د.جهاد عودة
لم يتوقع أحد حتى ترامب نفسه تزاوج الحرب ضد الكورونا وصراعه لاعاده فتح الولايات تدريجيًا، هذا ويُظهر الاقتصاد الأمريكي علامات الحياة بعد واحد من أهم فترات الركود الاقتصادي في التاريخ من ناحية، واشتعال الصراع السياسى العنيف ضد حكمه من ناحيه أخرى. «ترامب» يخطط للخروج من الركود لتحقيق هدفين، أولهما: تحقيق انتصار انتخابى له ليظل 4 سنوات قادمة فى البيت الأبيض، وثانيهما: كسر الأغلبية الديمقراطية فى مجلس النواب،واعادة سيطرة الجمهوريين عليه. لهذا كان يحتاج لاقتصاد قادر على الحياة من جديد. ولكن لان «ترامب» أو نخبته ليس لهم عقلية نقدية رأسمالية ولا حتى مؤسسية بل عقلية استيلاء وغصب وعنصرية، فاختار من غير رؤية أو معلومات مسار ضيق ومضطرب ومنهزم لردود الفعل أيديولوجية يمينية، فأوقع النظام كله فى أزمة عميقة ممتدة. فالأحداث معروفة وتواليها على صفحات الجرائد العالمية والأمريكية. والسؤال التحليلى الهام لماذا لم يتوقع ترامب عمق الأزمة الأمريكية؟ للأسباب التالية:

أولا: يوجد في الولايات المتحدة اصابات ضخمة بكورونا، على الرغم من ظهور علامات على أن معدلات الإصابة تتباطأ في بعض الولايات. وبدأت بعض الولايات في تخفيف القيود ، وإعادة فتح المتنزهات،

والشواطئ وبعض الشركات الصغيرة في الأيام القادمة، لكن معظم الولايات المتحدة لا تزال تخضع للإقامة بالمنزل. وكان هناك موجه تظاهر تدعو لفتح الاقتصاد. وقال الذين خرجو فى الموجه الاولى من التظاهر العنيف فى الشارع إن الإجراءات الصارمة لمكافحه كورونا قيدت حركة الأعمال بشكل يضر المواطنين بلا داع وهم فى بعض الولايات صوتا انتخابيا له. يقول المتظاهرون إن إجراءات البقاء في المنزل التي تفرضها حكومات الولايات للسيطرة على انتشار Covid-19 هي رد فعل مبالغ فيه. وقال البعض أيضًا أن إبقاء هذه القيود في مكانها لفترة طويلة جدًا سيؤدي إلى ضرر طويل المدى للاقتصادات المحلية. حتى الأسبوع السابق للفتح، بلغت إجمالي عدد مطالبات البطالة في البلاد أكثر من 22 مليونًا مما أدى إلى قلب عقود من نمو الوظائف. تباينت الاحتجاجات في الحجم في جميع أنحاء البلاد - من بضع عشرات من المتظاهرين في فرجينيا وأوريغون إلى مسيرات الآلاف في ميشيغان وواشنطن. كان المنظمون وراء هذه الاحتجاجات محافظين إلى حد كبير ونشطاء مؤيدين لترامب ومؤيدين للسلاح. وصفت وسائل الإعلام الأمريكية العديد من هذه المظاهرات بأنها تذكرنا بأحداث حملة ترامب ، مع لافتات مؤيدة لترامب وقمصان وإشارات كثيرة. كما كانت العلامات التي تدعو إلى الحرية على الاستبداد من العناصر الأساسية لهذه الاحتجاجات. انتشرت شعارات "أعطني الحرية أو أعطني الموت" ، وكان الاقتباس الذي يعود إلى الثورة الأمريكية شعارًا شائعًا. لكن الجماعات والميليشيات اليمينية المتطرفة كشفت عن وجودها في بعض المظاهرات.

