أولاد محمد علي هو حفيده عباس،‮ ‬من ابنه طوسون،‮ ‬الذي كان أيضاً‮ ‬شاذاً جنسياً‮. ‬وقد اصبح هذا السفاح الشاذ واليا لمصر‮. ‬وعندما مات جده مؤسس العائلة الحاكمة‮ ‬،‮ ‬باني مصر الحديثة،‮ ‬في عهده رتب لجثته جنازة وضيعة علي حد وصف الدكتورة عفاف."

كانت وفاته اغتيالاً وذلك في قصرة في بنها.!!