كتب : مدحت بشاي
Medhatbe9@gmail.com
 
أمر بديع ما تابعناه ونتابعه خلال السنوات الأخيرة من فعاليات و أنشطة تثقيفية و اجتماعية وسياسية لدعم العمل  في اتجاه  تكوين كوادر شبابية تساهم في الأنشطة العامة .. أمر رائع  تعيين شباب في مراكز قيادية كمساعدين ونواب للوزراء و المحاقظين .. هام وجيد تنظيم مؤتمرات ومنتديات للشباب المصري وأخرى على المستوى الإفريقي والعالمي ، ينظمها  ويشارك فيها أعداد كبيرة من شبابنا المتميز بنجاح وتميز ..
 
ولكن من حين إلى آخر نتوقف عند سؤال هام عن شكل ومضمون الخطاب العام الموجه للشباب .. وتفصيلاً الخطاب السياسي والخطاب الثقافي والخطاب الديني و بشكل خاص الخطاب الإعلامي  ..
 
ثم نسأل هل نحن بالفعل معنييون بأمر الانتباه لكل الجهات المصدرة لتلك الخطابات ومدى تأهلها لتلك المهام البالغة الأهمية التي تواجه فيها البلاد الكثير من التحديات في الداخل والخارج ، و حيث هناك إصرار رائع من قبل القيادة السياسية و كل الأجهزة والوزارات على مواصلة العمل الجاد في مجال تعظيم برامج التنمية  و البناء و إنجاز برامج القضاء على العشوائيات .. نسأل مدى أهلية و جدارة من يتعاملون مع الشباب ، و  مدى تفاعلهم  الإيجابي مع المتغيرات المجتمعية والإنسانية المحلية والعالمية التي يعيشها الشباب المصري ..
 
نأمل التدقيق والتطوير لتلك الخطابات للتوافق من حيث الصياغة والجاذبية وإيقاع الأداء للتماهي  مع رؤى و أحلام  الشباب ؟ ..
 
 هل نحلم بتوسيع  وتعظيم دوائر مجالات المشاركة الشبابية بنفس النهج السابق اتباعه في الأنشطة المشار إليها.. بل  و نسأل عن مدى مشاركة الشباب أنفسهم في صياغة تلك الخطابات عبر تفاعل إيجابي معهم في كل مواقع تواجدهم ؟ 
لقد شغل أمر هذا الخطاب كاتبنا الكبير توفيق الحكيم في مقال له نُشر منذ ما يقرب من 50 عاماً يقول : عندما كان يقول لي أحدهم أن للكتابات أثراً في تفكير الشباب كنت أسمع هذا القول ولا أجد فيه بأساً ولا خطراً .. لم أكن أتبين عندئذ أن هذا كلام يجر إلى تبعة من التبعات .. ولكن .. يظهر أن ليس أخطر من إنسان يؤثر في عقل إنسان غيره ! .. رأيت كثيرين من الشبان ينزحون اليوم إلى بلاد الغرب في طلب العلم ، فيصطدمون بحياة أخرى وحضارة أجنبية .. فإذا هم ، لدهشتي ، يرون في الأمريكي رجلاً لو فتحت صدره لوجدت " دولاراً " في موضع القلب ! ويهيمون باحثين هناك عن " الروح " وتسيطر على تفكيرهم فكرة واحدة : هي روحانية الشرق وعظمتها ومواضعها ومنابعها ....
 
ويسأل الحكيم : أمن الخير أن تدع هذا الشباب يهيم في مثل هذه المشاعر والأفكار ؟أم أن من الخير أن نصده عنها اليوم قليلاً ونقول له : لا تسرف في تقديس ماضيك ! ، فتخاف على حضارتك المغلوبة أن تغزوها الحضارات الغالبة .. اغترف بشجاعة من كل منبع ، وخذ من كل ميراث .. لتثري نفسك ويتسع أفقك !
 
في كتاب د.عصمت سيف الدولة عن الشباب العربي ، يتم الإشارة لأفكار ماركوز وكيف أنها كانت محاولة للتوفيق أو التلفيق بين مذهب سيجموند فرويد وبين مذهب كارل ماركس في علم الاجتماع ، كلاهما حاول أن يحدد العوامل الأساسية التي تتحكم في اتجاهات الفرد ومواقفه وسلوكه في المجتمع .. 
 
وعليه فإن التدقيق في الخطاب الفكري والثقافي والإعلامي الموجه لشبابنا أمر جد خطير في عالم لم يعد هناك سيطرة على أي بث إعلامي أو فضائي أو الكتروني ، حيث تتسابق ماكينات الإنتاج الفكري في إمداد الوسائط الإعلامية الجهنمية الانتشار والتوالد عبر ساعات الليل والنهار بالطيب والخبيث والخطير من الأفكار والأطروحات .