ثانيا، أعرب الرئيس دونالد ترامب وبيته الأبيض عن آراء متضاربة فيما يبدو بشأن الاحتجاجات. ولكن بعد يوم واحد من إعلان خطة ترامب ، غرد الرئيس بشعارات احتجاجات ليخفض الغضب في عدة ولايات يديرها الديمقراطيون. وقال ترامب للصحفيين "أن بعض المحافظين والمؤين له ذهبوا أبعد من اللازم" . قال ترامب: "ربما تكون بعض الأشياء التي حدثت غير مناسبة". "في النهاية ، لن يكون الأمر مهمًا لأننا بدأنا في فتح دولنا". قال ترامب متعاطفا : "لقد انتزعت حياتهم منهم". "هؤلاء الناس يحبون بلادنا ، يريدون العودة إلى العمل."

ثالثا، صعد ترامب للحكم مصورا نفسه قادر على حل والتعامل الفعال مع مأزميه السياسات العامه الامريكيه والتى لها بعاد دوليه واسعه النطاق. هذا فى الوقت الذى كان هناك صراع ايدلولوجى حاد بين الشعوبيه اليساريه والتى يمثلها بيل كليتون واوباما وثالثهما هليرى كليتون والشعوبيه اليمينيه والى صار يمثلها ترامب. وقد اطلقت عمليات الغضب الجماهيرى للغلق الاجتماعى للحياه الامريكيه اثرها فى افراز جماعات سياسيه على الجانب اليمين كما افرزت على جانب اليسار. اخذا فى الاعتبار ما اعتبرته هليرى كلينتون سلبا لحقها فى الفوز فى انتخابات 2016 . حيث ان النظام الامريكى اعطى هليرى كلينتون الفوز الاسمى باعتبارها اكبر عدد اصوات وينما منح ترامب الفوز الفعلى باعتباره الفائز فى المجمع الانتخابى للولايات. شعر اليسار الامريكى انه قدر غدر به وخاصه فى ضوء ما طرحه ترامب من اعاده هيكله كامله للقيم و التحالفات الاجتماعيه والسياسيه الداخليه والخارجيه. ومما يؤكد على هذا التوجه للانقطاع الاستراتيجى بين فريقيى الحكم، الديمقراطيين والجمهوريين والذى بدأ من 2016 ، وهو تعمقه مع سيطره الديمقراطيين على مجلس النواب بشكل اوجد نخب جديده يساريه غير مألوفه وجديده فى صناعه السياسات العامه و صناعه الراى العام بقياده نانسى بلوسى رئيس مجلس النواب.

