كتب – روماني صبري
 
 تحتل الأديبة والناشطة الأمريكية "هيلين كيلر"، مكانة رفيعة في عالم الأدب العالمي حتى يومنا هذا، وكان رأى فيها معاصريها موهبة استثنائية، حيث نجحت في كتابة 18 كتاب، ولروعة أسلوبها ترجمت كتبها إلى 50 لغة، تشتهر بمؤلفات : العالم الذي أعيش فيه، أغنية الجدار الحجري، الخروج من الظلام، الحب والسلام، وهيلن كيلر في اسكتلندا، كتبت كتاب "أضواء في ظلامي" وكتاب "قصة حياتي" في 23 فصلا و132 صفحة في 1902، من أقوالها المأثورة الشهيرة :" عندما يغلق باب السعادة، يفتح آخر ولكن في كثير من الأحيان ننظر طويلا إلى الأبواب المغلقة بحيث لا نرى الأبواب التي فتحت لنا، الحياة أما مغامرة جريئة وأما لا شيء، كثير من الناس لديهم فكرة خاطئة عن السعادة لن تتحقق من خلال تلبية الرغبات ولكن بالتضحية من أجل هدف نبيل، أنا لا يهمني حقا شيء في العالم سوى الحرية في جميع أجزاء الحياة .. الحرية أن تنمو عقليا وروحيا بعيدا عن التقاليد والمعايير التعسفية"، عاشت كيلر تجربة صعبة فبعدما جاءت للعالم طفلة طبيعية، تعرضت لحمى شديدة على أثرها فقدت  حاستي البصر والسمع، ورغم مرارة التجربة إلا أنها نجحت في أن تستغل خيالها لتغدو بعدها أديبة شهيرة كما عميد الأدب العربي طه حسين الذي فقد بصره وهو طفلا.
 
حين زارت كيلر مصر، طفح عليها أشد الحماس للقاء طه حسين، وتحقق ذلك فيما بعد، وقالت عن هذا اللقاء :" كان الأهم في حياتي .. طلبت أن أتحسس وجهه لأتعرف على شكله في خيالي، حقا  كان من أهم الأيام في حياتي هو يوم زيارة الأديب المصري طه حسين لي خلال تواجدي في القاهرة، فلسنوات عديدة قرأت عنه ولا يمكنني التعبير عن مدى سعادتي لمقابلته هو وزوجته وابنه، بقيت معه ساعة كاملة وكان لي الشرف أن ألمس وجهه، فكم كان وسيما ومتحضرا ومليئاً بالنور الداخلي، وناقشنا العديد من الموضوعات وتحدثنا عن عمله وإنجازاته، وأخبرني أنه عندما كان وزيرا للتعليم، عمل بإصرار لتمكين المكفوفين من الذهاب إلى الجامعات والكليات، وقال إن أحد الاحتياجات الرئيسية للطلاب المكفوفين في مصر هي المدارس الثانوية التي يمكنهم الذهاب إليها لإنهاء تعليمهم في الكلية، لقد كان فخرا لي أن أشعر بشخصية طه حسين تدعمنى عندما دعوت وزراء حكومات مختلفة وتوسلت لهم أن يعملوا على تواجد تلك المدارس الثانوية في بلادهم".
 
البداية 
في 27 يونيو عام 1880 ولدت هيلن كيلر في مدينة توسكومبيا الأمريكية، وكان والدها يمتلك مزرعة وشارك والد هيلين أيضا في مجال النشر، وفي خلال عشر سنوات امتلك والدها جريدة North Alabamin وكانت العائلة مزدهرة في الماضي ولكن تدهورت بعد نشوب الحرب الأهلية ولقد تعرضت العائلة لأضرار كبيرة وعاشت الأسرة بعد ذلك حياة نسبيه، 
بحسب مذكراتها، فإن والديها ظلوا لفترة طويلة لم يستطيعوا أن يختاروا لها اسم مناسب، وقد اقترح والدها تسميتها باسم ميلدريد كامبل تكريما لأحد الأجداد ولكن والدتها كانت ترغب في تسميتها باسم هيلين ايفرت،  وكانت تعتقد كيت والده هيلين بان اسم "هيلين " يعنى النور وكانت ترغب أن تجعل حياة ابنتها كلها مملؤة بالنور ، وقد اعترض والدها على ذلك الاسم الذي اختارته زوجته ولكنهم نسوا أن يسموا الفتاة طبقا للكنيسة وتذكر أن الفتاة تدعى هيلين وكان الكاهن قد دعي لها أن تسمى باسم هيلين أدمس كيلر .
كيلر ترتاد كلية رادكليف
بعدما أنهت التعليم الثانوي التحقت بكلية رادكليف حيث حصلت على شهادة البكالوريوس، لتعيش بعدها مع معلمتها سوليفان بشكل دائم حتى وفاتها ، وشهدت سنوات تعليمها دعمها للاشتراكية، وفي عام 1905 انضمت كيلر إلى الحزب الاشتراكي الأمريكي، لتصبح ناشطة بارزة في الأعمال الخيرية، حيث كانت مدعومة من قبل التعليم والتنشأة الاجتماعية للأشخاص من ذوي الإعاقة وكانت شخصية بارزة ونشطة في الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية.
الجوائز والأوسمة 
توجت كيلر عام 1934 بجائزة ليندون جونسون وهو وسام الحرية الرئاسي، ومنذ عام 1980 يحتفل بعيد ميلاد هيلين كيلر بمرسوم صدر من جيمي كارتر حينها، علاوة على ذلك باتت كيلر من ضمن الثقافة الشعبية حيث كانت شعبيتها من خلال مسرحيتها " صانع المعجزات"، كما حصلت على شريط الفروسية لجائزة وسام الشرف الفرنسي، وجائزة إنجاز خريجي كلية راد كليف.
سفيرة المعاقين 
في ثلاثينات القرن الماضي نفذت كيلر جولات عدة في كافة بلدان العالم، كانت تصب في مصلحة المعوقين، حيث كانت تتحدث عنهم وتجمع الأموال الضرورية حتى تنزل الفرحة بحياتهم من خلال تحسين أوضاعهم لاسيما الذين في الدول النامية والتي تضررت من الحرب، أيضا أسست كلية لتعليم المعوقين وتأهيلهم، لتحصد على اثر ذلك الدرجات الفخرية والأوسمة، وتصبح سفيرة لهم ،ولم تبخل هذه الأديبة العظيمة من تقديم خدماتها للجنود الذين عرفهم العمى أثناء الحرب، وودعت كيلر الحياة في 1 يونيو عام 1968 عن عمر ناهز 87 عاما.