د. مينا ملاك عازر
بينما أتوق شوقاً لعودة الحياة لطبيعتها، لكن أبداً لا أتمنى ولا أنتظر ولا أرى من أن من طبيعة الحياة أن تسقط مئات الضحايا لفايروس كورونا موتاً، حتى أنعم بالحياة التي كان لا يعرف الكثيرون منا قيمتها، اليوم يتحسرون عليها، أنا لست متشائم، لكن معرفتي بسلوكيات شعبنا العظيم، وطاقتنا الطبية، وقدراتنا الصحية لمكافحة الوباء الخطير هذا، التي لم تطيقه أمريكا ولا بريطانيا والكثير من بلدان العالم كإيطاليا وفرنسا وألمانيا، تجعلني واثق أننا نتأهب لفقد نصف شعب مصر، ناهيك عن خراب اقتصادي محدق بنا في كل الأحوال إن عدنا للحياة الطبيعية وإن لم نعد، أعتقد أن معظم الضحايا سيسقطون من العمال، أكتب هذا في عيد العمال، ليس شفقة بهم فحسب، ولكن لإقرار واقع معظم عمال مصر من طبقاتها السفلى ومن أوساط يسودها الجهل والتواكل للأسف، أقول هذا وأنا حزين على حال مجتمعنا للأسف، لكن الواقع هكذا، ولذا هي المنطقة الأكثر عرضة لتتساقط أمام ويلات المرض الذي لا محال سيفتك بنا، وسط تلك القيم السلبية من التواكل والتواني والتراخي وما شابه، ويزيد عليهم ضعف في المستوى البيئي، وتهاون من قبل المسؤولين عن مكافحة المرض مرده معرفتهم بضعف طاقتنا الاستيعابية، ولا أدل على ما أقوله مما قالته وزيرة الصحة بأن خمسة وعشرين بالمئة من الوفيات توفيت قبل وصولها للمستشفى، هذا لا يعفيكم من المسؤولية سيادة الوزيرة، فأنتم من تقصرون في توعية الناس، ويقال أن ثمة أفراد كثيرين جاءوكم بأنفسهم فرفضتموهم، وقلتم لهم اعزلوا أنفسكم في بيوتكم، فإن صح هذا، وأنا أقرب لتصديقه، يعني هذا أنه لا طاقة لاستيعابهم أو هناك تواني في علاجهم، كلا الحالتين كارثي هل تعلمين هذا؟!

نعود للعمال الذين لن يوفر لهم أحد من طغاة أسواق الرأسمالية، ما يجب توفره من كمامات ومحاذير صحية ووسائل التأمين الصحي، وإن وفروها فللأسف لن يلتزموا بها، أعني العمال، لأنهم لا يصدقون، وإن صدقوا وهنا الكارثة الأكبر سيخافون وينكمشون ويفضلون الموت جوعاً في بيوتهم على أن ينزلوا فيسحقهم المرض، خاصة بعد أن يرونه يتفشى في أوساطهم، وهنا تأتي الكارثة المروعة أن يسقط الاقتصاد سقطة مدوية، وهو ما يدفع الكثيرين بالمطالبة بعودة الحياة الطبيعية لتلافي فشل اقتصادي، فنحن إذن بصدد فشل اقتصادي في كل الأحوال، والله يستر.

لا أرجو الله الستر على اقتصادنا، فحسب ولكن اقتصاد العالم كله، والأهم من هذا كله أرواح البشر الغلابة الذين وقعوا مسبقاً بسبب الجهل والفقر، كنتيجة لأنظمة سابقة، واليوم يسقطون فريسة مرض ووباء فتاك جراء فشل حالي أتى من إهمال كارثي لمنظومة الصحة والتعليم في سبيل الاهتمام ببناء أمجاد لم تفد أحد حين وقعت الواقعة.

المختصر المفيد لقاح يا رب يوقينا الوباء.