كتب : د. مينا ملاك عازر 

 

يروى أنه حالما، وقعت  ما سُمِي بالنكسة، ذهب ناصر لعامر في قيادة الجيش ليتابع الجاري على الجبهة، فعرف أن عامر أصدر الأوامر بالانسحاب، فسأله وما هي خطة الانسحاب؟ سؤاله كان دافعه التشكك فيه بعد معرفته بالخسارة، فكانت إجابة عامر لا ما فيش خطة، أنا قلت لهم انسحبوا كل واحد على مسؤوليته.
 
والآن وبعد ثلاثة وخمسين عاماً، يقرر مدبولي أن ينسحبوا من مواجهة كورونا بعد فشل بادي في تصريحاتهم وقرارتهم، وطريقة انسحابه حيث قال للشعب الآن كل واحد مسؤول من نفسه، انسحب مدبولي بحكومته بعد أن فشلوا في أن يوجدوا الاقتصاد القادر على مواجهة الجائحة، ومنظومة صحية منهارة، لا تستطع أن تواجه الهجمات الفيروسية المتشددة، وترك الشعب يتحمل مسؤوليته حيث أعلنت وزيرة الصحة أن الدولة عملت اللي عليها.
 
والسؤال هنا، لماذا يحمل الشعب مسؤولية قرارات خاطئة، وخطط فاشلة، وإدارة سيئة للأزمة، رغم ازدياد عدد الإصابات والوفيات قررت الدولة خفض مدة الحظر، وبدء العمل بالمحاكم، وبداية ذلك ظهرت حالات إصابة بمحكمة مدينة نصر الجزئية، وأيضاً بدء العمل بمكاتب الشهر العقاري فشهدنا تدفق بالمئات الأمر الذى سيؤدى الي ظهور إصابات بالعشرات وعدم تحديث المنظومة الصحية، وإيجاد اقتصاد جاد قادر على مكافحة خطر الفقر الناهش في لحم أسر كثيرة تضررت من الإغلاق الجزئي الغير الجاد الذي كانت الحكومة تتبعه، ما أسفر عن تردي حالتهم الاقتصادية وأنينهم واحتياجهم للعودة للعمل، حتى وأن كلفهم هذا حياتهم تحت شعار كده ميتين وكده ميتين، ومروراً بإصرار على إنكار وجود الفايروس بمصر وقت أن كانت الكثير من دول العالم تعلن وجوده في أجساد القادمين من عندنا، كما أنهم أصروا على استقبال الوفود السياحية الصينية التي أوقفت الكثير من دول العالم استقبالها، فوقعت الواقعة، ثم أصرت الحكومة بعناد غريب عدم العمل بالحظر الشامل، بل أخذت في رفع ضغطه والتخفيف من ساعاته، وكأننا نتعافى، بعكس الإمارات والأردن وغيرها التي أخذت الموضوع بمنتهي الجدية، وهذا بالطبع يعيدنا للنقطة الأولى، وهي أن اقتصادنا لم يكن يتحمل، وهي كانت الحجة التي شهدوا بها على أن أرقامهم وبياناتهم التي كانوا يصدرونها للمواطنين كانت برغم صدقها كانت بعيدة عن أرض الواقع الذي يؤمن للناس القدر الكافي من الأمان في كارثة كهذه، التي نحن بها لا شهادة الحكومة بنفسها لنفسها بالفشل، لا أحد يستطيع التنصل منها، وللأسف يدفع الشعب الثمن، والكارثة أنهم الآن يقولون نحن كنا نراهن على الشعب ووعيه وخسرنا.
 
طالما حذرنا من سياساتكم الاقتصادية، ومن عدم الاهتمام بأولوياتنا وباحتياج الضرورة، وطالما طالبنا بإصلاح منظومة الصحة، فاخترتم اختيارات أخرى لم ولن تنفعكم في كارثة كهذه، كما لن تعينكم منظومة الصحة الحالية في عبور مصيبة كهذه، وعاندتم في البداية، ولوقت قريب، ومن الظلم أيضاً تمدون الصين وإيطاليا وأمريكا بمساعدات طبية في وقت اقتصادهم قادر، وأما نحن فلم نكن هكذا للأسف، رهانكم على وعي الشعب كان خاسر لأنكم كنتم بعيدين عنه، ولا تشعرون به، ولم تزالوا، ولا يهمكم في الأصل، وتتركونه يواجه مصيره، أما رهانكم على خططكم الاقتصادية والتنموية والإدارية للأزمة، هي الأخرى فقد باتت ذات رهان خاسر هي الأخرى، فكل ما راهنتم عليه خسرتم الرهان عليه، لا لشيء إلا لأنكم كنتم بعيدين عن الواقع للأسف.
 
المختصر المفيد لم يبقى لنا إلا الله ينقذنا بمعجزة، أو بلقاح أو على الأقل علاج.