كتبت – أماني موسى
قال د. كمال صبري، تفاصيل طفولته ونشأته في مصر، أنه ولد في منطقة الأزبكية عام 1930، وأسمته والدته "كمال صبري" تيمنًا باسم كمال أتاتورك حاكم تركيا في ذلك الوقت، وصبري لأنه جاء أخر العنقود بعد صبر طويل وعدة عمليات إجهاض.
 
وأضاف في لقاءه مع القمص ديسقورس الأنطوني كاهن كنيسة مارمينا بميونخ، أنه بذهابه إلى ألمانيا أتخذ اسم "قلته" كلقب عائلي تسهيلاً كبديل عن الاسم المركب.
 
وأشار إلى أنه لا يتذكر الكثير عن منطقة الأزبكية، وانتقلوا للعيش في دوران شبرا، وتلقى تعليمه الأول في مدرسة الخديوية، وبعدها اضطروا للمغادرة إلى الزقازيق لتلبية والده الذي كان يعمل مهندس مساحة لقرار نقله إلى هناك، واستقروا هناك نحو عامين، ثم انتقلوا إلى بنها، ثم إلى الجيزة، وألتحق بكلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغات القديمة، وأنه كان يرغب أن يكون معيد بكلية الآداب، لكن تم رفضه لحصوله على جيد فقط وليس امتياز.
 
مشيرًا إلى أن جميع الفتيات والسيدات في ذلك الوقت يرتدين الفساتين ولم يكن هناك حجاب على الإطلاق، ولا يمكنك التفرقة بين سيدة مسيحية وأخرى مسلمة من خلال المظهر الخارجي، مضيفًا: "مكانش في حاجة اسمها إيشارب"، وكان عدد الطلبة بالمدرج نحو100 طالب.
 
ثم عمل كمدرس للغة الإنجليزية، في مدرسة الإسماعيلية الخاصة في شبرا، في عام 1954، وأنه كان وأصدقائه يذهبون لكورنيش نيل روض الفرج لممارسة هواية الصيد، ولم نكن نعلم أي تفرقة ولا كلمة مسلم ومسيحي، وكنا نحتفل سويًا بالأعياد جميعها دون تفرقة.
 
لافتًا إلى أنه في السنة الثانية أثناء دراسته بالكلية، في عام 1951 تم الإعلان عن دخول الجيش للأسر التي لديها أكثر من ذكر، وحينها شعر برغبته في الدخول للجيش وأن يصبح طيار، وبعد خضوعه للكشف الطبي تبين أن عينه الشمال بها ضعف نظر يحول دون أن يصبح طيار، وأنه أناء فترة الصيف كان يتم تدريبهم لمدة 3 أشهر كتدريب عسكري تابع للكلية الحربية.
 
وتابع، أحيانًا كنا نتدرب بمناطق بوادي النطرون، ومن هنا جاء اهتمامي بالأديرة، وحينها كنت أردد الألحان دون فهم، بل أقولها كما يقولها الآخرون.
 
وأردف، بعد وفاة والدته في سن صغيرة شعر بصدمة شديدة، وعاتب الله أنه توفى والدته في سن صغيرة بينما يترك آخرين كبار بالعمر، وحينها طيب خاطره الكاهن الذي ترأس صلاة الجنازة، أن الله صالح ويعطينا كل ما هو خير، ولعله يريد منكم أن تعتمدوا على أنفسكم.
 
وبعدها علن والده عن رغبته في الزواج مرة ثانية، وتركوا المنزل له ولزوجته، وتوجهوا لأقاربهم في منطقة روض الفرج للعيش معهم، وكان أعمامهم يعطونهم 12 جنيه شهريًا للعيش بهم ودفع المستلزمات الشهرية ودفع الإيجار والدراسة وخلافه.
 
وكان شقيقه يدرس بكلية الطب البيطري، وشقيقته بكلية الفنون التطبيقية وتعلمت القص والخياطة والتطريز.
 
وحين قامت ثورة يوليو 1952 لم نكن ندري بشيء وسمعنا من الراديو أن الملك فاروق غادر مصر إلى إيطاليا، وشعرنا حينها أننا كبرنا ولم نعد صغار، وعلينا الانتهاء من الدراسة بأسرع ما يمكن وبدء العمل لتغطية المصاريف الخاصة بهم.
 
وفي عام تخرجه من الجامعة كانت مصر تخوض حرب، ودخل الجيش من عام 1956 إلى 1957 وشارك بالحرب ولم يصبه أي سوء على الرغم من كونه بمنقطة شرق سيناء وكانت مصر تصد هجوم العدوان الثلاثي، وبعد فك الحصار توجهنا لشمال الدلتا واستمريت فيها إلى عام 1957 وانتهت الحرب، وعدت للمدينة باحثًا عن وظيفة للمرة الثانية.
 
وسعى هو وآخرين جرجس متى وسامي جبرة، لتأسيس كلية للدراسات القبطية العليا، بعد الجامعة وتكون مدة الدراسة فيها 3 سنوات وتخرج مختصين بالألحان الكنسية والآثار والتقليد الكنسي وغيرها.
 
وكان الراحل راغب مفتاح مسؤول قسم الألحان، والقس صليب سوريال مختص بقسم القانون الكنسي، والقس مكاري مسؤول قسم الاجتماعات، ومراد كمال مسؤول قسم اليوتيوبيا واللغات السامية والحبشية.
 
وطلبوا منه تدريس اللغة اليونانية وكسكرتير بمعهد الدراسات القبطية، وبالفعل قام بهذا، ومنذ عام 1958 قام بتدريس اللغة اليونانية لطلبة الكلية الإكليريكية، وكان البابا كيرلس السادس يحرص على زيارة المعهد بشكل دوري والاطمئنان على سير العمل به.
 
وحين سافر إلى ألمانيا اندمج في تدريس تاريخ الطب، وعرفت عن دكتور روبرت كوخ، الذي تمكن من الوصول إلى علاج لوباء الكوليرا، مشيرًا إلى أن حلم السفر للدراسة بالخارج كان يراوده بدءًا من عام 1959.
 
وحينها تسلم جواب من قبل الكنيسة الإنجيلية بسويسرا يعلن عن وجود منح دراسية لكل دول العالم روسيا وأمريكا وإيطاليا وسويسرا وكامل أوروبا، ووقتها فكر أن يتوجه لدولة تتحدث الفرنسية رغبة منه في تعلم هذه اللغة.
 
وجاءته منحة من جامعة ألمانيا لدراسة التاريخ الكنسي، بدعم من قيادات المعهد، وحصل على الفيزا، وفي هذه الفترة قام بخطبة فتاة ولكنه قام بإنهاءها حتى يتمكن من السفر وفق الوقت المحدد لبدء المنحة الدراسية.
 
مشيرًا إلى أنه لم يكن يملك ثمن تذكرة السفر، فقام أحباءه بعمل جمعية بمبلغ 32 قيمة التذكرة آنذاك، وودعه البابا كيرلس السادس قائلا: "يا بني ربنا يكون معاك.. تروح وترجع لنا بالسلامة".