إعداد وتقديم : بيتر عاطف
المأساة الكبرى ليست الاضطهاد والعنف الذي يرتكبه الأشرار، بل صمت الأخيار على ذلك.
يجب أن تكون الوسيلة التى نستخدمها بنفس نقاء الغاية التى نسعى إليها.
المقياس النهائى للرجل ليس حيث يقف فى لحظات من الراحة، ولكن أين يقف فى أوقات الصراع والجدل.
لا يمكن طرد الظلام بالظلام , الضوء الوحيد الذى يقدر على ذلك. . لا يمكن للكراهية أن تطرد الكراهية الحب فقط يمكن أن يفعل ذلك
هذه كانت بعض المقولات لاهم المناضلين من اجل حقوق الأمريكيين الذين من أصول افريقية
هذا المناضل هو مارتن لوثر كينج
الذي يعتبر من اهم الشخصيات في تاريخ المناداة بالمساواة وانهاء العنصرية في الولايات المتحدة
والذي استطاع تغير الأوضاع الاجتماعية والسياسية في الولايات المتحدة بطريقة سليمة من دون عنف
ودفع حياته في مقابل القضية التي كان يناضل من اجلها عندما اغتيل في عام 1968
سنوضح في هذه الحلقة من هو مارتن لوثر كينج وكيف استطاع محاربة العنصرية في الولايات المتحدة
ولد في 15 يناير 1929 في أتلانتا في ولاية جورجيا الامريكية
وكان والده يعمل كواعظ في احدة الكنائس في مدينة اتلانتا
قضى مارتن لوثر كينج طفولته في مدينة اتالانتا التي كانت مليئة بأبشع مظاهر العنصرية بين أصحاب البشرة البيضاء وأصحاب البشرة السمراء
فكانت هناك دورات مياه منفصلة ومطاعم منفصلة ، والهواتف العامة مخصصة فقط لاصحاب البشرة البيضاء
وهناك مدارس ومستشفيات خاصة باصحاب البشرة السمراء غير المدارس الخاصة باصحاب البشرة البيضاء
كل هذه الظروف العنصرية شاهدها مارتن لوثر كينج منذ طفولته
وعندما بلغ 15 عاماً التحق بكلية مورهاوس Morehouse في مدينة اتالانتا وحصل على بكالوريوس في الفنون عام 1948
وفي عام 1955 حصل على الدكتوراه في اللاهوت المنهجي والفلسفة
وعمل كواعظ في الكنيسة بعد والده
وكرس كل طاقته من اجل حل مشاكل أصحاب البشرة السمراء ومحاولة منع العنصرية والتمييز بين المواطنين
وفي شهر ديسمبر عام 1955 حصلت حادثة كانت الشرارة التي بدأت نضال مارتن لوثر كينج ضد العنصرية
الحادثة هي عندما رفضت سيدة تدعى روزا باركس Rosa Parks وهي سيدة ذات بشرة سمراء
رفضت ان تتخلى عن مقعدها في الحافلة لكي يجلس مكانها شخص ابيض البشرة
وذلك كان هو القانون السائد في المدينة
حيث يجب على الركاب أصحاب البشرة السمراء التخلي عن مقعدهم لاصحاب البشرة البيضاء لانه من غير المقبول ان يقف شخص ابيض البشرة بينما يجلس صاحب البشرة السمراء
وإصرار روزا على عدم التخلي عن مقعدها اثار غضب سائق الحافلة الذي هددها بتسليمها للشرطة
لكن روزا لم ترجع عن موقفها
وتم تسليمها الى الشرطة ووضعها في السجن
وأثارت تلك الحادثة غضب السكان أصحاب البشرة السمراء
وتجمعوا في الشوارع مطالبين بالافراج عن روزا و إلغاء القانون الذي ينص على ترك أصحاب البشرة السمراء لمقاعدهم في الحافلات للأشخاص أصحاب البشرة البيضاء
وكان من اكبر المناضلين في تلك الحادثة هو مارتن لوثر كينج
الذي كان شعاره في النضال لا للعنف
وتطورت الاحداث اكثر فاكثر
وكان أصحاب البشرة السمراء متحدين مع بعضهم كرجل واحد
وقاموا جميهم بمقاطعة الحافلات العامة
وكان أصحاب البشرة السمراء يساعدون بعضهم لكي يوفروا وسائل مواصلات لبعضهم غير الحافلات العامة اثناء مقاطعتها
واستمر مارتن لوثر كينج في النضال من اجل حقوق أصحاب البشرة السمراء والقى خطابات يهاجم فيها عنصرية شركة الحافلات العامة
وكانت يرفض العنف ووجه كل خطبه لمنع العنف