رابعا: بلور السيار الشعوبى مفهوما للعداء للفاشيه على اعتبار ان ترامب ومن معه يمثلون قيما فاشيه وسياسات تدعو للعسكريه داخليا وخارجيا. الفاشية هي تيار سياسي وفكري من أقصى اليمين، ظهر في أوروبا في العقد الثاني من القرن العشرين، لهُ نزعة قومية عنصرية تُمجّد الدولة إلى حدّ التقديس، ويرفض نموذج الدولة الذي ساد أوروبا منذ أواخر القرن التاسع عشر القائم على الليبرالية التقليدية والديمقراطية البرلمانية التعددية ، وهو وصف لشكل راديكالي من الهيمنة، تمثلت تاريخيًا في تجارب لحركات سياسية قومية أو وطنية، وَنُظُمٍ أسَّسَتْهَا تلك الحركات، تبلورَتْ عبر تجارب الفوهرر السياسية التي خاضتها عدد من بلدان أوروبا في فترة ما بين الحربين العالميتين لتصل إلى شكل فكري واعٍ بذاته. سعت الحركات الفاشية لتوحيد الأمة التي تنتمي لها عبر الدولة الشمولية مروجةً للتحرك الجماعي للمجتمع الوطني وتميزت بالحركات الهادفة إلى إعادة تنظيم المجتمع بحسب مبادئَ متسقةٍ مع الأيدولوجية الفاشية. اشتركت الحركات الفاشية بملامح مشتركة تتضمن تبجيل وهيبة الدولة، حب شديد لقائد قوي، وتشديد على التعصب الوطني والعسكري. ترى الفاشية في العنف السياسي والحرب والسطوة على أمم أخرى طُرُقًا للوصول لبعث نهضةٍ وطنيةٍ. ويقر الفاشيون برؤيتهم أن الأمم الأقوى لها الحق في مد نفوذها بإزاحة الأمم الأضعف. كانت إيطاليا أولى البلدان التي تأسَّسَ بها نظامٌ فاشيٌ، ويشار إليها كثيرًا لتمثل النموذج الذي تقاس عليه تجاربُ لاحقةٌ. الحرية الشخصية مقيدة تقييدًا شديدًا في ظل الحكومة الفاشية؛ فعلى سبيل المثال، تقيد الحكومة السفر إلى البلاد الأخرى، وتحد من أي اتصال بشعوبها، وتهيمن على الصحف ووسائل الاتصال الأخرى في بلدها، وتبث الدعاية للترويج لسياساتها، وتمارس رقابة صارمة على المطبوعات لقمع الآراء المناوئة لها. ويفرض على كل الأطفال الالتحاق بمنظمات الشباب، حيث يتدربون على المسيرات ويتعلمون المفاهيم الفاشية. وتسحق الشرطة السرية أية مقاومة. وقد تؤدي المعارضة إلى السجن والتعذيب والموت. يعتبر الفاشيون كل الشعوب الأخرى أدنى من قوميتهم التي ينتمون إليها، لذلك قد تضطهد الحكومة الفاشية أو تقتل حتى الغجر أو من ينتمون إلى أقليات أخرى. تؤمن الفاشية بإحياء مجد الأمة والسمو بها إلى مدرج الكمال، وعدم المساواة بين الأفراد، كما تؤمن بأن الطبقة الممتازة هي القادرة على تحمل المسؤولية التي تعمل لصالح الشعب، وتضحية الفرد في سبيل المجموع: 1- الحكومة فوق الجميع أي يحق للحكومة أن تتدخل في حياة الفرد الخاصة، 2- وظيفة الفرد هي خدمة المجتمع بالاضافه الى إلغاء الحريات الفردية مثل: حق الحياة, حق الكرامة, الخصوصية، 3- تريد الفاشية أن تكون قوية وعظيمة على حساب الآخرين، 4- الفاشية تشك بأن يصبح هناك سلام دائم بين جميع دول العالم. يتميز مذهب الفاشية بالخصائص الآتية: 1- تركيز السلطة في يد الطبقة الممتازة ، 2- تقييد حريات الفرد مثل حرية الصحافة وحرية الاجتماع، 3- سيطرة جهاز الحكم على وسائل الإعلام واستخدامها للتأثير في الرأي العام.

خامسا، تم ترويج صوره ترامب باعتباره صنوان لهيتلر. وتم خلق الصوره التاليه عن ترامب: 1- كراهيته لوسائل الاعلام الليبراليه و اعتبارها عدو، 2- قيام ترامب بخلق فكره الضحيه و وهى الفئات اليبضاء والعمال، 3- اعتبار ان السود واليهود والاجانب والاقليات عائق لفرض النظام العام، 4- اعلاء رمزيه اعلام الفرق اليضاء، 5- اعتبار ان القيم وليس الدستور هو حجر الاساس للامه. وبدأ قاده مجلس النواب فى ترويج القول كما قال الديمقراطي جاي إنسلي بولاية واشنطن إن الرئيس "يشعل تمردًا محليًا". وقالت إذاعة مينيسوتا العامة عن رؤية الشاحنات التي تحمل علامات المليشيا أو الرموز ذات التفوق الأبيض التي يقودها رجال بيض، والعديد من المسلحين وبعضهم يرتدون سترات واقية من الرصاص، والرجال البيض يحطمون نوافذ المتاجر ويحاولون إشعال الحرائق ومضايقة النساء، وعرض رمز الميليشيات اليمينية المتطرفة ثلاثة نسب مئوية. كما تم رصد ملصق يحمل رمز علامة OK والذي كان مرتبطًا بالعنصريين البيض.