د. مينا ملاك عازر
حين ضرب باسم مرسي مهاجم الزمالك بكوعه حاجب لاعب الأهلي سعد سمير ونزف الدماء، وخسر الأهلي المباراة بثلاثية، تساءل جمهور الأهلي عن دم سعد في رقبة مين؟ وحملوا الضربة والنزيف السبب في الهزيمة الثقيلة، وكأنه لا يسمح بتبديل لاعب مصاب، وكأن اللاعب لم يشعر بأنه غير قادر على مواصلة المباراة فيطلب تبديله لألا يتأثر فريقه ويمنى بتلك الهزيمة المذلة التي افقدت الأهلي الكأس حينها.
 
واليوم أسأل وليس بطريقة جماهير الأهلي التي تغش نفسها، ولكن بحق ولا مواربة، دماء من صدقوا الحكومة في الإجراءات الاحترازية، وأنه يمكن الفتح، ويمكن النزول وممارسة الحياة الطبيعية والذهاب للمصايف خاصة تلك التي لا رقابة عليها وغيره من الأماكن التي يرتادها العامة والبسطاء الذين صدقوا أن كورونا خطر لم يعد محدق بأحد، وأن كورونا في بداياته حين أغلقنا ليس كورونا الآن في أوجه وعتيه وفتكه بالبشر، وأن الاقتصاد ضروري أن يعود للحياة، وأن بالكباري وحدها والطرق يحيى الإنسان، وليس بإنشاء المستشفيات وتوفير العلاج وتأمين الأطباء وتوفير حياة كريمة ورواتب مجزية وغيره من ضروريات الحياة.
 
أسأل أيها السادة دم هؤلاء الذين سيصطادهم كورونا ويفتك بهم صرعى أو مصابين لا يجدون وسائل للعلاج ولدواء ناجز بسهولة سيكون دمهم في رقبة مين؟ 
 
هل سنصدق أن المسؤول هم الأطباء، وأنهم متقاعسين، وكأنهم تأخروا في أن يبنوا المستشفيات من أموالهم الخاصة، وكأنهم تقاعسوا على أن يكونوا في أماكنهم الخاصة بهم بواقيات ضرورية لهم، توفر لهم الحد الأدنى من الأمان الطبي ضد فايروس كورونا المؤدي لفقد الحياة. 
 
دمهم في رقبة مين؟ الذين صدقوا أن الذروة أتت فمن المنطقي ان يفتحوا، وكأن المنطق يقول أنه علينا أن نتخلص من السواد الأعظم من الشعب نتخلص من هؤلاء الذين أعطوا الحكومة ثقتهم ودافعوا عن أخطائها طويلاً، والآن يدفعون هم الثمن، أول من يدفعون بأن ينزلوا ليواجهوا مصير حتمي، أيها السادة الأفاضل، قولوا لنا دم المصابين القادمين في رقبة مين؟ وهم لا يكادوا يجدون قوت يومهم، فكيف لهم يوفرون الدواء والسرير المناسب في المستشفى المناسبة ليعودوا فيلتقون أهلهم بدلاً من أن يلاقوا وجه كريم.
 
دمهم في رقبة مين؟ هؤلاء الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لينزلوا مستمتعين بطرق وكباري ربما لا يتركهم القدر يعودوا ويستخدمونها ثانية، أو يطل في عمرهم ليستفيدوا بها طويلاً دمهم في رقبة مين؟ هؤلاء الذين دفعوا ضرائبهم من أموالهم القليلة فأخذتها الحكومة لتبني لنفسها مشاريع تخلد أسماء أعضائها ولم تفكر فيهم للحظة لتقدم لهم خدمات مباشرة وضرورية وعاجلة تنقذهم من احتمال الموت.
 
المختصر المفيد لا شك أن الكباري والطرق والمدن هامة، لكن الأهم المستشفيات وإعادة تأهيلها، وتمكين أطباءها، ورفع من مستوى معيشتهم، وتعويضهم عن الوقوف على خط النار مع الخطر الداهم.