كتبت – أماني موسى

تزخر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالعديد من الشخصيات التي تميزت في مجالات شتى، فمنهم من كان بارعًا في اللاهوت وآخر في الأدب وثالث في التعليم والخدمة، ومن بين هؤلاء العمالقة الأسقف الذي جمع بين الكثير من هذه الصفات ليصبح علامة في تاريخ الكنيسة القبطية وعلاّمة أيضًا.. وهو الأنبا غريغوريوس أسقف التعليم الراحل.. نورد بعض سطور من حياته..


نشأته في أسوان ووفاة والدته في سن مبكر
وُلد وهيب عطالله جرجس، في أسوان يوم 13 أكتوبر 1919 م، وكانت أسرته تعلمه أصول المسيحية، وكانت لوالدته السيدة تفيدة عبد المسيح، أكبر الأثر في تكوين شخصيته.


صداقة والدته للعذراء وأخبرتها بميعاد رحيلها
وكان والده يعمل صراف، ودائم التنقل بسبب طبيعة عمله، وكانت والدته سيدة تقية وتحب السيدة العذراء حتى أنها كانت تظهر لها كثيرًا، وذات يوم مرضت الأم وطلبت من العذراء أن تشفيها لكنها ظهرت لها في رؤيا تخبرها بقرب موعد رحيلها، فطلبت الأم من ابنها وهيب –كان في المرحلة الابتدائية آنذاك- أن يحضر لها كاهن، وصلى لها وبعدها توفت.

قضى الطفل وهيب طفولته في أدفو وكان متفوق دراسيًا، وكان منطوي لا يكثر الحديث مع الآخرين.

فيلسوف مصري يعلم الألمان فلسفة الإيمان
أجاد الأنبا غريغوريوس تسع لغات: المصرية القديمة، القبطية، العبرية، اليونانية، الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، اللاتينية، والعربية، وعندما زار ألمانيا كتبت عنه جريدة الأهرام: فيلسوف مصري يعلم الألمان فلسفة الإيمان.

وقد حدد أهداف أسقفية البحث العلمي في عدة نقاط هي: مراجعة الكتب الكنسية والمخطوطات وتنقيحها وكتابتها بأسلوب عربي مطابق للأصول اليونانية والقبطية، نشر تراثنا القبطي باللغات العربية والأجنبية، ترجمة كتبنا الكنسية إلى اللغات الحية، إعادة ترجمة كتب الآباء الأوائل، وتجميع وتبويب القوانين الكنسية وإعادة ترجمتها من اللغات الأصلية.

بعد أن حصل على الثانوية العامة دخل الكلية الإكليريكية عام 1936، رغم رغبة أسرته أن يدخل كلية الطب نظرًا لنبوغه، وتخرج منها بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف.


ثم التحق بكلية الأداب قسم الفلسفة بجامعة فؤاد الأول، وتخرج منها بتقدير جيد جدًا وحصل على صورة الملك فاروق، تكريمًا له لتفوقه في امتحان دبلوم معهد الآثار المصرية بكلية الآداب – جامعة القاهرة 1951م. وكذلك تكريم Knight of St. Stefanos Order.

بعد رسامته أسقفًا أخذ منصب معاونًا خاصًا لقداسة البابا كيرلس السادس في كل ما يعهد إليه من شئون البطريركية.

ترهب بيد الأنبا باخوميوس فى عهد القمص قزمان بشاى المحرقى ناظر الدير – بكنيسة العذراء الأثرية بالدير المحرق – فى يوم الأحد 16 / 9 / 1962 م، رسم قسًا ثم قمصًا بيد نيافة الأنبا بطرس مطران كرسى أخميم وساقلته بكنيسة السيدة العذراء الأثرية بالدير المحرق –  فى 2 يونيه 1963 م.

رسم أسقفًا للدراسات العليا اللاهوتية، والثقافة القبطية والبحث العلمى بيد قداسة البابا كيرلس السادس فى 10 / 5 / 1967 م.

