تأثر بعالمين مسيحيين.. وسافر إلى عدة بلاد منها مصر

كتب - نعيم يوسف
يعتبر واحدًا من أهم العلماء في الفلسفة والمنطق، وحصل على لقب "المعلم الثاني"، وقيل إنه "أعلم الناس في زمانه بعد أرسطو" -الذي حصل على لقب المعلم الأول-.. إنه أبونصر محمد الفارابي، العالم المعروف الذي اشتهر بإتقان العلوم الحكمية وكانت له قوة في صناعة الطب.
 
ميلاده ودراسته
ولد "أبو نصر محمد" في مدينة "فاراب" في بلاد ما وراء النهر، في خراسان، ولذلك لقب بـ"الفارابي"، عام 260 ميلادية، وكان أبوه قائدا للجيش، ولذلك تنقل في العديد من الأماكن، وبدأ في حصد العلوم منذ طفولته، علمًا وراء علم، حيث تعلم الرياضيات والآداب والفلسفة واللغات وعلى الأخص التركية وهي لغته الأصلية بجانب معرفته للغات العربية والفارسية واليونانية.
 
عندما بلغ سن الخمسين، سافر إلى بغداد لاستكمال دراساته في الفلسفة والمنطق، حيث تعلم على يد الطبيب المسيحي يوحنا بن حيلان، والفيلسوف المسيحي أبي بشر متى بن يونس، ودرس في بغداد كذلك العلوم اللسانية العربية على يد ابن السراج، ثم سافر أيضا إلى الشام، وسافر أيضا إلى مصر.
 
بالنسبة لحياته الشخصية، تأثر "الفارابي"، بحياة الزهد بعيدا عن النساء والمال، ولم يقتني إلا ما احتاج إليه للعيش فقط، بلغ به التقشف أنه كان يسهر الليل للمطالعة والتصنيف مستضيئاً بقنديل الحارس، لأنه لم يكن يملك قنديلا خاصاً، رغم أنه ولد لأسرة ميسورة الحال وكان والده قائدا للجيش.
 
عالم في مختلف العلوم
ساهم "الفارابي" في العديد من مجالات العلوم، ومنها المنطق، والموسيقى، والفلسفة، والفيزياء، وعلم النفس، وأسس الفارابي مذهبه الخاص في الفلسفة، وهو يعد من أوائل المذاهب الفلسفية في العالم الإسلامي، والمعروف بـ"الفارابية"، كما يعود الفضل إليه في إدخال مفهوم الفراغ.
 
نقل أفكار أرسطو
قيل إن الفارابي لعب دورًا حيويًا في انتقال أفكار أرسطو من اليونان القديمة إلى الغرب المسيحي في العصور الوسطى، كما أن الهدف الواحد الأوحد التي توجهت كتابات الفارابي نحوه هو إعادة إحياء واستحداث المدرسة الإسكندرية في الفلسفة آنيًا، والتي كان ينتمي إليها معلمه المسيحي يوحنا بن حيلان. ويشهد اللقب التشريفي الذي عرف به (المعلم الثاني) على نجاحه في ذلك.
 
الحقيقة والله في فكر الفارابي
آمن الفارابي بما عرف بـ"وحدة الحقيقة"، وقال: "واجب الوجود عقل محض، يعقل ذاته بذاته، فهو عاقل ومعقول في آن واحد"، كما قال "إن معرفة الحقائق القصوى كلها مصدرها الله، لكن فرق بين حقائق النبي وحقائق الفيلسوف، فالفيلسوف يتلقى الحقائق بواسطة العقل الفعال فتكون طبيعتها عقليه وليس حسية، الرسول تأتيه المعارف منزلة من عند الله بتوسط الملك جبريل عليه السلام، ويتلقى الوحي بالمخيلة ثم يتم تحويل الصور المتخيلة إلى صور ومعاني تنقل للناس. المعارف النبوية هي معارف المخيلة أساس فيها".
 
وفاته وميراثه
توفى الفارابي، في عام 339 ميلادية، وترك ميراثا وراائه يصل إلى مائة كتاب، في العديد من المجالات، أهمها: "الجمع بين رأيي الحكيمين"، "الخرافة الكبير"، "الواحد والوحدة"، "الجوهر"، "الزمان"، "المكان"، "الخلاء"، "العقل والمعقول"، "التوطئة في المنطق"، و"منطق الفارابي".