كتب - نعيم يوسف
يعتبر عبدالكريم قاسم، رئيس وزراء العراق الأسبق، واحدًا من أهم الشخصيات في تاريخ العراق، حيث كانت له تجربة مختلفة وفريدة في حكم العراق.
من عائلة فقيرة
ولد عبدالكريم قاسم محمد بكر عثمان الفضلي الزبيدي، في 21 نوفمبر عام 1914، في أحد أحياء بغداد الشَعبية، من عائلة فقيرة، لم تقو على توفير نفقات الحياة فاضطر والده إلى الانتقال لمنطقة أخرى وهي قضاء الصويرة، حيث عمل فلاحا، ليوفر نفقات عائلته، وهناك التحق الطفل الصغير "عبدالكريم"، بالمدرسة الابتدائية، ثم الثانوية، حتى تخرج ليصبح معلمًا.
الحب يدق باب قلبه
أثناء عمله معلمًا في إحدى المدارس، دق الحب باب قلب الشاب "عبدالكريم"، وأحب زميلة له، وقيل إنه تقدم لخطبتها، إلا أنها رفضت، وأرادت أن تصبح زوجة لشخص ذا وظيفة أعلى من معلم، ولكن لمفارقات القدر لم تعرف أنها ترفض واحدا سيكون من أهم قادة الدولة في المستقبل، بل واحدا من أهم الشخصيات في تاريخ بلادها الحديث!
في الطريق إلى السلطة
اتجه عبدالكريم قاسم إلى السلك العسكري، خاصة بعد إعلان الجيش العراقي عام 1932، حاجته لطلبة عسكريين جدد، فانضم عبدالكريم، إلى الجيش، ويأخذ أول خطوة في طريقه إلى السلطة.
 
تخرج عام 1934 من الكلية العسكرية، وعمل ضابطا في الجيش حيث تدرج في المناصب، وقيل إنه كان ضابطا منتظما، وجيد الطباع، ولكنه في الجيش أسس تنظيما سريا عرف بـ"المنصور" أو "المنصورية"، وفيما بعد اندمج هذا التنظيم مع تنظيم "الضباط الأحرار"، الذي سار على نفس نهج تنظيم الضباط الأحرار في مصر، حيث أطاح بالسلطة الملكية الحاكمة، فيما عرف بـ"ثورة 14 تموز"، وأسس الجمهورية الحديثة، ليضع بذلك "عبدالكريم" قدمه على قمة السلطة في بلاده.
الحب يعود إلى قلبه
تولى عبدالكريم قاسم، منصب رئيس وزراء العراق، ويعد أول حاكم عراقي بعد الحكم المَلكي، ورغم ما وصل إليه من نجاح وسلطة ونفوذ، كان نفوذ الحب على قلبه ذا سلطة أقوى، فقد اشتهر بزيارة المدارس، وفي مرة من المرات، وجد خاتم الزواج في إصبع حبيبته القديمة، فامتنع عن زيارة المدارس منذ ذلك الوقت، كما يروي عنه أحد المسئولين المقربين.
عبدالكريم قاسم وعبدالناصر
على الرغم من القرارات التي أعلنها واعتبرها الكثيرون في صالح الشعب، والتغييرات السياسية الجذرية إلا أن فترة حكمه شهدت اضطراباً سياسياً وتناحر الأحزاب فيما بينها على سَدة الحُكم، كما شهدت فترة حكمه ضغوطا من الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا) بقيادة الزعيم المصري جمال عبدالناصر، لكي ينضم إلى "الوحدة العربية"، إلا أن "عبدالكريم قاسم"، كان له اتجاه ورأي آخر.
 
رفض "قاسم" الانضمام للوحدة بقيادة "ناصر"، بل وتوترت العلاقات بين الزعيمان، وسخر كل منهما إعلامه للهجوم على الآخر، لدرجة أنه قيل في الإذاعة الرسمية للعراق، إن القاهرة ودمشق عملاء للاستعمار والصهيونية، وأن الدولار قد عثر في القاهرة ودمشق على عباد له أو عبيد ينصاعون لأوامره ويخضعون لرغباته، وأن إذاعة إذاعة صوت العرب القاهرية والصحف المصرية، تثير الراي العام ضد الحكومة العراقية، ووقوفها ضد طموحات بغداد بالامتداد للكويت فيما عرف بازمة الكويت عام 1961.
مقتله
استمرت الاضطرابات السياسية في البلاد، وكما بدأ حكمه بانقلاب على الملكية، انتهى حُكمه بانقلاب قام به حزب البعث والقوميون العرب في 1963 وقُتل في 9 فبراير من نفس العام.