نبيل أبادير
ماذا ننتظر من إجيال مرت خلال العقود الخمس الماضيه كانت ومازالت فريسه نهج فكري سلفي وهَابي رجعي ينظر للمرأه بإعتبارها سلعه للتملك وتحقيق شهواته ونزواته وسطوتهم،

واصبح الدين بالنسبه للغالبيه وفي كل الاديان مجرد ممارسهً للعشائر الدينيه وإزدحاما لأماكن العباده وفي الشوارع للصلاه. وسجاده صلاه في كل المكاتب والبيوت، وكتب مقدسه علي كل مكتب وفي كل منزل، وملأت الآيات المقدسه المكاتب والبيوت، وإنتشر الوعاظ في جميع وسائل الإعلام بل وصلنا في بعض الأوقات والقنوات من يجلس يوميا وأمامه حشد كبير مشدودين ومؤيدين لكل ما يقال، فصنع منهم قطيعا وأدواتً لنشر الفكر السلفي الوهابي ، وأصبح بإنتشار لهذا الفكر رموزا في الملبس والمأكل وطريقه التحيه وغير ذلك من الرموز الشكليه للتمييز المباشر بين التابعين له وغير التابعين.

وفي نفس الوقت وعبر هذه العقود إنتشرت كل المفاسد المعلن منها والمخفي من رشوه ومحسوبيه وسرقه ونهب وتعدي علي أموال وأراضي الغير وممتلكات الدوله، وتجد ذلك في امور بسيطه جدا لتحويل الارصفه التي هي أساسا مخصصه للمشاه ولكن بوضع اليد تجد المقاهي والمطاعم وغيرها تفترش هذه الارصفه بل وتتعداها الي منتصف الشوارع وطبعا توصيل الكهرباء من العمومي الي غير ذلك،

وطبعا المصائب الكبري في الإستيلاء علي الاراضي والمباني المخالفه وفي هذا نري الدوله الآن تقنن هذه الاوضاع ومضطره لهدم مباني ضخمه، ويمكن ان تري اصحاب هذه المخالفات الكبري من المداومين علي الصلاه في المعابد، فهذه نقره وتلك نقره اخري.

والغريب ان الاتجاهين الفكر الوهابي السلفي والفساد كانا يسيران في خطوط متوازيه ودون تلاقي، ولا أنسي مشاهد مسئولي الدوله الذين ضُبطوا في وقائع فساد ونهب ان مكاتبهم كانت ممتلئه بمظاهر التقوي وممارسه الشعائر بما في ذلك السبحه في اليد.

خمسه عقود ماضيه عاشت فيها هذه الإجيال نظما تعليميه فاشله إعتمدت علي الحفظ والترديد والنقل حتي ان هذه النظم الفاشله رصدت جوائز ومكافآت للحفظة ويتم نشرهم إعلاميا.

وأنشأت مدارس للمتفوقين الذي غالبيتهم يعتمد علي الحفظ والترديد والنقل،

نظما تعليميه فقدت تماما النهج التربوي، بل لعلها ساهمت بدرجه كبيره في نقل الفكر السلفي الوهابي في ثقافتنا المصريه بدرجه كبيره من خلال مدرسي هذه الانظمه التي كانت ولا تزال ضمن الحشود السلفيه الوهابيه.

إجيالا عاشت نظما إقتصاديه غير مدروسه أو مقننه منذ عصر الإنفتاح فأنتشرت الفهلوية واللعب بالبيضه والحجر، (وإحنا إلي دهنا الهوا دوكو) وتحقيق المكاسب الطائله من مشروعات ريعيه وهميه كالريان وغيره وغيره،

ويبرز في هذه الأنظمه الإقتصاديه الوهميه وفجاه ودون سابق إنذار او رصيد من العمل الجاد المنتج ملوكا لسلع اساسيه كالحديد وخلافه.
انظمه إقتصاديه عشعش فيها الفساد والنهب والسرقه والكسب غير المشروع وترعرت وأصبحت هذه إمبراطوريات إقتصاديه كبري تمتلك اراضي ومنتجعات وجامعات ووسائل إعلام وخلافه.

أجيالا خمسه تربت وترعرت في هذا المناخ الفاسد، والذي غاب في ضوئه مسئوليه الاسره تماما عن التربيه والتقويم، بل علي العكس نري كثيرا من الاباء يتركون أبناءهم للغش ودون توجيه أو محاسبه فالمهم لدي الاسر النجاح بأيه وسيله.

إننا بالفعل في حاجه ماسه لإعادة النظر في امور غايه في الخطوره والتي تظهر نتائجها الآن في ظاهره التحرش وهتك العرض والاستباحة لأي شئ يمكن إقتناصه بالقوه أو بغيرها،

فهذا ليس إلا مظهرا من مظاهر الامراض الاجتماعيه الخطيره بسبب كل ماسبق

نحتاج لفكر ديني جديد تتوازن فيه العبادات والمعاملات، تتوازن فيه النظره لأنفسنا وللآخرين المختلفين عنا اننا جميعا بشر متساوىٍ في الخلق، ومواطنين لنا نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات،

نحتاج لنهج تعليمي تربوي جديد لا يعتمد فقط علي تكنولوچيا التعلم فهذه إحدي وسائله، بل نهج تعليمي تربوي لبناء إنساني قيمي يتفق والحضاره الإنسانيه.

واما فيما يخص البعد الإقتصادي للمجتمع فهناك خطوات أرجو أن يتم لها التوفيق لإعاده بناء عمليات التصنيع المختلفه والتي كانت تشتهر مصر سابقا ومنها ما يرتبط بالصناعات القائمه علي الزراعه وغيرها، والحد من تلك التي تعتمد علي الريعية المؤقته، وترتبط المشروعات الجديده بإعلاء قيمه العمل والانتاج.

وكم نحتاج لثوره إعلاميه تتبني كل هذه التوجهات الجديده وتعمل علي نشرها والتاكيد عليها،

وهل ننتظر من مؤسساتنا الثقافيه ان تدرك خطوره من نحن عليه وتلعب ادوارا أكثر فاعليه وتاثرا نحو بناء مجتمعا جديدا يقوم علي الاستنارة والعمل الجاد والمشاركه الفاعله.

وهل يمكن للمثقفين الكثيرين في مصرنا ان تدخل معارك التنوير والتجديد والبناء الفكري والثقافي للمجتمع ككل،
بدلا من الصمت والسكوت، او التجاوز بكتابات تسخر من حركه المجتمع ضد التحرش وهتك العرض.

وبهذا نستطيع ان نهيأ تربه جديده ومناخا جديده لأجيال تكون متمسكه بالقيم الإنسانيه قادره علي العمل والابتكار بفكر نقدي متسع بناء. وهو يحتاج أن تتضافر فيه كل الجهود ولعقود قادمه.