فريدة الشوباشي
اصبح من الصعوبة بمكان معرفة الحقيقة التي غالبا ما تغوص في الاف الاراء والاجتهادات والشائعات،خاصة المغرضة،اي تلك التي تحرٓف الحقيقة بهدف الهدم والتقويض.
 
.وسط هذا البحر الهائج ،تتوه اجيال ما بعد الاحتلال البريطاني والي يومنا هذا .
 
.فجيلي مثلا يعرف ان بريطانيا كانت قد راهنت في بداية احتلالها لمصر ،علي تفتيت المحروسة بتطبيق سياسة ،فرق تسد و هو ذات المخطط الذي يتناوب عليه اعداء الشعوب واعتباره السبيل الوحيد لبلوغ الهدف الكريه.
 
.وبناء عليه ،اسست بريطانيا جماعة الاخوان المسلمين ،وعلي اساس ،تقسيم الوطن بين مسلمين واقباط وكذلك بين مسلمين ومسلمين !! وفشل المحتل في مخططه البغيض لا سيما بعد اندلاع ثورة يوليو ،التي كانت ، اكبر حائط صد منيع ضد اية مخططات معادية ،حيث التفت جماهير الامة العربية ،من المحيط الي الخليج حول أمل تحقيق وحدتها خلف الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
 
.وهو ما جعل كافة اعداء الوحدة وكذلك رافضيها ،يتكتلون ضدها بشن عدوان ضم عشرات الدول لتحقيق انتصار يلقي بحلم الوحدة،بقيادة مصر ،في أعماق قاع محيط لا تخرج منه ابدا ،غير ان الشعب المصري خرج مساء التاسع من يونيو وهزم الهزيمة وهو ما دفع المتآمرين الي اللجوء الي كافة الحيل للمضي في مخطط التفتيت ،وكما اعلن وزير الخارجية الامريكي الاسبق هنري كيسنجر ،بأن اكبر ضمان لبقاء اسرائيل في المنطقة العربية هو تفتيت المنطقة الي دويلات عرقية وطائفية..
 
وبالفعل تمكنت الولايات المتحدة الامريكية،التي سلم لعا معظم العرب ،٩٩٪؜ من اوراق الحل في غرس بذرة الفتن الطائفية ،باشعال الفتن بين السنة والشيعة وبين المسلم والمسيحي..
 
والامر المحزن ان مصر كانت مرتعا لارباب الفتنة بواسطة خطاب"ديني ؟" انهال بضراوة علي كافة الثوابت ،المصرية ،بل والانسانية.
.لكن ما جعلني احاول لفت الانتباه الآن،هو وقوع الشباب ،الذي حمي الوحدة المصرية في ثورةالثلاثين من يونيو،في متاهة عميقة ،بين الواقع وما يتشدق به بعض من يدعون الحديث باسم الاسلام وتعاليمه وهم ابعد ما يكونون عن قيم هذا الدين الحنيف.
 
.ولا يخفي علي اي متابع للوضع ،رصد التناقض الجوهري ،بين الثوابت الوطنية وبين محاولات الاخلال بها،ولكن المثير للدهشة ،ان تفسح الدولة المجال لخطاب التضليل ،وعلي سبيل المثال ،فيما يؤكد فيلم الممر وبعده مسلسل الاختيار ،ترسيخ فضيلة حب الوطن والتضحية بالغالي والنفيس حتي الحياة ذاتها دفاعا عن وحدته،يطل من شاشات تلفزيون الدولة من ينفي صفة الشهادة عن المضحي بحياته في سبيل الوطن ويقول ،ان الشهيد هو من يموت في سبيل الله !!!فمن يصدق الشباب ؟ ولمصلحة من هذا التناقض الصارخ ،تناقض يزعزع يقين الشباب الذي يزود عن وحدة الوطن وسلامة اراضيه والدفاع عن المصريين؟ .
 
.وبينما الدولة تنبه الي خطورة الانفجار السكاني ،حيث كنا حتي اخر الستينات ٣٠ مليون نسمة فاصبح تعدادنا الآن يفوق المائة مليون مواطن،نجد من يؤكد ،ومن منابر الدولة وشاشاتها، ان تنظيم النسل من الكبائر ،بل هو كفر بيٓن ،لأن "كل واحد ييجي ورزقه معاه!!!" ..
 
فآي الفرقين يصدق الشباب؟ والامثلة كثيرة علي الوضع الغريب الذي نعيش في ظله ،قد اتناول بعضها اذا كان لي عمر ،لكن ما اصابني بالفزع فعلا هو طرح بعض الشباب سؤالا يتوجب علي مؤسسات الدولة الإجابة عليه:هل من يفتدي وطنه شهيد ام لا؟