كشفت مذكرة من مدير مكتب الإدارة والميزانية جيمس ماكنتاير إلى الرئيس جيمي كارتر في 30 أغسطس عام 1978، عن بحث تفاصيل المساعدات الأمريكية إلى مصر وإسرائيل والأردن وسوريا على خلفية اتفاقية السلام.

 
يقول فيها ماكنتاير "عندما تستعد لقمة كامب ديفيد مع الرئيس المصري محمد أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن أعتقد أنك يجب أن تضع في اعتبارك مأزقًا متزايدًا في مساعدتنا للشرق الأوسط، من ناحية، يجب أن تستمر في التأكيد لكل من مصر وإسرائيل على أن مستويات المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية لن يتم تخفيضها أو حجبها كوسيلة ضغط في مفاوضات السلام، ومن ناحية أخرى، هناك تفاوت متزايد بين المستويات المعتادة للمساعدات الأمريكية إلى دول المواجهة في الشرق الأوسط واحتياجاتها الفعلية من المساعدة".
 
وأورد "ماكنتاير" في مذكرته لكارتر بعض الحقائق التي تشير إلى الصعوبة المتزايدة في تبرير استمرار ارتفاع مستويات المساعدات الأمريكية إلى الشرق الأوسط، مشيفًا: "إنني لا اضع في هذه المذكرة بيانات تشير إلى انخفاض في مستويات المعونة هذه عند وصولنا إلى عام 1980، لكنني أقترح عليك أن تفكر في ضرورة البدء في تهيئة مناخ تكون فيه التخفيضات المناسبة مقبولة دبلوماسيًا لإسرائيل ومصر".
 
وأقر "ماكنتاير" في مذكرته أن مجموع المساعدات الأمريكية لأربع دول فقط في الشرق الأوسط يبلغ مجموعها 3.1 مليار دولار أو 39٪ من جميع المساعدات الثنائية للولايات المتحدة في عام 1978 وارفق في مذكرته جدولًا توضيحيًا للمساعدات للدول الأربعة مصر وإسرائيل وسوريا والأردن.
 
وكشف "ماكانتاير" في مذكرته أن الولايات المتحدة كانت تخطط لخفض المعونة تدريجيًا من 1977 إلى 1980 وهو ما لم يحدث في الحقيقة حتى الآن، وأورد "ماكنتاير" في مذكرته كيف يمكن لكارتر أن يقول للسادات وبيجن أن المساعدات ستنخفض تدريجيًا بحسب الجدول مصر لم تحصل على مليار دولا كاملة خلال الثلاث سنوات الأولى من 1977 وحتى 1980 وكانت تحصل على حوالي 908 مليون دولار في 1977 وحوالي 939 مليون دولار في 1978، و935 مليون دولار في 1980، أما إسرائيل كانت تحصل في 1977 على حوالي 1.8 مليار دولار، وكان مخطط أن تحصل على نفس المبلغ في 1978، أما في 1980 فكان مخطط ان تحصل على 1.7 مليار دولار.
 
ومن الجدول المطروح في المذكرة نجد أن المساعدات الأمريكية لمصر تزايدات حتى وصلت إلى 1.3 مليار دولار، وتزايد الدعم الأمريكي لإسرائيل حتى وصل إلى 3.3 مليار دولار.
 
وكانت الأردن تحصل على 210 مليون دولار في 1977، وفي 1978 كانت تحصل على 231 مليون دولار وكان مخطط ان تحصل على 281 مليون دولار في 1980، وأما سوريا فكانت تحصل على 100 مليون دولار في 1977، وفي 1978 كانت تحصل على 94 مليون دولار، وكان مخطط أن تحصل سوريا على 102 مليون جولار في 1980.
 
وبالنسبة لمساعدات مصر قال له ماكنتاير "على الرغم من أن مصر لا تزال تواجه مشاكل اقتصادية خطيرة، إلا أن آفاقها تحسنت بشكل ملموس منذ عام 1976، وذلك إلى حد كبير بسبب ضخ كميات كبيرة من المساعدات من الولايات المتحدة ودول النفط العربية في حين أن إجمالي الالتزامات الجديدة للمعونة في الولايات المتحدة تبلغ نحو مليار دولار سنويًا، فإن المدفوعات ستصل إلى 800 مليون دولار في عام 1978 وسنقوم بالحفاظ على تدفقات لا تقل عن مليار دولار حتى عام 1981 أو 1982 وسيكون هذا أكثر من مجرد الوفاء بالتزامك مع الرئيس السادات للحفاظ على مستويات المعونة على مدى السنوات القليلة القادمة".
 
وأشار "ماكنتاير" إلى إن استمرار الالتزامات الأمريكية الجديدة بمستوى 1979 سيسمح على الأرجح لمنتجي النفط العرب الأثرياء بتخفيض مساعداتهم.
 
وبالنسبة لمساعدات إسرائيل قال له "ماكنتاير" من المتوقع أن يكون فائض ميزان المدفوعات الإسرائيلي في حدود 800 مليون دولار لكل من 1978 و1979، هذا الفائض يسمح لإسرائيل بزيادة احتياطياتها من العملات الأجنبية (بزيادة 20٪ منذ عام 1976)، وخفض الديون قصيرة الأجل وتشير تحليلات وزارة الدفاع إلى أن المستوى الحالي للقدرات العسكرية الإسرائيلية تكفي للحفاظ على أمن إسرائيل ضد أى هجوم محتمل من قبل القوات العربية واعتقد أن المساعدات الأمريكية البالغة أكثر من 1 مليار دولار ستكون كافية لتلبية الاحتياجات الإسرائيلية".
 
وبالنسبة للأردن وسوريا قال "ماكنتاير": يتم تحديد مستويات المعونة للأردن وسوريا في المقام الأول حسب مستويات معونات مصر وإسرائيل، ومع ذلك، فإن هاتين الدولتين المجاورتين الصغيرين تتمتعان بالقوة الاقتصادية الكافية لدرجة أنهما كانا قادرين على تحمل انخفاض في المساعدات الأمريكية في سياق تقليص المساعدات إلى الشرق الأوسط بشكل عام".
 
واختتم "ماكنتاير" مذكرته لكارتر موضحًا فيها أن المساعدات تعتبر عبئًا ثقيلًا على واشنطن ما يؤثر على تلبية المصالح الأمنية الأمريكية وقال له "يمكن أن يكون مستويات الدعم في الولايات المتحدة في الشرق الأوسط مهمًا بشكل خاص في اتخاذ قرارات بشأن ميزانية عام 1980 نظرًا لأننا نعتبر الطلبات الثقيلة على الأموال لتلبية المصالح الأمنية الأمريكية في أماكن أخرى من العالم، ولتلبية الطلبات الجديدة لتقديم المساعدة لإفريقيا (خاصة جنوب إفريقيا) والبرتغال وتركيا وأمريكا اللاتينية، فإننا نتوقع من الدولة أن توصي ببرنامج للمساعدة الأمنية لعام 1980 يتجاوز بكثير سقف التخطيط".