د.ماجد عزت إسرائيل

الكَهَنُوتِ في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هو أَحَدُ أَسْرَارِ الكَنِيسَةِ السَّبْعَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَبِهِ يَتَوَلَّى الكَاهِنُ التعليم والعماد وتِلاَوَةَ القُدَّاسِ. وأيضًا مؤتمن علي الشريعة والمسموح له بتقديم الذبائح إلى الله للتكفير وحمل خطايا الشعب كما ورد في سفر اللاويين وفي تعاليم الرسل في العهد الجديد. فالكاهن هنا يقوم بتتميم الأسرار المقدسة وكل الصلوات الليتورجية. وهو كأب روحى عليه أن يهتم برعاية شعبه، المحتاج منهم والمريض، ويهتم بإفتقادهم. فالمراسم والطقوس والممارسات في الكنيسة القبطية لاتتم بدون كاهن منها التناول أو الأفخارستيا والمعمودية التوبة والاعتراف والتثبيت أو(الميرون) وسر مسحة المرضى والزواج، والكهنوت (Priesthood) الذي يعد تاج الأسرار لأنه بدونه لا يمكن للكنيسة أن تستمر،ولا يمكن لأحد أن ينال مواهب الروح القدس،وهذا السر قد تأسس منذ البدء كباقي الأسرار المقدسة. وهنا نريد أن نرصد بعض مهام الكهنة في الكنيسة القبطية:
 
فالكاهن في الكنيسة القبطية مسئول عن التعليم فى كنيسته وعن سلامة التعليم داخلها.حيث ذكر ابن العسال في كتابه "المجموع الصفوى" قائلاً:"فليكن القسيس كالمعلم"وأيضًا" القساوسة عندكم معلمين لمعرفة الله وتقبلوا منهم كلام الأمانة المستقيمة والتعليم الصحيح الذي يبشرونكم به من جهتنا هكذا سلم إلينا الرب...".كذلك ورد بالكتاب المقدس قائلاً: "فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ."(مت 28: 19- 20).وللقسيس سلطان واحد أن يعلم  ويعمد ويقدس ويبارك الشعب ويحضر مع الأسقف في مجلس الحكم. 
 
 والكاهن في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عليه أن يتعلم  ويفهم الإنجيل، ويعيش الإنجيل، ويُعَلّم الإنجيل "لأَنَّ شَفَتَيِ الْكَاهِنِ تَحْفَظَانِ مَعْرِفَةً، وَمِنْ فَمِهِ يَطْلُبُونَ الشَّرِيعَةَ، لأَنَّهُ رَسُولُ رَبِّ الْجُنُودِ." (ملا 2: 7). وأيضًا عليه رعاية الضعفاء حتى يوصِّل رسالة الخلاص بطريقة مناسبة لكلّ إنسان حتى يتسنى له أن يريحهم للمسيح فورد بالكتاب المقدس قائلاً:"صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ، لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَال قَوْمًا." (1 كو 9: 22). وكذلك الكاهن هو الأمين لله والوكيل على وكالته "فَقَالَ الرَّبُّ:«فَمَنْ هُوَ الْوَكِيلُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الْعُلُوفَةَ فِي حِينِهَا؟" (لو 12: 42). 
 
  فيجب على الكاهن في الكنيسة القبيطة أن يكون مثالاً لمعلمه السيد المسيح وأن يتصف به، فلم يكن يسوع منتقداً ولا متكبراً بل كان لطيفاً متواضعاً حليماً.كان نهر للعطاء وينبوع للمياه التى ذكر عنها قائلاً:"وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ»." (يو 4: 14). ما أجمل العبارة التي قالها أحد الآباء عن مهمة الكاهن كمعلم لشعبه حيث ذكر قائلاً:"أنهار المياه الحيّة تنحدر من أحضان الثالوث القدوس لكي تروي العالم عبر الكاهن".
 
  ويجب أن يتصف الكاهن في الكنيسة القبيطة بصفة الحق. فالإنسان الصالح لايكون معلم الضلال والإنسان الشرير لا يستطيع أن يكون معلم الحق. وهذا خلاف ما يعتقده البعض من جواز أن تكون سيرة الإنسان رديئة مع صلاحه لأن يكون معلم الشعب الديني. كما ورد بالكتاب المقدس قائلاً:   "اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ." (لو 6: 45).كما أن الكاهن يبارك ولا يبارك عليه من هو دونه، ويقبل الاولوجية من جهة الأسقف ومن جهة شريكه القسيس ويضع يده على رؤوس الناس ولا يقسم احداً ولا يقطع ولايخرج من هو ناقص.
 
وهنا يجب علينا أن نذكر وصية القديس بولس الرسول في رسالته الأولى للقساوسة كما وردت عند ابن العسال في كتابه "المجموع الصفوى" حيث ذكر قائلاً:"أما القسوس الذيم فيكم فاني اطلب إليهم أنا القسيس شريكهم ارعوا رعية الله التى دفعت اليكم وتعاهدوها بذات الله لا بالمكاره ولكن بالمسرة، ولا بالروح الخبيث بل بقلب سليم، ولا كار باب الرهبة، بل كونوا مثل القطيع للرعية لكيماإذا ظهر رئيس الرعاة الأعظم تأخذون تاج التسبحة الذي لا يضمحل".