كتب – روماني صبري 
 
لطالما أحبت روسيا وكل دول الاتحاد السوفيتي قبل تفكيكه، كلاوس اميل فوكس، عالم الذرة الألماني والجاسوس، ونظرت إليه هذه الدول باحترام شديد، حيث كان نجح فوكس في إمداد المخابرات السوفيتية بالكثير من أسرار الأسلحة النووية، ومرد ذلك انه كان مؤمنا بالشيوعية فرأى بلاد الاتحاد السوفيتي هي وطنه الحقيقي وليست ألمانيا، رغم أن الاتحاد السوفييتي اصدر بيانا في 6 مارس 1950م ، نفى فيه تجنيد كلاوس فوكس لحسابه والذي كان اصدر في حقه حكما بالسجن 14 عاما ، قبل أسبوع واحد لتسريبه أسرار الأسلحة النووية للسوفيت.
 
البداية والمأساة الكبرى 
ولد كلاوس اميل فوكس، في 29 ديسمبر عام 1911 بمدينة روسلسهايم  الألمانية، وكان ثالث أربعة أطفال لكاهن لوثري اسمه إميل فوكس وزوجته إلسا فاجنير، مع مرور الوقت بات والده أستاذا في علم اللاهوت بجامعة لايبزيج، وعندما كان صبيا رأى مأساة عظيمة وذلك بموت جدته لأمه، وأمه وإحدى أخواته في حادث انتحار جماعي، حين أنهى دراسته الثانوية ارتاد بجامعة لايبتزغ ثم جامعة كيل، بعدها ظهرت ميوله السياسية حيث انضم إلى الحزب الديمقراطي الاجتماعي عام 1932 وفي ذلك الوقت كان نجم أدولف هتلر قد بدأ بالسطوع. 
 
وما لبث أن انشق عن حزبه في عام 1933 بسبب التهديدات التي كان يتعرض لها أعضاء الحزب الديمقراطي الاجتماعي من رجال الجستابو والحرس النازي.
 
كان متقد الذكاء 
في السر انضم إلى الحزب الشيوعي الألماني وتعرض للمراقبة والملاحقة من جديد لأن النازيين كانوا يناهضون الطروحات الشيوعية، هرب بعد ذلك إلى فرنسا ومنها إلى مدينة بريستول في بريطانيا،  وبسبب صفاء ذهنه وتفوقه الإدراكي الشخصي تمكن من الحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في الفيزياء من جامعة بريستول عام 1937 واهتم في بحوثه بعلوم الفيزياء النظرية والذرّة وسجل فيها نجاحا لافتا، وعمل بعد ذلك أستاذا في جامعة أدنبره.
 
ابن الشيوعية 
عرف فوكس جراء حبه للشيوعية بالفيزيائي النظري الألماني الجاسوس، حيت اتهم في عام 1950 بتقديم معلومات من مشروع مانهاتن الأمريكي والبريطاني والكندي إلى الاتحاد السوفيتي خلال فترة وجيزة بعد الحرب العالمية الثانية، وبعد قضائه 9 أعوام في أحد السجون البريطانية عاد إلى ألمانيا الشرقية حيث استأنف حياته المهنية كعالم فيزيائي، وخلال وجوده في مختبر لوس ألاموس الوطني، كان مسؤولا عن العديد من الحسابات النظرية الهامة المتعلقة بالأسلحة النووية الأولى وفيما بعد النماذج المبكرة للقنبلة الهيدروجينية.
 
تم اعتقاله بعد نشوب الحرب العالمية الثانية في أوروبا، في جزيرة آيل أوف مان ، وفي وقت لاحق في كندا، بعد عودته إلى بريطانيا في عام 1941، أصبح مساعدا لرودولف بيرلز، حيث عمل في برنامج "سبائك الأنابيب، وهو مشروع القنبلة الذرية البريطانية، بدأ بتمرير معلومات عن المشروع إلى الاتحاد السوفييتي من خلال روث كوتشينسكي التي تحمل الاسم الرمزي "سونيا" ، وهي شيوعية ألمانية و ضابط برتبة رائد في الاستخبارات العسكرية السوفيتية كانت تعمل مع عصابة الجاسوس ريتشارد سورج في الشرق الأقصى.
 
شهد عام 1943 ذهابه إلى جامعة كولومبيا، في مدينة نيويورك، للعمل في مشروع مانهاتن، في أغسطس من عام 1944، انضم إلى قسم الفيزياء النظرية في مختبر لوس ألاموس، الذي كان يعمل تحت قيادة هانز بيث، برع في فوكس مجال مشكلة الانبجار (عملية ميكانيكية)، وهي ضرورية لتطوير قنبلة البلوتونيوم،  بعد الحرب عاد إلى المملكة المتحدة وعمل في مؤسسة الطاقة الذرية البريطانية في هارويل كرئيس لقسم الفيزياء النظرية.
 
أنا جاسوس 
في عام 1950 اقر فوكس انه كان يعمل جاسوسا، فقضت محكمة بريطانية بسجنه 14 عاما كما قضت بتجريده من جنسيته البريطانية، أفرج عنه عام 1959، فقرر الذهاب إلى جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية)، وهناك انتخب في أكاديمية العلوم وأصبح عضوا في اللجنة المركزية لحزب الوحدة الاشتراكية في ألمانيا ، كما عين نائبا لمدير معهد الأبحاث النووية في روسندورف، وعام 1979 قرر التقاعد، وودع فوكس الحياة في 28 يناير عام 1988عن عمر 76 عاما.