كتب – محرر الاقباط متحدون ر.ص 
 
تحتفل الكنائس الكاثوليكية بمصر اليوم السبت بعيد تذكار القديس بندكتس (مبارك) مؤسس رهبنة البندكتين وأبا الرهبنة الغربية.
 
 
وبحسب المكتب الإعلامي القبطي الكاثوليكي، وُلِدَ القديس لأب هو أحد نبلاء (نورشا) في إقليم أومبريا وسط إيطاليا عام 480م و كانت له شقيقة توأم هي القديسة "سكولستيكا" التي ترهّبت أيضاً وصارت رئيسة لدير قريب من مونتي كاسينو قبل إنتقالها وإعلان قداستها .
 
عاش طفولته و صباه في رفاهية لثراء أسرته، و كان يُعَدّ لأن يرث أملاك أبيه ويكون نبيلاً جديداً في العائلة، وقد أرسلته أسرته لدراسة الأدب والفلسفة في روما وهو في الثامنة عشر من عمره.
 
لاحظ وقتها أن حياة الترف كانت عامل مساعد على تدليل الحواس والنَهم والميل للرذيلة التي كان يعيشها معظم أقرانه ويدعونه إليها والتي كانوا يخلطوا بينها وبين مفهوم الحب (حُبّ الرجل للمرأة) دون التفكير في إتمام سِرّ الزيجة!. بينما كان فكر بندكتس ينمو في طريق التعفف حتى عن الزواج من فتاة كان قد تعلَّق بها أثناء دراسته في روما.
 
أصبحت هذه الأفكار مُلازمة لعقل و قلب الشاب إلى أن قرر وهو في العشرين من عمره (تقريباً عام 500م) أن يترك دراسته في روما ويترك بيت أبيه في نورشا ويذهب لبلدة نائية تسمى (أفيلي) بحثاً عن السلام النفسي في العُزلة والهدوء.
 
ولا يمكن القول بأن هذا السعي للهدوء كان بقصد التحول للحياة النُسكية، لأن دعوته لم تكن قد تبلورت بعد. فبحث عن أكثر الأماكن هدوءً وهي منطقة (سوبياكو) الجبلية وتسلق الجبل إلى أن وصل لمكان هو عبارة عن كهف عمقه 10 أقدام، و إلتقى بجوار الكهف مع ناسِكٍ هو القديس "رومانوس" قديس سوبياكو، فسأله هذا الناسك القديس عن أسباب بحثه عن الهدوء والعزلة وبدأ يرشده لأفكار التنسُّك و بعض عادات النُسك من الإقلال في الحديث والطعام والإكثار من الصلاة وتأمل الكتاب المقدس. فتأثر بندكتس بهذه الأفكار وقرر إختبار حياة النُسك فاستقر في كهف جبل سوبياكو لمدة ثلاث أعوام كاملة لم يكن له إتصال مع العالم، و كان مصدره الوحيد في الإرشاد وفي جلب الطعام هو القديس "رومانوس". وخلال هذه الأعوام الثلاث نضج بندكتس ونمىَ في القامة والمعرفة، و في نهاية العام الثالث لعزلة بندكتس بدأ ينتشر خبر وجود ناسك جديد مع القديس "رومانوس" يمتاز بالحكمة ويعيش حياة تقشفية وعزلة. فحدث أن رئيس لأحد الجماعات الديرية القريبة من جبل سوبياكو قد توفىَ، فتوسَّل نُسَّاك هذا الدير لبندكتس الناسك المُنعزل أن يصبح رئيساً لديرهم.
 
توَقَّع بندكتس فشل تجربة رئاسة هذا الدير نظراً لعدم وجود شركة رهبانية حقيقية لديهم فلكل ناسك منهم إسلوبه الخاص وقوانينه ولا يجمع بينهم سوى السكن في مكان واحد. إلا أن إلحاحهم الشديد عليه ورغبته هو في عيش شركة رهبانية مع نُسّاك مثله دفعته لقبول عرضهم.
 
المعجزتين الأشهر في حياة القديس بندكتس:
سعى بندكتس لتوحيد قواعد الرهبنة للدير الذي تولى رئاسته ووضع بعض الخطوط العريضة لذلك، وبعض تفاصيل تقشفية وإماتات تجعل صوت الروح ينمو داخلهم، إلا أن محاولاته لم تروق لنُسَّاك الدير وبعد أن كانوا راغبين في رئاسته للدير أصبحوا كارهين لها، مما دعاهم للتخلص منه بدَسّ السُمّ فأدرك بالروح مؤامراتهم و سامحهم في الرب لكنه رفض أن يستمر كرئيس لهذا الدير وعاد لكهفه على الجبل ليعيش فيه .
 
مع عودة القديس بندكتس لكهف سوبياكو إشتهرت أخبار المعجزات التي أجراها الرب عن يده من خلال بعض النُساك التائبين الذين شهدوا هذه الأحداث وربما شاركوا فيها. وبعد أن كانت عودته للكهف بالنسبة له هي عودة لعزلة تامة لا رجعة فيها، إذا بأعداد من طالبي النُسك تتدفق على سوبياكو من كل أنحاء إيطاليا ومعظمهم أشخاص ينتمون لطبقة النبلاء والأثرياء تركوا كل شئ ليعيشوا حياة نُسك تحت قيادته وعلى مثال المعلم الصالح يسوع المسيح.
 
فأسس لهم إثنا عشر ديراً حول الجبل لتستوعب أعدادهم، وقرر أن يضع قانون واضح ومكتوب لرهبنته يعرضه على الحبر الأعظم أولاً لإعتماده، ثم يقوم بعرضه على راغبي التنسُّك قبل البدء في مشوارهم النُسكي ليكون قانون مُلزم لهم ويحقق الشركة الرهبانية الحقيقية.
 
 
وبالفعل إنتهى من وضع كتاب القانون الرهباني لأول وأكبر رهبنة حقيقية منظمة في الكنيسة الغربية والتي حملت إسمه فيما بعد "رهبنة البندكتين"
بعدها إنتقل لـ(مونتي كاسينو) و هي مدينة جبلية أيضاً تقع بين روما ونابولي، ليبني عليها أعظم وأكبر دير للبندكتين في إيطاليا والعالم ، وهو الدير الذي إختتم فيه حياته بين تلاميذه .
 
إنتقاله
عَلِمَ القديس بندكتس بالروح موعد انتقاله، و إذ أصيب بإرتفاع في درجة الحرارة توفي بالفعل في الموعد الذي علمه يوم الأحد 21 مارس عام 547م في كنيسة دير مونتي كاسينو بعد تناوله الأسرار المقدسة بدقائق. اقامه البابا بولس السادس طوباوي في عام 1964، وشفيعاً لكل أوروبا. وفي عام 1980 أعلنه البابا يوحنا بولس الثاني قديساً للكنيسة الجامعة .شهادة حياته وبركة شفاعته فلتكن معنا.