في مثل هذا اليوم 10 يوليو1882م..
الأسطول البريطاني ينذر قائد حامية الإسكندرية بوقف عمليات التحصين والتجديد وإنزال المدافع الموجودة فيها، وقد رفض الخديوي توفيق ومجلس وزرائه هذه التهديدات.

أسطول البحر المتوسط البريطاني حيث قاد الأميرال البارون بوشامپ سيمور أسطول مكون من 15 سفينة تابعة للبحرية الملكية في إتجاه مدينة الإسكندرية. أبحرت السفن إلى الإسكندرية عندما اندلعت اضرابات وتم أثناءها قتل أورپيين. وصلت سفن الحرب البريطانية إلى ميناء المدينة لتأمين الحماية على أرواح ووممتلكات الرعايا البريطانيين. بدأ أحمد عرابي في زيادة تحصيناته في الميناء..

تزعمت بريطانيا جهود القضاء على عرابي بينما تراجع الدور الفرنسي إلى الإكتفاء بالمشاهدو وسحبت فرنسا أسطولها إلى بورسعيد. في السابع من يوليو وجدت بريطانيا الذريعة التي كانت في إنتظارها، كانت الحكومة المصرية قد نصبت بعض المدافع على قلعة الإسكندرية فإعتبرت بريطانيا أن هذا عملا عدائيا ضد حكومة صاحبة الجلالة. في 10 يوليو 1882 وجه قائد الأسطول البريطانى إنذارا للحكومة المصرية إما تسليم القلعة للأسطول البريطاني وإلا سوف تضرب الإسكندرية من البحر. مارس الخديوي توفيق لعبته المعتادة حين قابل عرابي وشجعه على مقاومة المعتدين بينما كان قد إتصل سرا بقائد الأسطول البريطاني ودعاه إلى الهجوم على عرابى. لم يقبل عرابى الإنذار البريطانى وإنتظر تنفيذ البريطانيين لتهديدهم. بدأ الإنجليز في ضرب الإسكندرية يوم 12 يوليو 1882 ونزلت قواتهم إليها في اليوم التالى بعد أن قرر عرابى أن يسحب قواته منها وأن يتحصن عند كفر الدوار.

حين سمع الخديوي توفيق بإنسحاب عرابى أمام الإنجليز تشجع وظهر على حقيقته حيث أعلن عرابى متمردا في الرابع والعشرين من يوليو. وبدلاً من أن يقاوم الخديوي المحتلين، استقبل في قصرالرمل بالإسكندرية الأميرال بوتشامپ سيمور قائد الأسطول البريطاني، وانحاز إلى الإنجليز، وجعل نفسه وسلطته الحكومية رهن تصرفهم حتى قبل أن يحتلوا الإسكندرية. فأثناء القتال أرسل الإنجليز ثلة من جنودهم ذوي الجاكتات الزرقاء لحماية الخديوي أثناء انتقاله من قصر الرمل إلى قصر التين عبر شوارع الإسكندرية المشتعلة. ثم أرسل الخديوي إلى أحمد عرابي في كفر الدوار يأمره بالكف عن الاستعدادات الحربية، ويحمّله تبعة ضرب الإسكندرية، ويأمره بالمثول لديه في قصر رأس التين؛ ليتلقى منه تعليماته. صارت المواجهة مكشوفة بين كل الأطراف منذ ذلك التاريخ. قررت الحكومة البريطانية أن تكون المواجهة شاملة وأن تكون الحرب كاملة فجلبت المزيد من قواتها إلى الحرب. تم تحريك 15,000 جندى من مالطة وقبرص بالإضافة الى 5,000 من الهند بإتجاه مصر مما رفع تعداد قوة الهجوم على مصر إلى 30,000 جندى وضعت تحت قيادة السير جارنيت ولسلى.

