د. مينا ملاك عازر 
حرصت القاهرة وحكومتها ورئاستها على إبداء دائم لحسن النوايا في كل الأمور المهددة لأمنها القومي وغيرها، ولذا نجدها مع تلقي الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الهزائم، تصدر القاهرة إعلانها المقبول من كافة الدول التي لها علاقة بالأزمة الليبية، ما عدا الدولة الي ليس لها علاقة، وأقحمت نفسها لتجد ملجأ للإرهابيين التي آوتهم في سوريا، ولم يعد لهم مكان بعد تصدر روسيا الموقف، أقصد هنا تركيا التي يعلم رئيسها تمام العلم أنه لو لم يجد للمجرمين الذين سهل نقلهم يوماً ما لسوريا، ومدهم بالسلاح وخسروا هناك الأرض التي كانوا يسيطرون عليها، سيلتفون له ويعملون أعمال إرهابية على أرضه، وبلده بلد سياحي يحتاج للأمن ليكون جاذباً للسياح، وهنا تكمن المسألة وبوضوح، عليه أن يجد لهم ملاذ آمن له وليس لهم، يكون بعيد عنه وأنسب مكان ليبيا، فالإرهابي الذي كان يحكم السودان مثلا خلعه شعبه، وهو بالمناسبة هذه يحتاج لمكان يكون قريب من مصر ليشكلوا على مصر خطر، بعد أن فشل نقلهم لسيناء مباشرة بعد عملية سيناء 2018 وما شابه، التي قطعت خطوط المدد، وكبدت إرهابيو تركيا الكثير وهو يضع في ذهنه مسألة هامة، وهي أن النظام المصري هو من كسر مناخير جماعته وطردهم وأذلهم فعليه الآن ينتقم من الشعب المصري والنظام الذي اختاره ومن الجيش المصري فلم يعد سوى ليبيا ملاذ جيد، ولو نجحوا في الوصول للشرق ليضايقوا المصريين، فمرحباً، ولو يستطيعوا فعل الأقل وجدوا له موطأ قدم يقف فيه على قدمه ليسيطر علي البترول والغاز في غربي ليبيا وفي المتوسط الذي استطاعت السياسة المصرية أن تقصيه منه بالتعاون مع اليونان وقبرص، فعين حدود بحرية وهمية لا يراها إلا هو في ذهنه وخياله المريض بينه وبين ليبيا! 
 
إعلان القاهرة الخاص بليبيا، أكد على حسن النوايا المصرية لتبرئنا من الاتهامات التي يلقيها أردوغان في نوع من أنواع الإسقاط بإلصاق تهمه الشخصية بآخرين، فهو من يريد ويحلم بتقسيم ليبيا، وهكذا المسألة تتطور في ذهنه نحو الأسوأ ولذا جاء إعلان القاهرة مؤكداً على الحل السياسي.
 
كما نرى اليوم وساعة كتابة المقال، بيان تصدره الرئاسة المصرية نتيجة دعوة وزير الري السوداني لإعادة المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا التي تعلن في نفس يوم الدعوة اعتزامها على ملء السد دون النظر لما جاء في إعلان المبادئ ولا مراضاة الأطراف المعنية والمضرورة بفعلتهم هذه، بالرغم من هذا تقبل مصر بحسن نية الدخول في مفاوضات وهي تطلب في نفس الوقت، تحديد مدة المفاوضات وأهدافها وارتكازها على أسس ما تواصل له الأطراف المتفاوضة في أمريكا، واضعة في اعتبارها نية أثيوبيا بملء السد وأفعالها السابقة المعلقة للمفاوضات، وخشية مصر من أن تكون المفاوضات هذه المرة من باب إطالة الأمد لفتح باب لملء السد ووضع الجميع أمام الأمر الواقع. 
 
الشكر مقدم للحكومة المصرية على  حسن نيتها، ولكن انتبهوا حسن النية ليس له مكان في السياسة، ومن ثمة، هو خطر، فالتمادي فيه أكثر أذى من أردوغان ومن أثيوبيا.
 
المختصر المفيد يجب العمل بالتوازي مع حسن النية لحلول قاطعة فيما أساء الأطراف الأخرى التعامل مع حسن نيتنا.