أكثر من 200 كتاب ومجلد تم تجميعهم في موسوعة الأنبا غريغوريوس
له العديد من الكتب، حتى أنه ترك تراثًا هائلاً من الكتب المتخصصة، إذ قام بتأليف 90 كتابًا من 116 كتاب تم إصداراها ضمن منشورات أسقفية الدراسات اللاهوتية العليا والثقافة والبحث العلمي.


11 مؤلف باللغة الإنجليزية
هذا بالإضافة إلى نحو 60 مؤلفًا أخر للمقررات التي تُدَرَّس في الكلية الإكليريكية ومعهد الدراسات القبطية في جميع فروع علوم اللاهوت، وله 11 مؤلفًا باللغة الإنجليزية.

موسوعة الأنبا غريغوريوس 37 مجلدًا
تم تجميع تلك الكتب إلى جانب الكتابات التي لم تُطْبَع في موسوعة بعد تبويبها، وتم عنونتها باسم "موسوعة الأنبا غريغوريوس"، وتم طبعها في 37 مجلدًا بالحجم الكبير.


أكثر من 8 آلاف محاضرة
وله نحو 8600 محاضرة وعظة، وله مقالات كثيرة متعددة في كتب وموسوعات ومجلات وصحف مصرية وعالمية، باللغات العربية والإنجليزية والقبطية وغيرها.


نقل محتويات مكتبة الأنبا غريغوريوس بالمركز الثقافي القبطي
لمحبته الدراسة والإطلاع والبحث والتأليف أصبحت مكتبته الخاصة تضم عشرات الآلاف من المراجع والمجلدات، وقد تم وضع محتويات مكتبة الأنبا اغريغوريوس (وتضم 32,000 كتابًا) إلى مكتبة المركز الثقافي القبطي بالقاهرة.

الإشراف على العديد من رسائل الدكتوراه
شارك الأنبا غريغوريوس بالإشراف على العديد من رسائل الدكتوراه بقسم اللاهوت بمعهد الدراسات القبطية والجامعات العامة أيضًا.
شارك في مؤتمرات عالمية متعددة لا تقل عن مائة وعشرون مؤتمرًا، إلى جانب كثير من الاحتفالات والمناسبات العالمية.
يوجد جسد الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات العليا والثقافة القبطية والبحث العلمي في المقر البابوي بجوار جسد الأنبا صموئيل الأسقف الشهيد أسقف العلاقات العامة والخدمات الاجتماعية.
 

شهادات علمية حصل عليها الأنبا غريغوريوس
حصل الأنبا غريغوريوس على البكالوريا ( شهادة إتمام الدراسة الثانوية ) يوليو 1936م، بكالوريوس الكلية الإكليريكية بالقاهرة – بتقدير ممتاز – مايو 1939م، ليسانس آداب – قسم الفلسفة – جامعةالقاهرة ( فؤادالأول ) – تقدير جيد جداً – يوليو 1944م، دبلوم فى الآثار المصرية – من معهد الآثار المصرية كلية الآداب جامعة القاهرة تقدير جيد جداً – يونية 1951م، دكتوراه فلسفة فى الآداب – و المصريولوجيات و الدراسات القبطية من جامعة مانشستر – بتقدير ممتاز – يوليو 1955م.

المناصب التى شغلها:
مدرس فأستاذ العلوم اللاهوتية و الفلسفة بالكلية الإكليريكية – القاهرة 1944م، وكيل الكلية الإكليريكية 1951م، أستاذ و رئيس قسم اللاهوت بمعهد الدراسات القبطية 1955م، مدير معهد الدراسات القبطية بالقاهرة، أسقف الدراسات العليا اللاهوتية و الثقافة القبطية و البحث العلمى فى عام 1967م.


وفاته
أُصيب الأنبا غريغوريوس بجلطة في المخ وبسرطان في الكبد، وتنيح بسلام في يوم 22 أكتوبر 2001، وكانت جنازته مهيبة بحضور المئات، وألقى البابا شنودة عظة عن تاريخ أستاذه، ومع كلامه انهمرت دموعه، ووُضع جسده في الكاتدرائية بجوار البابا أثناسيوس حسب وصيته.