عماد فؤاد
هو من حرّم فى فتوى له الالتحاق بكلية الحقوق لأنها تدرّس قوانين وضعية ولا تكترث بالقوانين الإلهية، وهو من أفتى بأن النقاب فريضة وأمر واجب على كل امرأة مسلمة، وبـ«وقاحة وجهل فى آن» شبّه وجه المرأة بفرجها، قائلاً إن غطاء الوجه لا يقل أهمية عن غطاء الفرج، وهو من قال إن عمل المرأة حرام شرعاً، من زاوية أنها أمة للرجل، والعمل سيجعل معاملتها مع الزوج قاسية، وشدد على أن ختان الإناث سنّة لا تقبل التأويل، وحرّم الاحتفال بعيد شم النسيم، وتمادى فى غلوه وأوقع الإثم على كل من يبيع البيض أو الأسماك المدخنة فى هذا اليوم، وقام بتحريم الموسيقى والغناء، قائلاً إن الموسيقى تجوز فى حالة واحدة وهى الأناشيد والابتهالات الدينية، وحرّم مشاركة المسلمين للنصارى فى أعيادهم قائلاً: «يحرم على المسلم أن يشارك غيره، غير المسلم، من الكافرين فى أى عيد من الأعياد، لأن هذه مسألة نابعة من المودة والرحمة، أنا أعدل معهم نعم، أعاملهم بالقسط نعم، لا أسرقهم ولا أظلمهم ولا أجور عليهم نعم، إنما الود والبر إنما يكون لأهل الإيمان فقط»، واستند تنظيم داعش الإرهابى إلى حديثه عن أهم شروط البيعة لخليفة المسلمين، حيث قالوا إن الشروط جميعاً تنطبق على أبوبكر البغدادى.

هو أبوإسحاق الحوينى السلفى المتشدد الذى اعتذر مؤخراً عبر فيديو تسجيلى وسط أنصاره عن «بعض» من الفتاوى المتشددة وبعض الأخطاء العلمية التى وقع فيها.

اعترف الحوينى خلال الفيديو قائلاً إنه لم يكن من المفترض أن ينشر شيئاً فى سنواته الأولى التى أمضاها طالباً للعلم، لكن حظ النفس هو ما دفعه لذلك، وقال بوضوح: «النشر شهوة لما يطلع اسمك على كتاب والناس يتداولوه وتبقى معروف ما هو ده حظ النفس عندنا كلنا».

واعترف أيضاً: «كل سُنّة كنا نعرفها نعتقد أنها واجبة، وماكناش نعرف الفرق بين الواجب والمستحب وإن فيه درجات فى الأحكام، لم نكن نعلمها فأفسدنا كثيراً بحماس الشباب».

بعد كل تلك الفتاوى الشاذة التى أطلقها على مدى سنوات وسنوات الحوينى وأمثاله من السلفيين المتشددين، فى إطار ما يمكن وصفه بـ«الجريمة المنظمة» فى حق المصريين بصفة خاصة، والمسلمين بصفة عامة، يخرج ليعتذر وكأنه شاهد ملك يمنى نفسه برفع اسمه من لائحة الاتهام بإشاعة الكراهية بين الناس، وتأجيج المناخ الطائفى، والحض على ارتكاب جرائم قتل باسم الشريعة التى هى منهم براء.

الحوينى ذلك الذى «خنقنا» بفتاواه لم يكن أبداً مؤهلاً لتلك المهمة على الإطلاق، فهو خريج كلية الألسن بجامعة عين شمس التى درس بها اللغة الإسبانية، والمصيبة أنه كان يصف نفسه بـ«المتخصص فى علم الحديث»، وهكذا أيضاً كان يعتبره أتباعه ومريدوه.

وللذكرى حتى ينتفع المؤمنون فإن الجماعة الإسلامية سبق أن أعلنت فى منتصف عام 1997 مبادرتها لوقف العنف، وأعقبتها بـ«المراجعات» الشهيرة، وكان من أبرز قيادات تلك الجماعة الإرهابية كل من عاصم عبدالماجد وعبود وطارق الزمر، ووافقوا على المبادرة ووقعوا على الكتاب الأول لها بعنوان «لماذا المبادرة» و«البيان الأساسى للمبادرة»، وغيرها من الكتب الفقهية، والتى أطلق عليها المراقبون آنذاك «فقه الهزيمة».

هؤلاء الإرهابيون الذين أطلقوا مبادرة وقف العنف وراجعوا أنفسهم، هم من كشفوا عن وجههم القبيح بعد ثورة 30 يونيو، وهددوا المصريين بالسحق والقتل والدمار جزاء خروجهم ثائرين على حكم المرشد وجماعة الإخوان الإرهابية.

لن ننسى أنه بمجرد فوز التيار الدينى بالأغلبية فى برلمان 2011، هاج السلفيون فى الشوارع وقتلوا شاباً فى السويس بحجة تطبيق شرع الله، وفى البرلمان رفض نوابهم الالتزام بنص اليمين الدستورية، وأضافوا عبارة «بما لا يخالف شرع الله» فى مزايدة واضحة، ورفضوا الوقوف تحية للعلم، أو السلام الجمهورى، وطاحوا فى القرى والنجوع لمنع الأفراح والغناء، وحرّضوا على قتل الشيعة، وهو ما حدث بالفعل، وتطاول ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، على الأزهر الشريف وأفصح عن نواياهم «السلفيين» فى إقصاء شيخ الأزهر والمجىء بآخر بالانتخاب، ورفضوا تكليف الدكتور زياد بهاء الدين بتشكيل الحكومة، بحجة أن والدته مسيحية، وفى البرلمان قدم أحدهم النائب السلفى عادل عزازى مشروع قانون بتطبيق حد الحرابة، وسارع الإخوان بتأييد المشروع الذى لم يخرج إلى النور.

لا تصدقوا هؤلاء مهما أعلنوا عن توبة أو تراجعوا عن فتوى، فهم يتلونون كالحرباء، لقد تخلص المصريون من حكم الإخوان، وأفلت السلفيون، نسعى للتقدم للأمام، ويجتهدون لجرنا للخلف لقرون عديدة، يكررون سيرة الإخوان فى الكمون وتدعيم هيكلهم تنظيمياً ومالياً إلى أن تأتيهم الفرصة لتصدُّر المشهد، ومن يتصور أن ذلك مستحيل الآن، أحذره.. بصمتنا وغفلتنا سنتيح لهم ذلك.
نقلا عن الوطن