كتب ... إيهاب رشدي 
في محاضرة له عن دير الأنبا هدرا بأسوان قال الدكتور عاطف نجيب ، أستاذ القبطيات بجامعة القاهرة و المدير السابق للمتحف القبطي ، أن تاريخ تشييده يرجع  إلى عصر الأنبا هدرا السائح أي أواخر القرن الرابع و أوائل القرن الخامس للميلاد، ذلك حينما اتخذ من إحدى مقابر المنطقة المهجورة سكناً له و بدأ تلاميذه في التجمع حوله ، و يرتبط الدير بالنوبة المسيحية من عدة أوجه أهمها وجود نصوص باللغة النوبية ُخطت على بعض الجدران، و قد قام جريفث بنشرها و ترجمتها، مما يدل على سكن بعض الرهبان أو الأهالي النوبيين لهذا الدير أو لجوئهم إليه.  
 
وقد  تعرض الدير للتدمير عدة مرات ، كان أولها هجمات  قبائل البلميز عليه في منتصف القرن الخامس ، وفى غضون القرن الثامن للميلاد تعرض الدير مرةً أخرى للتدمير الشامل، وقد تم توسعته فى القرن العاشر الميلادي بحالته التي نراها عليه اليوم في معظم مبانيه.
 
أما  المرة الثالثة من الدمار فقد حدثت على يد شمس الدولة توران شاه – الأخ الأصغر لصلاح الدين الأيوبي – في عام 1173 م في أثناء سيره إلى بلاد النوبة، و تمت عملية البناء و الترميم بعد انتهاء هذه الحملة، بدليل أن مؤرخ "كنائس و أديرة مصر" في أوائل القرن الثالث عشر يقرر بقوله "(دير) للقديس أبو هدرى في الجبل الغربي وهو عامر."
 
و يبدو أن خراب الدير بصورةٍ نهائية قد حدث في القرن الثالث عشر بسبب اضطرابات بنو الكنز و هجومهم على أسوان قادمين من النوبة، و عدم تمكن الرهبان من مغادرة الدير للحصول على الماء الكافى. 
 
وعن موقع دير الأنبا هدار يقول أستاذ القبطيات أنه يقع على تل مرتفع بالجهة الغربية من النيل أمام مدينة أسوان، و على بعد 1200 متر عن الشاطئ، و إلى الشمال قليلاً من مقبرة أغاخان، يحيط بالدير سور على شكل شبه منحرف وله  مدخلين أحدهما فى طرف الجدار الشرقي جهة النهر، و الآخر في منتصف الجدار الغربي و يواجه الصحراء، و المدخلان في برجين مربعين بارزين عن الحائط و مداخلهما منكسرة.
 
وعن محتويات الدير يقول الدكتور عاطف نجيب أنه عند الدخول إلى الدير من المدخل الشرقي نجد حجرة لها قبة تقوم على مثلثات كروية، و لها مصطبة مرتفعة في جداريها الشرقي و الشمالي، بينما الجدار الغربي مفتوحاً بعقد نصف دائري. و لو اتجهنا من السور الشرقي و الشمالي نحو الغرب لوجدنا "منخساً" مكوناً من حجرتين إحداهما تعلو الأخرى، و على مقربة من المنخس و بجهة الغرب توجد بعض المقابر الصخرية من العصور الفرعونية ، و قد تم تعديلها لتؤدى وظيفة أخرى تلائم إقامة المتوحدين من الرهبان إبان العصر المسيحي، وفى النصف الجنوبي الشرقي يوجد مبنى بدائي يتجه إلى الداخل يشكل أربع حجرات، بالجنوبية الشرقية منها فرن، و الثلاث الأخريات بكل منها ثلاث مصاطب من اللبن ذات مسند للرأس، و بمنتصف الحجرة كتلة من الطوب اُستعملت كمنضدة، و يواجه مدخل الحجرة الثالثة "الطافوس" و يقع إلى جنوبها فرن خاص بصناعة الفخاريات" فاخورة" ، أما كنيسة الدير فتوجد في الطابق السفلى و تبلغ مساحتها 28 متراً طولاً و 18 متراً عرضاً، و يتكون صحنها من قبتين متجاورتين تمتدان من الشرق إلى الغرب محمولتين على كوابيل ترتكز على ثمانية أكتاف تشكل المثمن، أما الجناحان الجانبيان فمغطيان بقباب ضحلة و قبوات بشكل غير منتظم.
 
