د. مينا ملاك عازر
بينما السباق المحموم جاري بين دول العالم على أنواع وكم السلاح الذي تحوذه، وبينما الصراع محتدم بين بعض الحمقى المفتونين بالزعامة لامتلاك السلاح لإثبات قوتهم ودعم جيشهم، وبينما تتباهى الدول بقدراتها على إنتاج الصواريخ بعيدة المدى ومضادة الطيارات ومضادة الصواريخ وأنظمة الدفاع والهجوم والوصول لأبعد النقاط في الكرة الأرضية والبوارج والغواصات، وتحتك الزوارق بالبوارج في الخليج العربي، وتحتك دوريات التفتيش في سوريا وتقوم مؤسسات عالمية باعداد تصنيف قوة جيوش الدول المختلفة بين شهر والآخر.
 
وإذ فجأة وعلى حين غرة، يظهر كائن لا يُرى بالعين المجردة ،لا يرى إلا بالمجهر، يضع العالم كله تحت المجهر، ليكشف هو ضعفه وهوانه وخيبة سعيه، وسباق زعماءه، وفشل أحلامهم، وانهيار أمجادهم، وخيبة أملهم، وفشل ادعاءاتهم، وبهتان قوتهم التي زعموها، فكل ما ادعوه من قدرات عسكرية، وما صرفوه لدعم بلادهم بالسلاح خوفاً من خطر ما، أو تباهياً أمام طرف ما، ذهب أدراج الريح وبات الحاجة لواحد نعم لواحد وهو اللقاح الذي يحمي العالم من ذلك الكائن المجهري في شكله الفتاك في مضمونه.
 
هل يعترف العالم بأنه لم ينفعه السلاح شيء؟ وكان أولى أن يوجه كل طاقته نحو العلم النافع والأبحاث المهتمة بالصحة وحماية الإنسان، وعلاجه من الأمراض، ألم يكن أولى أن يبنوا المستشفيات بدل من القواعد العسكرية وما شابه.
 
هل يمتلك أولئك الزعماء الذين بددوا ثروات شعوبهم والعالم بأثره بشجاعة ممتلك السلاح والقادر على خوض غمار حرب، الاعتراف بأنهم فشلوا في حماية شعوبهم بذلك السلاح من ذلك الفتاك؟ هل يمتلكون الشجاعة بأن يعترفوا بفشلهم الزريع في صد جحافل جيش مجهري يفتك بالإنسان تاج الخليقة والذي لأجله كل شيء عُمِل في الكون.
 
أبداً، لا أقول أن السلاح غير مهم، وأن الاهتمام بالجيوش غير ضروري، بل كان ضروري في حالة عالم متوحش اهتم بالقتال وسباق التسلح، وفرد العضلات، وفرض الأمر الواقع، لكن هل يتعظ الزعماء؟ ويفهموا بأن الأولوية دائما للعلم، والأهم أن يكون العلم في خدمة الإنسانية وليس لتدميرها وهدمها، هل يتوقف العالم عن سباقه المحموم نحو امتلاك زر التدمير بعد أن رأوا بأعينهم أننا على شفى التدمير فعلاً بفعل كائن لا نراه من فرط ضآلته لكننا ننهار أمامه من فرط قوته.
 
لا يفيد البكاء على اللبن المسكوب، لكن أتمنى أن يتعظ العالم بأثره وبالذات هؤلاء الموهمين بادعاء الزعامة، وزعم القوة، وجر العالم نحو الهاوية بسباقات التسلح وصرف أموال بلادهم على أمور لم تكن لتنفع، وثبت الآن، أنها للأسف عاجزة، لا أقصد فحسب التسليح، فهناك أمور كثيرة صرف عليها زعماء في شتى بقاع العالم كانت أقل أولوية، بل لا تقارن في أولويتها بالصرف على صحة وبناء المستشفيات ودعم الأطباء ليكونوا جاهزين ليوم كهذا.
 
المختصر المفيد اتعظوا لعلكم تنقذون.