د. مينا ملاك عازر 
بالرغم من  ما يكشفه كورونا -الفيروس التاجي- الذى سلب الاف البشر حياتهم من ضآلة الإنسان،  برغم كافة انجازاته العلمية والثقافية والمادية وبالرغم من تناوب حضاراته على مر التاريخ على امساك عصا سيادة مقاليد العالم. 
 
و بالرغم من هذا كله، أقول أن الإنسان الذى يظن في نفسه التفوق على باقي الكائنات يقف عاجزاً أمام التصدي للكائن الميكروسكوبي الضئيل الذى يفتك به ومع ذلك فهو لا يتعظ، فنجد قلة من الناس يمنعون دفن جثة شهيدة من شهداء كورونا بداعي خطورته على حياتهم، وبرغم إيماننا المطلق بقيامة الأموات إلا أننا لا نؤمن قيامة كورونا وقت القيامة الأخيرة أو حتى قبلها، والثابت علمياً أن كورونا فتاك للأحياء والمتجمهرين، وبالرغم من هذا تجد أن الخائفين من بعث كورونا أو خروجه من القبر ليلحقهم، يتجمهرون للتصدي لها كاسرين بذلك ابسط قواعد الأمان للوقاية منهم وربما عقلية هؤلاء، هي ذات العقلية التي دفعت البعض في الإسكندرية للتجمهر والتظاهر والتكبير بداعي مكافحة الفيروس. 
 
و نجد أنفسنا هنا مرة أخرى أمام ذات المسألة الجدلية  التى سبق وأن طرحناها في المقال المعنون "لمن ينتصر كورونا" حيث تواصلنا في النهاية أنه في الأغلب ستنتصر الشعوب التي تولي قيمة العلم الأهمية الأكبر وتعلي الوعى فوق كل الاعتبار بغض النظر عن ماهية الأنظمة الحاكمة في تلك الدول، ومن ثم، فأن أفعال كتلك التي أسلفنا الإشارة إليها تؤكد أن الفيروس من السهل عليه أن يجتاحنا ما لم نكن جادين في التصدي له ومواساة مصابيه بعقل راجح.
 
 و من هنا عزيزي القارئ، فعلينا أن نقيم أفعالنا بشكل جادي ونتسأل، هل تزاحمنا في الاسواق ومحال البقالة هو فعل من أفعال الوقاية الجادة من الإصابة بذلك الفيروس اللعين، أم أننا ندعى فقط ذلك، ونخشى منه في جثث الموتى  ولا  نهابه في أنواف و حلوق و صدور الأحياء. 
 
هذا التناقض العجيب بين انتهاك حرمة الموت وانهاك أهل الميت بآلام أخرى غير تلك التي يتجرعونها لفقدانهم أحبائهم  وبين ادعاء كاذب للجدية التي نحاول إيهام أنفسنا باتباعها لمقاومة انتشار المرض من خلال أفعال تتكأ على التدين في الشكل من تكبير و رغبات شكلية في العودة الى دور العبادة، اذ كيف لشعب يفعل هذا يفعل ذاك؟ 
 
المختصر المفيد  كفاكم ادعاء و تمثيل كفاكم تلون.