في 20 مايو، وصل أسطول إنجليزي-فرنسي مشترك إلى الإسكندرية. وفي نفس الوقت عززت القوات المصرية الدفاعات الساحلية للمدينة توقعاً لهجوم. وطالب الإنجليز عرابي بوقف تعزيز الدفاعات الساحلية. تلك الأحداث صعدت التوتر في الإسكندرية، ثم حدث هرج في المدينة بين مكاري ملطي وبين المواطنين المصريين، قتل فيها أكثر من مائة شخص. تذرع البريطانيون بالأحداث واتهموا عرابي بالقيام بها.

كنتيجة لذلك، أرسل البريطانيون إنذاراً لضباط عرابي في الإسكندرية ليفكوا بطاريات المدفعية الدفاعية. رفضت الحكومة المصرية الانذار. وأثناء ذلك دب الخلاف بين بريطانيا وفرنسا، ورفض الفرنسيون تأييد الانذار، وقرروا الوقوف ضد التدخل العسكري.

في السادس من يوليو 1882 اتخذ المجتمعون بالآستانة قرارا بالتدخل العسكري في مصر وعلى الفور أبرق الأدميرال فردريك بوشام سيمور قائد الأسطول البريطاني لطلبة عصمت قائد منطقة الإسكندرية مخطرا بوجود مدفعين جديدين تم تركيبهما بطوابي بالإسكندرية ويهدد بقصف الطوابي ما لم يتم وقف هذه الأعمال، ورغم رده بأن هذه الأنباء لا أساس لها من الصحة فقد تلقى طلبة عصمت في يوم العاشر من يوليو إنذارا أخيرا من سيمور قال فيه "أتشرف بإخبار سعادتكم أنه نظرا لأن الاستعدادات العدائية الموجهة ضد الأسطول الذي أقوده آخذة في الازدياد طوال يوم أمس في طوابي صالح وقايتباي والسلسلة فقد عقدت العزم على أن أنفذ غدا الـ 11 من الشهر الجاري عند شروق الشمس العمل الذي أعربت لكم عنه في خطابي بتاريخ السادس من الشهر الجاري ما لم تقم قبل تلك الساعة بتسليمهم مؤقتا وبغرض نزع السلاح بطاريات المدفعية القائمة في رأس التين وعلى الشاطئ الجنوبي لميناء الاسكندرية".

وعندما تجوهل الانذار، أعطى الأميرال سيمور أوامره للأسطول البريطاني بقصف استحكامات المدفعية المصرية في الاسكندرية. وفي 11 يوليو، الساعة 7:00 صباحاً، انطلق أول قصف على حصن عادة من إتش‌إم‌إس Alexandra (1875) وفي غضون 10 دقائق، كان الأسطول بأكمله مشاركاً في قصف الإسكندرية. ردت الاستحكمات الدفاعية المصرية النار بالمثل، ولكن بتأثير لا يُذكر وبدون إيقاع أي خسائر في البريطانيين. فلم تغرق أي سفينة بريطانية. وفي 13 يوليو، نزلت قوة بحرية بريطانية كبيرة في المدينة. وبالرغم من المقاومة العنيفة من حامية المدينة لعدة ساعات، فإن التفوق العددي والمادي البريطاني أجبر القوات المصرية على الانسحاب من المدينة. وسرعان ما لجأ الخديوي توفيق حاكم مصر إلى القوات البريطانية طالباً منها المساعدة في السيطرة على ما سماه هوجة عر