واستمرت مقاطعة الحافلات العامة لاكثر من عام كامل
وسببت تلك المقاطعة خسائر كبيرة في شركة الحافلات لان المواطنين أصحاب البشرة السمراء يشكلون 70% من الركاب
واشتدت حدة المواجهة تدريجيا
وحدثت جرائم كثيرة من المتعصبين بحرق منازل وكنائس أصحاب البشرة السمراء
وتم اعتقال مارتن لوثر كينج وسجن لمدة 15 يوماً بتهمة قيادة سيارته بسرعة كبيرة غير مصرح بها
وعانى من كثير من الأوضاع الغير إنسانية اثناء فترة احتجازه
وبعد الافراج عنه بأربعة أيام ألقيت قنبلة على منزله كاد يفقد بسببها حياة زوجته وابنه
وعند عودته لمنزله وجد مجوعة كبيرة من أصحاب البشرة السمراء غاضبين و مسلحين وعلى استعداد للانتقام عندها قام مارتن لوثر كينج بتهدئتهم قائلا "إننا لا ندعو إلى العنف"
وكل هذه الحوادث لم تمنعه من الاستمرار في النضال من اجل حقوق اصحاب البشرة السمراء
وبعد أيام من حادثة تفجير منزله أُلقي القبض عليه مرة اخرى بدون تهمة واضحة
وأخيرا وفي عام 1956 أصدرت المحكة العليا للولايات المتحدة الامريكية حكما ينص على الغاء التفرقة العنصرية في حافلات النقل العامة وأيضا الغاء التفرقة في المستشفيات والمطاعم
وبعدها تم الافراج على مارتن لوثر كينج
واصبح من اقوى واشهر رجال السياسة في الولايات المتحدة واصبح زعيماً شعبياً له الكثير من الذين يؤمنون بقضيته
واستمر في القاء خطاباته التي تطالب بعدم العنصرية واستمر في محاولات منع العنف وانه يمكن تحقيق جميع المطالب بطرق سلمية بعيدة عن العنف
وكان متكلماً بارعاً جداً فكانت خطاباته تلهم مشاعر الكثيرين حتى انه كان هناك الكثير من اتباعه من أصحاب البشرة البيضاء
وفي عام 1963 قامت ثورة لم يسبق لها مثيل اشترك بها 250 ألف شخص منهم حوالي 60 ألفا من أصحاب البشرة البيضاء واتجهوا نحو النصب التذكاري للرئيس السابق لنيكولن ، فكانت أكبر مظاهرة في تاريخ الحقوق المدنية في الولايات المتحدة وهنالك ألقى مارتن لوثر كينج أروع خطبه التي كانت بعنوان "لدى حلم" " I have a dream " التي قال فيها: "لدي حلم بأن يوم من الأيام أطفالي الأربعة سيعيشون في امة لا يكون فيه الحكم على الناس بألوانهم، ولكن بحسب محتوى شخصياتهم ".
وطالب بإعطاء حق الانتخاب للأشخاص أصحاب البشرة السمراء
حيث كان هناك عدد قليل جدا منهم الذين لديهم حق الانتخاب
وبالفعل نجح في زيادة اعداد من لهم الحق في الانتخاب من أصحاب البشرة السمراء
وأخيرا بعد سنوات كثيرة من النضال
تم في عام 1964 اصدار قانون الحقوق المدنية في الولايات المتحدة
الذي يمنع التمييز على أساس العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو الأصل القومي
ويعطي الجميع حق الانتخاب ويمنع التمييز والفصل العنصري في المدارس، والوظائف والأماكن العامة
وفي عام 1964 حصل مارتن لوثر كينج على جائزة نوبل للسلام لدعوته إلى اللاعنف فكان بذلك أصغر رجل في التاريخ يفوز بهذه الجائزة حيث كان عمره 35 عاما
واستمر بعدها في الدعوة للحصول على جميع الحقوق لاصحاب البشرة السمراء مثل إعادة توزيع الدخول بشكل عادل
وفي يوم 4 ابريل 1968 تعرض مارتن لوثر كينج للاغتيال على يد مجرم هارب من السجن يدعى جيمس راي James Ray عندما قام باطلاق الرصاص باستخدام بندقية قنص على مارتن لوثر كينج
وبذلك انتهت حياة اكبر مناضل من اجل حقوق أصحاب البشرة السمراء في الولايات المتحدة بعد سنوات من الكفاح من اجل انهاء العنصرية والتمييز بين البشر
مراجع المعلومات
Dr. Martin Luther King A HISTORICAL PERSPECTIVE
Wikipedia - Martin Luther King