وهيكل الكنيسة على شكل رأس الصليب، تعلوه قبة نصف كروية يبعد مركزها من الأرض بحوالي 6 متر، و يحيط بالهيكل ثلاث غرف جانبية فيتم له إجمالاً الشكل المربع تقريباً، أما خارجاً فيوجد الخورس الذي يرتبط معه بواسطة الحنيات الثلاثية Triconch، و قد أضيفت عدة حجرات في الجهة الشرقية (ربما فى العصر الثالث من البناء) بمقاسات مختلفة كونت فيما بعد الجدار الشرقي للهيكل، و في الحجرة الشمالية منها توجد المعمودية و لها ثلاث كوى مستطيلة يعلو كل منها نصف قبة.
 
وفى الركن الشمالي الغربي توجد مغارة صخرية تتصل عن طريق باب بالجناح الشمالي من الكنيسة، و هذه المغارة ربما كانت مقبرة قديمة أستعملها أحد النساك (أو الأنبا هدرا السائح نفسه) كمسكن و مخدع صلاة Hermitage ثم تطور عنها المبنى الكنسي.
 
وعن الرسوم الجدارية بدير الأنبا هدرا يقول المدير السابق للمتحف القبطي أن الدير يزخر بكم هائل من الرسوم الجدارية برغم كل التدمير الذي تعرض له خلال الحقب المتعاقبة، و مع أن القليل من تلك التصاوير لا زال باقياً حتى اليوم، إلا أنه يعود الفضل إلى مكتشفي الدير و واصفيه فى مطلع القرن العشرين فى أنهم قد حفظوا لنا صوراً مما ُرسم على جدران الكنيسة.
 
منها رسم للسيد المسيح الضابط الكل Pantocrator  أعلى الحنية الرئيسية بالهيكل حيث صور و هو جالس على عرشه ممسكاً بيسراه بالبشارة الموضوعة على ركبته اليسري بينما يرفع يده اليمنى بإشارة البركة، وفى الهيكل  توجد تصويره تضم الأربعة و عشرين قسيساً و هم جلوس متجاورين بعضهم لبعض، و يلاحظ مشابهة كل قس منهم للآخر و وجود حرفاً قبطياً بجوار كل من الأربعة و عشرين قساً. و قد لونت ألتصويره بالأبيض و الرمادى و في بعض المناطق توجد طبقة أخرى من اللونين الأحمر و البنفسجي.
 
كما يوجد رسم يمثل قيامة السيد المسيح و آخر يمثل القديس لوقا الإنجيلي البشير بالهيكل أيضاً ، وصورة  طولية للتلاميذ الأنثى عشر بجانب الهيكل ، ورسم لرئيسي الملائكة ميخائيل و روفائيل ( ربما جبرائيل) بالجانب الشمالي من الكنيسة، ورسم للسيدة العذراء مريم تتوسط ملاكين بالجانب الغربي للهيكل. ثم السيد المسيح و حوله التلاميذ بالممر.
 
و قد وجدت بسقف المغارة التي تقع إلى غرب المبنى الكنسي عدة أشكال من الزخارف الهندسية كالمربعات و السداسيات و المثمنات الأضلاع، غير أشكال الصليب متساوى الأذرع أو المعقوف. و بعضاً من بقايا لفريسكات ربما كانت للسيد المسيح و التلاميذ الأنثى عشر.