ماهر عزيز
مقدس في ذاته وبذاته فهو قدوس ...
 
مقدس في ذاته وبذاته فهو مصدر القداسة ...
 
والقداسة وقف علي الله وحده دون البشر ...
 
والقداسة لفظا ومعني يجب أن تخرج تماما من عالم البشر لتكون وقفا خالصا لله..
 
كان ذلك جوهر تمسكي في نقاش محتدم مع اخوة فضلاء ووجدت من الجيد أن  أقدم هنا مجمل  ما خلصت إليه من بحث في موضوع :  " القداسة بين  الخالق الأعظم والبشر صنعة يديه  "  ..   حتي لا تضيع الحقيقة في خضم النقاش : 
 
1-   أودع الله الشريعة في أمانة شعب الله مستخدما تعبيرات القداسة بوفرة .. ورغم أنه قصد بكلمة مقدس واشتقاقاتها  أكثر من 15 معني متنوعا.. مثل مقدس=بار ، و مقدس= طاهر ... وهكذا ..  فقد  جعلها متداولة بنصها كدليل شامل علي هذه المعاني كلها...وكان ذلك لا ينتقص من القداسة التي لله..لأنه كان مفهوما تماما التمايز الكامل بين استخدام تعبيرات القداسة للبشر واستخدامها لله  ..
 
2 - ظل استخدام الكلمة ينحدر علي مر السنين الي ان جاء السيد المسيح ليصنع فداءه  للبشرية ، ويعلن الله للبشر ،  ويعيد البشرية الي مكانتها الأولي   .. فلما جاء وجد  الاستخدام اليومي لوصف المقدس والقداسة قد ابتذل ابتذالا شديدا حتي أن الكهنة ورؤساء الكهنة قد خلعوا  القداسة البعيدة  العالية السامية التي لله علي ذواتهم .... وجعلوا أنفسهم نوابا لله يستأثرون بقداسته لأنفسهم وبختلسون المجد الذي لله لذواتهم  من دون الله..
 
وجد يسوع أن التمايز الاصلي الذي كان بين القداسة التي تم التعبير عنها للبشر لمعاني البر والطهارة .. الخ .. والقداسة الاعلي غير المنظورة وغير الممكن الاقتراب منها التي لله قد اختفي تماما...  ووجدهم قد اغتصبوا القداسة التي لله لأنفسهم ...
 
3- كان  تأديب المسيح عنيفا جدا فانتهر الكهنة ورؤساءهم انتهارا مهولا ،  وأمطرهم بويلات لا راد لها ، وفضح  جنونهم وخبلهم ونكايتهم بالسلطة المهولة التي نسبوها لأنفسهم اغتصابا من الله الذي استتروا  بقداسته  التي زعموا  استئثارهم بها  ليذلوا شعب الله ويستعبدونهم ..
أمطرهم بالويلات الي ان حكم عليهم : " هوذا بيتكم يترك لكم خرابا "  .. فخرب الهيكل وخربت أورشليم بالفعل !!!
 
4- بدأت كنيسة العهد الجديد مدركة تماما للفصل الكامل بين القداسة التي يقصدها الكتاب المقدس للبشر  ( البر .. الطهارة  الفضيلة .. الخ  )  والقداسة العليا الأسمي التي لله القدوس..
 
ولكن رويدا رويدا حدث للاكليروس ورؤسائهم  بالضبط ما حدث  لكهنة اليهود ورؤسائهم  فاغتصبوا القداسة التي لله لأنفسهم وصارت الممارسات التي تستند لاغتصاب القداسة التي لله ستارا لسلطان رهيب علي شعب الله ومطية لاستعباده والسيطرة عليه باسم القداسة التي لله .. بينما الله القدوس  لم يمنحهم قداسته هذه مطلقا.. لكن استخدام اللفظ بقوته القاهرة هكذا والاستشهاد المخاتل به من آيات الكتاب علي غير مقاصدها السامية جعلهم يتاجرون بالقداسة تجارة آثمة  بخسة  رغم الاختلاف الجذري لكهنوت العهد الجديد عن الكهنوت اللاوي....
 
5 - هذه المعضلة المتكررة ليس لها سوي علاج واحد  :  ان يمتنع تماما والي الأبد استخدام لفظ القداسة مطلقا في عالم البشر..  تستخدم فقط معانيها الكتابية  كالبار والفاضل والطاهر وما أشبه  ...   لكن لا تستخدم ابدا كلمة قديس ومقدس وقديسين التي يلتبس استخدامها دائمآ لينتهي باغتصاب القداسة التي لله...  واقتراف اثام لا حصر لها  بواسطتها  تحت  زعم هذه القداسة وستارها الخديع...
 
فلا يعود قداسة البابا ...   بل غبطة البابا... 
 
ولا يعود المجمع المقدس ..  بل مجمع الأساقفة ... 
 
ولا يعود القديس فلان ..   بل البار فلان
 
يتوقف تماما  استخدام تعبيرات القداسة والمقدس للبشر  ..
 
 لأن يسوع سيأتي سريعا وينزل  بالويلات علي الجميع  اذا استمر هذا الاستخدام الخديع للمقدس والقداسة ... فنسمع صوته الهادر المجلجل  عبر الدهور  :  " هوذا بيتكم يترك لكم خرابا "  ..   وعندئذ لن تبق كنيسة اسمية ضالة ابدا علي اسم المسيح  !!!