للأطفال : زهير دعيم
استيقظ الفلاّح  حليم من نومه ، ففتح باب كوخه ونظر الى حقله المزروع بالخسّ وقال :
 
شكرًا لك يا ربّ. هذا هو اليوم الذي انتظرته ،  قريبًا سأبدأ ببيع المحصول.
 
وتذكّر الفلاح أنّ له جاريْن: الحَمَل الابيض الصوف  والجدي الاسود ذو القرنيْنِ الصغيريْن.
 
دعا الفلاح صديقيْه الى كوخه ورحّب بهما ،  واخبرهما بأنه سيعطي كل واحد منهما في كلّ صباح خسّةً شهيّةً إنْ هما حافظا على الحقل وساعداه  في حراسته.
 
قام الفلاح من فوره وقطف خسّتين جميلتين واعطاهما لصديقيه.
 
فرح الجدي والحمل فرحًا كبيرًا. 
 
مرّت الايام  والفلاح يقطف في كل صباح خسّتين لصديقيْه  قبل ان يقطف كميّة كبيرة لسوق المدينة .
 
لم يكتفِ الجدي بالخسّة ، فقد كان يدخل الى الحقل في أثناء وجود الفلاح في المدينة ، ويأكل ما يشاء، ويلعب ويقفز فوق الخسّات الناعمات.
 لاحظ الفلاح حليم  أنّ الخسّ يتناقص ورأى اثار اقدام حيوان في الحقل.
 
 وتكرّر الاعتداء فما عاد الفلاح يحتمل ففاتح صديقيْه بألامر.
 
انكر الحَمَل الابيض الصوف  ان يكون هو واستبعد ان يكون صديقه الجدي الاسود قد فعل هذا ، قائلا قد يكون حيوان غريب آخَر ،  امّا الجدي فأنكر هو ايضا التهمة ،  واضاف انه  يرى الحَمَل الابيض يتسلّل الى الحقل يوميًا.
 
    تذكّر الجدي الاسود أنّه رأى شيئًا من الصوف قد علق بالاشواك القريبة ، فابتسم وقال في نفسه :هَه...هَه...وجدتها ...وجدتها.
 
عاد الفلاح في اليوم التالي من السوق ،  فرأى  أنّ الاعتداء ما زال قائمًا،  ورأى قبضة من الصوف الأبيض  عند بقايا خسّات مقطوفات  حديثًا.
 
غضب الفلاح غضبًا شديدًا ،  واعلن لصديقيْه انه من اليوم فصاعدًا سيحرم الحَمَلَ من الخسّة وسيعطيها للجدي المؤدّب الخلوق !!.
 
ضحك الجدي في نفسه ولم يقل شيئًا.
 
  في اليوم التالي نفّذَ الفلاح قراره  فحرم الحَمَلَ من الخسّ وأعطى الخسّتين للجدي ، وحَمَلَ بعضَ المحصول  واتجه نحو المدينة.
 
قفز الجدي الاسود ، قفزَ ضاحكًا  وزغرد......قفز فوق الصخور العالية ، وفي غمرة فرحه طار في الهواء من فوق الصخرة العالية ووقع في الحقل بقرب الخسّات الناعمات.
 
أوّاه....يا الهي صرخ الجدي ، ما هذا الالم  الذي يصيبني ؟...ما هذا الدم الذي يسيل من  ِرجلي الأمامية ؟!
 
صرخ الجدي واستغاث واخذ ينادي صديقه الحَمَلَ ....ساعدني ...ساعدني ارجوك ...هبَّ الحمَلُ  مُسرعًا يحمل الدواء والضمادة. 
ضمّد الحمَلُ رِجل صديقه ، وأخذ يساعده في الخروج من الحقل...
 
عاد الفلاح من السوق ، ورأى  آثار الدم في حقله فتعجّب .
 
وكم كانت دهشة الفلاح كبيرة ،  حين رأى خارج الحقل الحمَل يحمل العُشب الاخضر الطّري ويطعمه للجدي  المكسور الساق.
 
نظر الجدي الى الفلاح تارةً  والى الحمَل تارةً اخرى والدموع تسيل من عينيه وقال :....انا .....انا ...انا الذي ...
 
فقاطعه الفلاح قائلا : لقد عرفت كلّ شيء ...الاعتراف بالخطأ فضيلة ...غدًا يوم  جديد ...غدًا سيكون لكلّ واحد منكما خسّتان طريّتان ،  وربّت الفلاح على رقبة الحَمَلِ الابيض الصّوف  وهو يقول :
 
سامحني لقد أخطأت اليك ..وبكى الجدي  من جديد وعانق الحَمَلَ وهو يقول سامحني ...سامحني ارجوك .