كرموه لثلاثة قرون.. ثم جاء وقت الحساب على أيدي 10 آلاف شخص
كتب - نعيم يوسف
خلال الأيام الماضية التي اندلعت شهدت العديد من البلدان الأوروبية مظاهرات ضد العنصرية، وذلك بعد مقتل الأمريكي من أصل أفريقي جورج فلويد، وقام المتظاهرون بتحطيم العديد من التماثيل والرموز التي اعتبروها تمجد العنصرية، ومن بينها تمثال "إدوارد كولستون" في بريطانيا.
 
فمن هو "كولستون" الذي يحاول الشعب البريطاني محاسبته حاليه؟
من عائلة مرموقة
ولد إدوارد كولستون في 2 نوفمبر، عام 1636، في شارع "تمبل" بمنطقة بريستول في الممكلة التي لا تغيب عنها الشمس (بريطانيا العظمى وقتها)، ونشأ في عائلة مرموقة، حيث كان والده ويليام كولستون، تاجرا ملكيا، وعاشت عائلته في منطقة "بريستول" منذ القرن الثالث عشر الميلادي، إلا أنها انتقلت منها بعد اندلاع الحرب الأهلية.
 
عندما بلغ سن الثامنة عشر، بدأ التدريب في شركة "Mercers"، واستمر بها لمدة ثماني سنوات، حتى أصبح عضوا بها، وأصبح أيضا تاجرا في لندن.
في طريق والده
سار في بداية حياته على نفس خطى والده، وعمل في تجارة المنسوجات، كما عمل أيضا إلى جانبها في العديد من مجالات التجارة، منها استيراد الزيوت والنبيذ والشيري من إسبانيا والبرتغال، و تبادل الحرير مع فيرجينا، وقد بنى تجارة تجارية ناجحة مع إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وأفريقيا، ولكن هذه الإمبراطورية التجارية التي بناها لم تكن فقط تتاجر في السلع، بل تاجرت أيضا في البشر.
أبرز تجار الرقيق
بصفته عضوا في الشركة الإفريقية الملكية، استطاع "كولستون" أن يصبح واحدا من كبار تجار الرقيق في القرن السابع عشر، وهي الشركة التي نقلت نحو 84 ألف إفريقي من بينهم رجال ونساء وأطفال، للعمل في الأميركتين إبان فترة العبودية، وقيل إن حوالي 30 ألف شخص توفوا  في عهد كولستون.
 
أصبح "كولستون" عضوا في البرلمان البريطاني، وقبل وفاته في عام 1721 ميلادي، أوصى كولستون بتخصيص ثروته كلها لصالح الأعمال الخيرية، ولا تزال العديد من المدارس والمباني والمؤسسات الخيرية تحمل اسمه في مدينة بريستول، وبعد وفاته نقل جثمانه إلى منطقة بريستول التي ولد فيها، كما أقيم له تمثالا في المنطقة.
يوم الحساب
التجارة المشروعة في عصره، وهي تجارة الرقيق، أصبحت مع التقدم في الزمن جريمة نكراء، وقرر الكثيرون محاسبته على ما فعل بعد نحو ثلاثة قرون، عقب مقتل جورج فلويد خلال الأيام الماضية.
 
وربط المتظاهرون في مدينة بريستول، تمثال إدوارد كولستون، الذي ولد عام 1636 ميلادي، بالحبال وأسقطوه أرضا، ومن ثم جروه في شوارع المدينة إلى ألقوا به في نهر أفون، مرددين شعار "حياة السود مهمة"، وكشفت تقارير صحفية، أن السكان تقدموا في وقت سابق بطلب إلى مجلس المدينة، بطلب لإزالة تمثال كولستون المثير للجدل، مرفق بوثيقة وقع عليها أكثر من 10 آلاف شخص، إلا أن عدم تلبية رغبتهم من قبل السلطات، دفعهم إلى هذا العمل.