دارت العجلة ولم يعد في الإمكان إيقافها، فتحت جهنم أبوابها في السابعة صباحا وبدوام كامل لم تقطعه إلا ساعة توقف من الحادية للثانية عشر ظهرا وقد سجلت وثائق المخابرات العسكرية البريطانية هذه اللحظات من خلال تقرير سيمور الذي يذكر فيه "قمت في تمام السابعة صباحا ومن على ظهر السفينة إمبرينسيبل بإرسال إشارة إلى البارجة الكساندرا لإطلاق قنبلة باتجاه التحصينات المسلحة التي أقيمت مؤخرا في طابية الاسبيتالية وتلت ذلك إشارة عامة إلى بوارج الأسطول بمهاجمة بطاريات العدو، بدأ إطلاق النار على حصون الماغز ورأس التين وأضا وفاروس وبعد النجاح في إسكاتها في الساعة 5,30 مساء أمرت بالتوقف عن إطلاق النار". بعد جولة قصيرة من القصف صباح اليوم التالي الـ 12 يونيو لاحظ الأدميرال سيمور وجود راية بيضاء مرفوعة على الصاري القريب من رأس التين وما لبث أن أصدر أمره للضباط هيدوورث لامبتون أن يدخل ميناء الإسكندرية بسفينة البيتيرن ليتحقق من الأمر، ما أن صعد لامبتون على متن يخت المحروسة حتى طلب من قبطانه أن يصله بالحاكم العسكري للاسكندرية وما لبث طلبة باشا عصمت أن جاء في لانش بخاري وحذا يخت المحروسة ثم ذكر أنه كان يتهيأ للخروج لملاقات سيمور فرد لامبتون بأن سيمور لا يمكنه مقابلته قبل تسليم بطاريتي الماكس والقمرية مع احتلال القوات الإنجليزية للماكسن، ويمضي لامبتون في وصف الحوار قائلا "ثم بينت للباشا أن هذين الموقعين تحت سيطرتك تقريبا وأنك لا تنوي رفع العلم البريطاني ولا القيام بأي شيء يؤذي مشاعر الأمة المصرية ولكنك تشترط الاستلام السلمي كضمانة لحسن النوايا، فقال الباشا بعد قدر من المماطلة والمراوغة إنه لا يملك التفويض اللازم لإجابة مطلبك عندها أبلغت الباشا وكانت الساعة تشير إلى 12,20 أن عليه تقديم استسلام خطي قبل الثانية مساء فتوسل التأجيل إلى الثالثة فأبلغته بأنني لا أستطيع تغيير الموعد خاصة مع اقتناعي بأن لديه السلطة لتسليمنا ما نطلب لكونه المدفع المغوار عن الإسكندرية".

استؤنف القصف من جديد لتتحول الإسكندرية في ذلك اليوم الـ 12 من يوليو 1882 إلى شعلة من النيران جراء القصف، ورغم أن المؤرخين أيضا يذكرون الدور الذي لعبه سليمان داود قائد الألاي السادس عندما أضرم النار في بعض المناطق كي يحول دون نزول الإنجليز فإن كل الصور التي التقطت لاحقا تدل على مدى التأثير الثانوي لما أقدم عليه داود مقارنة بالقصف البريطاني فالحجم الهائل للدمار يشي تماما باستحالة أن يتم إنتاجه محليا بهذه السرعة وفي هذه الظروف، وبقدر ما حل بالأبنية والمنشآت كان للأفراد أيضا نصيبهم، فالأدميرال سيمور يذكر في أحد خطاباته التي سجل بها أحداث ذلك اليوم "أرسلت الزوارق الحربية إلى السرب الراسي قبالة الساحل وجئت منه بجميع أفراد مشاة البحرية وبعض المدافع من طراز گاتلنگ واستولينا خلال النهار على الترسانة"، من الجدير بالذكر أن مدافع گاتلنگ التي ذكرها سيمور هي نوع من المدافع الخفيفة التي لا علاقة لها بالتعامل مع التحصينات ولكنها تستخدم في الأساس في قتل الأفراد وبكثافة عالية.

ليوتنانت جنرال گارنت ولزلي تولى قيادة قوة كبيرة هدفها تحطيم نظام عرابي واستعادة السلطة الاسمية للخديوي توفيق. القوة بلغ تعدادها 24,000 جندي بريطاني، وتركزت في مالطة وقبرص، وقوة قوامها 7,000 جندي هندي انطلقت من عدن.

حاول ولزلي في البداية أن يصل القاهرة مباشرة من الإسكندرية. إلا أن عرابي قام بنشر قواته في كفر الدوار بين القاهرة والإسكندرية وأعد دفاعات قوية. وهناك، تم صد هجمات القوات البريطانية، لمدة خمس أسابيع..!!